نورة السويدي
أمام أكثر من ألف شخصية عالمية من صناع السياسات ورواد الابتكار من 50 دولة التأم جمعهم مؤخراً في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية لم يجد الحاضرون بداً من الإشادة بعالمية التجربة الإماراتية في مجال الابتكار الحكومي..
ولم يُخفِ المشاركون رغبتهم في التعرف على تجربة الإمارات كدولة رائدة في هذا المجال على مستوى المنطقة، في تقدير عالمي واضح للخطى التي اتخذتها قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وحكومتنا المبدعة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، اللذان وضعا نصب عينيهما ريادة العالم في صناعة المستقبل والإبداع في الحاضر. مرحباً بالعالم على مائدة الإمارات التي وضعت حكومتها في قمة أهدافها إسعاد الناس والوصول إليهم بالخدمات قبل أن يسعوا هم إلى أبواب الوزارات..
بل جعلت مؤسساتها تتنافس فيما بينها في إبداع كل ما فيه خير للمواطنين والمقيمين، لتغدو الحياة أوسع والمعيشة أهنأ، فها هنا حكومة نشهد لها بأنها ترى في نفسها أنها وجدت لخدمة شعبها وجعلت سعادة مواطنيها هدفها الأسمى، وملأت مسيرة عملها بالجهود الكبيرة لتطوير وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية عبر إكساب كوادرها من المسؤولين والموظفين وجميع العاملين المزيد من المعارف والخبرات، وتشديد الرقابة الذاتية والشفافية الإدارية والمتابعة الحثيثة للوصول إلى تحقيق الكفاءة والريادة في تقديم الخدمات الحكومية..
ولا عجب بعد ذلك أن تكون الإمارات الرائدة إقليمياً على مؤشرات تقارير السعادة العالمية، وهي لذلك واحد من أفضل الأماكن للعيش والعمل والاستقرار والأمن المجتمعي والمساواة بين المواطنين والمقيمين في الحقوق والواجبات، كما حصدت المركز الأول على مستوى العالم في مؤشر الثقة بالحكومة وحالة الاقتصاد والابتكار، وجاء أبدع وصف لجهودنا على لسان مؤسسة «إيدلمان» الأميركية، التي تخصصت في قياس الثقة بالحكومات والابتكار منذ ما يقرب من 15 عاماً، حيث وصف تقرير صادر عنها «دولة الإمارات بأنها الدولة التي تؤمن بالابتكار وسيلة أساسية، لتحقيق التنمية..
وزيادة القدرة التنافسية»، ولم يكن مستغرباً أن تجعل الإمارات من العام 2015 عاماً للإبداع والابتكار، وتستثير كوامن الأفكار الخلاقة بين صفوف القطاعات الحكومية على اختلافها. غير أن المسألة لا تقتصر على وجود رغبة كبيرة لدى الموظفين الحكوميين في الإبداع والتميز فحسب، بل لا بد في الجانب الآخر من وجود مؤسسات وإدارات مواكبة بل وسابقة لجهود الإبداع المتنامية بين الموظفين..
فالإدارة المترهلة الخاملة التي تؤمن بأن التغيير لا يجب إلا عندما تقع الأزمات وتتعثر مسيرة المؤسسة التي يديرونها هي إدارة ميتة تنتظر خبر نعيها بين الحين والآخر، ولو كانت تسير بانتظام وتبدو كهيئة المتعافين. والإدارة التي لا ترى لها مكاناً بين أفكار موظفيها ولا تشاركهم نظرتهم المستقبلية وتمنحهم الثقة فيما يحلمون به من فضاءات التطوير والإبداع، هي عقبة وعثرة أكثر منها إدارة قائدة وموجهة، لأن بيئة الابتكار لا تقل أهمية عن الأفكار المبدعة التي نطمح إليها في العمل الحكومي.
إن المكانة التي حازتها دولتنا المباركة في العمل والجودة والإبداع والتميز هي حصيلة جهود قيادة مخلصة تصل الليل بالنهار لخدمة أبنائها، وثمرة أعمال رائدة لكوادر تضع هم الوطن في قمة أولوياتها، وهي في الوقت نفسه أمانة ومسؤولية أمام الأجيال لا بد من صيانتها وزيادة رفعتها، ولا مكان مستقبلاً لمن لا يؤمن بأهمية هذه الأمانة، ولا مستقبل لأي إدارة تعيش في دوامة فكرة «ليس بالإمكان أبدع مما كان».
– البيان