انسحب حزبان كبيران من محادثات الأزمة السياسية في اليمن، أمس الاثنين، بعد أن قالا إنهما تلقيا «تهديدات» من جماعة الحوثيين التي أحكمت سيطرتها على السلطة في البلاد يوم الجمعة الماضي بإعلان بيان دستوري قضى بحل البرلمان وتشكيل مجلسين وطني ورئاسي مؤقت. وانسحب حزب التجمع اليمني للإصلاح، وحزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وكلاهما مكونان في ائتلاف اللقاء المشترك، من جولة المحادثات بعد دقائق على انطلاقها برعاية مبعوث الأمم المتحدة لليمن جمال بن عمر. وذكرت صحيفة الصحوة، لسان حال حزب الإصلاح، في رسالة نصية عبر الجوال، أن حزبي «الإصلاح» والتنظيم الناصري انسحبا من جلسة المحادثات «بسبب تهديدات (مهدي) المشاط»، وهو مدير مكتب زعيم الجماعة المسلحة، عبدالملك الحوثي.
وقال أمين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، عبدالله النعمان، إن المشاط «أراد فرض خيارات على المجتمعين بالقوة»، مضيفا في تصريحات لوسائل الإعلام: «مهدي المشاط يهدد باتخاذ إجراءات ضد من يقول رأي معارض للانقلاب». وأكد حزبه منسحب من المفاوضات «ما لم يتم التراجع عن الإعلان الدستوري» للحوثيين، الذين باتوا القوة السياسية والمسلحة الرئيسية في اليمن منذ اجتياحهم للعاصمة صنعاء أواخر سبتمبر وتمددهم لاحقاً إلى وسط وغرب البلاد. وكانت المحادثات استؤنفت صباح الاثنين بعد يومين من التوقف بسبب إعلان الحوثيين الذي تضمن حل البرلمان وتشكيل مجلس وطني بديل مكون من 551 عضواً ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء لإدارة شؤون البلاد خلال عامين، وهي الخطوة التي لاقت معارضة واسعة من غالبية القوى السياسية والشعبية في البلاد.
وأشار النعمان إلى أن المبعوث الأممي لم يعلن صراحة في خطابه الافتتاحي للمحادثات، عدم اعتراف الأمم المتحدة بشرعية الإعلان الدستوري، حسب اتفاق مسبق مع القوى السياسية التي قبلت باستئناف المشاورات. ودعا القوى السياسية إلى الانسحاب من الحوار الذي قال إنه «لا يقدم سوى غطاءً سياسيا لما يقوم به الانقلابيون على الواقع». وأضاف :»لا نقبل الحوار تحت التهديد»، مشددا على ضرورة إعادة تطبيع الحياة السياسية في البلاد من خلال سحب الميليشيات المسلحة وإلغاء قرار وزير الداخلية المعين من قبل الحوثيين بمنع المسيرات السلمية، ورفع الإقامة الجبرية على الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة، خالد بحاح.
وتعهدت القيادية في حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، رنا غانم، باللجوء لكل «الوسائل السلمية» لإسقاط البيان الدستوري للحوثيين، ومنها الحوار مع القوى السياسية الرافضة للبيان، فيما دعا الناشط والمحامي اليمني، علي البخيتي، الذي استقال من جماعة الحوثيين مؤخرا، إلى تشكيل جبهة وطنية موسعة لإجهاض «الانقلاب».
واختطف المسلحون الحوثيون، أمس الاثنين، صحفياً يمنياً مناهضاً للجماعة في مدينة ذمار، وأربعة عاملين في صحيفة «أخبار اليوم» التي اقتحمت الجماعة مقرها الرئيسي في صنعاء يوم الجمعة الماضي. وقالت نقابة الصحفيين اليمنيين في بيان أن مسلحين حوثيين خطفوا الصحفي، سام الغباري، الذي اشتهر في الآونة الأخيرة بمناهضة الجماعة المسلحة، من داخل منزله في مدينة ذمار، مشيرة إلى أن مصير الصحفي الغباري لا يزال مجهولا. وأعلن حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يرأسه الرئيس السابق علي صالح، عدم مشاركته في المجلس الوطني، الذي أعلنه الحوثيون بديلاً عن البرلمان المنحل الذي يمتلك حزب صالح غالبيته مقاعده الـ301. وبدأت أمس الاثنين في مقر البرلمان عملية استقبال طلبات النواب للانضمام للمجلس الوطني، استجابة لدعوة اللجنة الثورية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية التي أصبحت سياستها الإعلامية خاضعة لسلطة الحوثيين.
وقال موقع إخباري يهتم بشؤون البرلمان اليمني، إن 12 نائباً قدموا طلبات للانضمام للمجلس الوطني بينهم 10 من حزب الرئيس السابق الذي أكدت كلته البرلمانية في اجتماع استثنائي عقدته، الاثنين، التزامها بقرار قيادة الحزب الرافض للبيان الدستوري للجماعة الحوثية. وذكرت أنها في «حالة انعقاد مستمرة لمتابعة التطورات في البلاد».
إلى ذلك، دعا محافظو ثلاث محافظات جنوبية منضوية فيما يسمى بإقليم عدن، عقب اجتماع ضمهم في مدينة عدن، أمس، إلى عقد اجتماع موسع للمحافظات الجنوبية والشمالية الرافضة للانقلاب الحوثي الأسبوع المقبل في عدن، كبرى مدن الجنوب اليمني المضطرب منذ سنوات على وقع احتجاجات انفصالية. وذكرت مصادر محلية في عدن لـ«الاتحاد» إن محافظي محافظات عدن، أبين، ولحج، أقروا الدعوة إلى انعقاد اجتماع موسع لمحافظي المحافظات الرافضة للانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن الدعوة تتضمن أيضاً المحافظات الشمالية والشرقية والوسطى المناهضة للبيان الدستوري للجماعة المتمردة.
وأوضحت المصادر أن الاجتماع الموسع سيكون «تاريخياً»، وسيتخذ إجراءات عملية ضد «الانقلاب الحوثي». وأعلنت محافظات في وسط وشرق اليمن معارضتها للهيمنة الحوثية ودعت إلى قطع الاتصال بالعاصمة صنعاء، التي باتت «عاصمة محتلة». وقال نائب محافظ مأرب (شرق) عبدالواحد نمران لوكالة فرانس برس إن شيوخ القبائل السنية تعارض بقوة الإعلان الدستوري و«يتشاورون حول سبل مواجهة أي تطورات».
الاتحاد