تتمتع المؤسسات المحلية الإماراتية المعنية بتقديم دعم للفقراء والمحتاجين الذين يعيشون على أرض الدولة بطابعها الشفاف وحركتها النورانية، وما تتسم به من خصائص جوهرية في مجالات التعليم والصحة ورعاية الأيتام، وتقديم الدعم لجميع المحتاجين، حتى أضحت هذه الفئة التي تعيش على أرض الخير في نعيم مقيم، إذ قدمت مؤسسات البر والعطاء الإنساني لها الوصفة السحرية للعيش بشكل مستقر عبر الدعم المادي والعيني كجرعات مكثفة تمد الأيتام والفقراء والمرضى بأسباب الحياة وتقيهم تقلبات الزمن، فوفرت هذه المؤسسات النفقات اليومية والاحتياجات الضرورية وأمنت لمستحقي الدعم مستقبلاً صحياً وبيئة ملائمة داخل المجتمع. () أكملت المشاهد الحية الموجزة عن الفيض الغامر الذي بسطته الإمارات على رقعة حياة المحتاجين في الداخل والخارج.
يؤكد مدير عام جمعية «بيت الخير» في دبي عابدين طاهر العوضي أن المساعدات في «بيت الخير» تنقسم إلى مساعدات شهرية، وأخرى طارئة للأسر التي تعاني أزمة ناتجة عن وطأة ضغوطات الحياة، فتقدم الجمعية مبالغ مالية أو مساعدات عينية على حسب الحاجة، وتساعد الجمعية سنوياً ما يزيد على 25 ألف أسرة وحالة طارئة، وبين أن الجمعية تساعد بشكل أساسي المواطنين من ذوي الدخل المحدود، ومن المقيمين على هذه الأرض الطيبة بعد دراسة مصادر دخل الأسر، ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة مثل الزيارة الميدانية للوقوف على وضع الحالة المعيشية، ويقوم فريق عمل من الباحثات المتابعات للحالة باقتراح حجم ونوع المساعدة.
وبالنسبة لعدد الأسر المستفيدة من الدعم يوضح العوضي أنه يصل لما يزيد على 5500 أسرة مواطنة تتقاضى مساعدات بشكل شهري لأفرادها كافة ما لم يجد أحدهم عملاً أو مصدراً جديداً للدخل، فعند ذلك يعاد تقييم ملف الأسرة، فإن لم تعد بحاجة، توجه المساعدة لمن هم أكثر حاجة، وتقرر المساعدات الشهرية بناء على نتائج لجان البحث الاجتماعي المكتبي والميداني، مشيراً إلى أنه غالباً ما تتوجه الجمعية لدعم الأسر التي يكون متوسط الدخل فيها للفرد الواحد أقل من ألف درهم، ويشمل هذا أيضاً الأرامل والمطلقات وأسر المساجين والأيتام وذوي الدخل المحدود وذوي الاحتياجات الخاصة.
ويذكر أن الجمعية أنفقت خلال 25 عاماً من مسيرتها التي بدأت عام 1989 ملياراً ومئة مليون درهم، معظمها ذهب للأسر المتعففة ومحدودة الدخل، وبما فيها أسر الأيتام وأسر السجناء وأسر ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي السنوات الأخيرة زادت وتيرة الإنفاق على هذه الأسر والحالات، وفي عام 2012 أنفقت الجمعية 145 مليون درهم، استفادت منها 65448 أسرة وحالة، وفي عام 2013 أنفقت 151 مليون درهم، استفادت منها 62408 حالة، وحسب النتائج الأولية لحصاد العام المنصرم، من المتوقع أن يصل الإنفاق إلى أكثر من 170 مليون درهم، بعدد حالات يصل إلى 62064 أسرة وحالة. مشيراً إلى أن هناك مساعدات نقدية شهرية، تحول للمستفيدين بموجب بطاقات بنكية معتمدة، توفر للأسرة دخلاً ثابتاً يفي باحتياجاتها، ولدى الجمعية ملفات مدروسة وبيانات موثقة لما يزيد على 37 ألف أسرة وحالة.
وأوضح أسعد محمد الزرعوني، رئيس قسم المساعدات في جمعية الشارقة الخيرية، أن إجمالي كلفة مشاريع الجمعية داخل الدولة بلغ أكثر من 114 مليون درهم في العام الماضي، وتنقسم المساعدات إلى أقسام عدة، منها الشهرية والمقطوعة والموسمية، بخلاف تلك التي يتم توزيعها من خلال مقر الجمعية الرئيس بإمارة الشارقة وفروعها المختلفة، حيث قدمت الجمعية مساعدات شهرية في صورة رواتب شهرية للأسر المتعففة، كما وفر القسم بالتعاون مع إدارة المنشآت الإصلاحية والعقابية بشرطة الشارقة تذاكر سفر للسجناء المبعدين عن الدولة والكثير من الحالات التي تحتاج لمساعدات صحية وحالات الولادة، إضافة إلى مساعدات قدمت لبعض الأسر لغرض صيانة منازلها.
ويضيف أن للجمعية استهدفت 1423 طالباً من المدارس، وقدمت لهم مساعدات مادية بلغت قرابة 6 ملايين درهم، بينما بلغ إجمالي ما أنفقته الجمعية على مشروع لجنة جامعة الشارقة، في إطار ما تقدمه الجمعية لطلاب الجامعة المتعثرين في تسديد رسوم الدراسة، قرابة مليون و756 ألفاً و420 درهماً، وذلك من خلال التنسيق مع جامعة الشارقة، للوصول إلى الحالات الأكثر احتياجاً، لمساعدتهم في إتمام مراحلهم التعليمة، وبلغت حد الاستفادة من هذا المشروع 479 أسرة على مستوى الإمارة.
ويرى راشد مبارك المنصوري، نائب الأمين العام للشؤون المحلية في هيئة الهلال الأحمر، أن جهود الهيئة الإنسانية تكللت على الساحة المحلية بتحقيق انتشار أوسع وطفرة كبيرة في مستوى الخدمات التي تقدمها للمستهدفين داخل الدولة، وتعمل الهيئة على تعزيز جانب المساعدات المحلية وإعطائها الأولوية ضمن خططها و استراتيجياتها في المجال الإنساني، ومضت الهيئة قدماً في ترقية وتطوير برامجها على ساحتها المحلية، وأن تتواصل دائماً مع الأسر المتعففة وأصحاب الدخل المحدود لتوفير متطلباتهم ومساندتهم على مواجهة الأعباء المعيشية المتزايدة في عدد من المجالات الحيوية، مثل الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وغيرها.
وذكر أن قيمة البرامج المحلية للهيئة خلال السنوات الماضية بلغت 541 مليوناً و142 ألفاً و807 دراهم، استفاد منها نحو مليون و541 ألفاً و734 أسرة على مستوى الدولة، في مجالات عدة، منها المساعدات الطبية وتعليمية، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ومساعدة السجناء، ودعم المؤسسات.
أوضح عبدالله علي بن زايد، المدير التنفيذي لجمعية دار البر، أن قيمة مصروفات الزكاة بالجمعية خلال السنوات الخمس الأخيرة بلغت أكثر من 223 مليون درهم، حيث تعتمد الجمعية في توزيع الزكاة لمستحقيها من المحتاجين والفقراء على نظام إداري واضح ووفق منهجيات وآليات عمل وإجراءات دقيقة تسير عليها اللجان البحثية في إدارة الزكاة والمشاريع الموسمية لضمان وصول الأموال لمستحقيها ومن خلال مستندات محددة وبحسب المصارف الشرعية، حيث بلغ حجم المصروفات لمستحقي الزكاة خلال السنوات الخمس الأخيرة منذ 2010 إلى 2014م أكثر من 223مليون درهم، استفاد منها أكثر من 47 ألف شخص.
وتعددت مشاريع الجمعية داخل الدولة وخارجها، حيث تقوم الجمعية بتنفيذ العديد من المشروعات الموسمية داخل الدولة، مثل مشروع الصيف الذي يهدف إلى توزيع أجهزة التكييف والثلاجات على الأسر المحتاجة، ومشروع إطعام الطعام لتوفيره للمحتاجين، واستفاد منه خلال السنوات الخمس الأخيرة قرابة 356 ألف شخص، بتكلفة تجاوزت 4 ملايين درهم، بالإضافة إلى علاج المرضى بتسديد التكاليف العلاجية أو المساهمة فيها، وتجاوز حجم المساعدات المرضية خلال السنوات الخمس الأخيرة 73 مليون درهم، استفاد منها 4025 شخصاً، كما تنفذ الجمعية ضمن مشاريعها الموسمية مشروع الحقيبة المدرسية للطلاب.
أشار عبد العزيز عبدالله الزعابي، عضو المجلس الوطني الاتحادي، إلى أن الجمعيات الخيرية في الدولة منتشرة بشكل واسع، وتشمل مساعداتها جميع المواطنين والمقيمين في الدولة من المحتاجين من دون استثناء، وفي إطار إلتزامها المتواصل ببرامجها للمسؤولية الاجتماعية تواصل الجمعيات الخيري دعمها لجميع الأفراد والأسر، وتؤدي دوراً مهماً في تخفيف العبء عن المحتاجين وإعفاء المحتاجين السؤال، كما أنها تسعى لتعزيز أنشطتها على الصعيد المحلي لتطوير وتنمية العملالاجتماعي، وتشمل مساعداتها الرسوم الدراسية والعلاج والزكاة والرواتب الشهرية لبعض الأسر المحتاجة.
ويعتبر الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، أن الجمعيات الخيرية هي همزة وصل بين المتصدقين والمحتاجين، فهي وكيلة للمتبرعين بالتسليم من المتبرعين للمحتاجين ووكيلة للمحتاجين بالاستلام لهم، والوكيل الأصل فيه الأمانة استلاما وتسلماً، وإن كان الوكيل يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فله أجر عظيم، لأنه دال على الخير ومعين عليه، والله تعالى يقول: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الدال على الخير كفاعله)، وفي الحديث الصحيح: (إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة فلها أجرها بما أنفقت ًلزوجها بما اكتسب والخادم مثل ذلك)، والجميع مشترك في الأجر، فهذا فضل الله تعالى الذي يتفضل به على عباده المحسنين، ومعلوم أن المحسنين قد لا يستطيعون الوصول إلى المحتاجين بأنفسهم، فكانت هذه الجمعيات الخيرية ميسرة لهم ذلك، كما أن الفقراء قد لا يستطيعون الوصول إلى المحسنين، فكانت الجمعيات سبيلة للوصول إليهم من غير أن يمتهنوا أنفسهم بذل المسألة، وإراقة المحيا. لذلك ينبغي الاعتناء بهذه الجمعيات من حيث التنظيم والرقابة حتى تؤدي دورها بشكل مطلوب، ولأن لا يخطئ المحسن الهدف فقد تكون تبعة ذلك غير حميدة، والدولة رعاها الله تشجع الجمعيات وتبذل لها الكثير لتسيير عملها على النحو المطلوب، لأن الجمعيات من ذوات النفع العام في المجتمع التي ينبغي الاعتناء بها والحرص على سلامة منهجها، وهذا باب كبير يصل إلى كل ذي حاجة من غير إلحاف في المسألة أو إعانة للمسؤول.
بالتنسيق مع مؤسسة الإمارات الإخبارية نفذت جمعية الشارقة الخيرية مشروع برق الخير الذي بلغت تكلفته مليوناً و146 ألف درهم، وشمل 20 أسرة فقيرة، قُدمت لها رعاية كاملة من علاج حالات مرضية وإجراء جراحات، وشراء أجهزة طبية وكراسي متحركة لمن يعانون أمراضاً مزمنة تعيقهم عن مواصلة حياتهم بشكل طبيعي، وفي إطار مشروع الإنهاك الحراري قامت الجمعية بالتنبيه على العاملين داخل الدولة بمخاطر الإنهاك الحراري، والذين تتطلب ظروف عملهم التعرض المباشر لأشعة الشمس. كما شمل المشروع نفسه توصيل عدد360 جهازاً كهربائياً، بقيمة بلغت 375 ألف درهم.
أهم برامج جمعية بيت الخير «برنامج الأسر المتعففة»، يليه «برنامج الأيتام» الذين يبلغ عددهم نحو 2000 يتيم، ترعاهم الجمعية شهرياً، من خلال مشروعين داعمين، هما: «مشروع كفالة يتيم» و «رعاية الأيتام»، ومشروع صندوق الأيتام، وهناك «برنامج الطالب» الذي يقدم الدعم لحوالي 18 ألف طالب، ويتكون من مشروع «القرطاسية»، ومشروع «تيسير» للطلبة الجامعيين. ولدى الجمعية برنامج الصدقة الجارية، التي يتكون منها مشروع الوقف الخيري، وهناك مشروع «صيانة منزل» لمن يحتاج من الأسر المسجلة، ومشروع «المستلزمات المنزلية الأساسية»، وهناك مشاريع موسمية مثل زكاة المال وزكاة الفطر والمير الرمضاني والعيدية والأضاحي، وهناك مشاريع أخرى كمشروع الغارمين ومشروع «علاج» لمساعدة المرضى ومشروع «قديمكم جديدهم» الذي يقضي بجمع الملابس القديمة، وبيعها للشركات المتخصصة، وتحويل ثمنها إلى كوبونات تشتري الأسر المحتاجة بموجبها ملابس جديدة.
الاتحاد