نورة السويدي

لا شك أن من أنجح التجارب الاجتماعية التي قدمتها دولة الإمارات وأبرز معاركها التنموية تلك التي خاضتها مع المرأة، ونقلها من ظلمة التخلف والأمية والجهل إلى نور العلم والعطاء والتميز، بل والحضور المحلي والإقليمي والعالمي، وهو إنجاز رسمت خطته الأولى أصابع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
حيث لخصت ذلك سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، حين قالت يوماً: «لقد وقف المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، رحمه الله، من اليوم الأول للاتحاد.. ليضرب بمعاول الهدم كل جدران التخلف.. ووقف في وجه المغالاة في الحفاظ على التقاليد البالية التي تبتعد ابتعاداً كبيراً عن سمات شريعتنا الإسلامية وعقيدتنا السمحاء..
ولذلك فقد أصر سموه على إحداث التغيير الاجتماعي في البلاد.. ووافقه في ذلك إخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات.. ولم يكن من الممكن إحداث التغيير الاجتماعي في رأيه بدون النهوض بالمرأة وخروجها إلى الحياة العامة من دون الإخلال بالتقاليد العربية الأصيلة».
ولا شك أيضاً أن هذه الغراس الكريمة في التأسيس والتمكين المتين قد وجدت من يرعاها حق رعايتها في قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد أل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي انتقل بسفينة الدولة إلى مرحلة التمكين، وقدم للمرأة كل السبل الكفيلة بضمان حضورها ونجاحها وارتقاء واجبها المجتمعي.
إلا أن العلامة البيضاء الناصعة في هذا المجال تلك التي صنعتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حيث وضعت كل ثقلها وأسست لجميع البرامج الضامنة لانطلاقة المرأة الإماراتية بل والعربية، حتى حظيت بالتقدير العالمي الكبير.
ونحن على أعتاب الاحتفال العالمي بيوم المرأة خلال الأسبوع المقبل، يحق بل يجب على كل امرأة إماراتية أن تذكر بالفضل والعطاء أيادي «أم الإمارات» وحرصها الدؤوب على تذليل العقبات أمام خروج ابنة الإمارات للعالم، وتقديم التجربة الإماراتية مقرونة بالمحافظة على التقاليد والأصالة والتراث.
فمنذ العلم 1975 أسهمت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك في دعم الفعاليات المجتمعية وتولت سموها الرئاسة الفخرية للعديد من المؤسسات، كما رعت الكثير من المؤتمرات والندوات واللقاءات المحلية والإقليمية، وشجعت الاتحاد النسائي العام على المشاركة بشكل فاعل في المؤتمرات الدولية.
فضلاً عن تبنيها للعديد من المبادرات والمشروعات التي من شأنها تمكين المرأة محلياً وإقليمياً ودولياً، وأسهمت سموها في تأسيس شبكة المرأة العربية في بلاد المهجر، وترعى جائزة المرأة العربية في العلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية، وهي مواقف يعرفها القاصي والداني.
ربما تكون شهادتنا في جهود سموها وأياديها البيضاء مجروحة، لأننا إماراتيات ونحن أبرز المستهدفات من خطط التنمية التي قادتها سموها، إلا أن كبرى المنظمات العالمية أشادت بمواقف الشيخة فاطمة لأنهم يرون حجم الإنجاز مقارنة بعمر العمل المجتمعي في ظل الدولة، وهي إنجازات تشي بأن عمرها قرون لا سنوات.
يوم المرأة العالمية هو يوم التذكير بما حققته على شتى الصعد وعلى امتداد مسيرتها الإنسانية، وهو عندنا يحمل نكهة التحدي الأصيل في سرعة النهوض الاجتماعي والتآزر بين فئاته لتقديم نموذج إماراتي ناضج لايزال يثبت للعالم وعي المرأة بمسؤولياتها وقدرتها على مواكبة متطلبات النهضة دون التفريط بثوابت القيم، محروسة بقيادة واثقة بقدرة أبنائها على تقديم الرسالة التي تليق بدولتنا.
– البيان