نورة السويدي
«نحن في دولة تؤمن بأن الإنسان فوق كل قيمة، وعليه لابد أن تقوم كافة الجهات الحكومية بدورها الملقى على عاتقها لضمان رفاهيته وتوفير احتياجاته، وهو ما تؤكد عليه قيادتنا الرشيدة التي أوجدت تلك الجهات وحملتها مسؤولية الاهتمام بالأسر وأفرادها على هذه الأرض الطيبة»..
بهذه الكلمات لخّصت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، نهج الإمارات في مقومات نهضتها وركيزة البنيان الأساسي الذي قام عليه حراكها الحضاري وتمكينها لأفراد المجتمع، ذكوراً وإناثاً، كباراً وصغاراً.
نهج مكين يقوم على إعلاء شأن الإنسان، وترسيخ مكانة الأسرة فهي العمود الأول الذي يستقيم عليه المجتمع ويبني رفعته من خلاله، ولذلك أكدت سموها نهج القيادة الرشيدة في التعامل مع الأسرة من خلال العمل الدؤوب على حل مشكلاتها ومعالجة قضاياها لتحقيق استقرارها على النحو الذي يضمن رفاهيتها..
ويذلل الصعاب ويعزز دورها باعتبارها النواة الأولى والأساسية في بناء المجتمع، وإنتاج أفراد أصحاء قادرين على تنمية ذواتهم والارتقاء بها ومواجهة المستقبل وخدمة مجتمعهم الذي ينتمون إليه.
ومن خلال هذه المنطلقات استطاعت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفر اسمها راسخاً في ضمير الأسرة عربياً وعالمياً لأنها منطلقات إنسانية، يقف أمامها العالم مقدراً ويثني على رقي طموحها كونه يتعامل مع كرامة الإنسان أولاً، ثم إنه يبني في الأسرة التي تعد بلا أدنى شك حاضنة التغييرات الاجتماعية، بشقيها الإيجابي والسلبي، فإذا استقرت الأسرة استقر المجتمع وإذا اضطربت كان الاضطراب الاجتماعي والفوضى.
وقد أكدت سموها هذا المبدأ بوضوح معللة اهتمامها بالأسرة فقالت: «إن استقرار الأسرة العربية هو أساس لاستقرار المجتمعات العربية ونشر السلام بدلاً من العنف والفوضى»، مشيرة سموها إلى أن تعميق أواصر التعاون بين الشعوب، يبدأ من الأسرة التي هي اللبنة الأولى للمجتمع وبناء الدول والإنسان الصالح فيها.
وها هنا حقيقة لا بد من إعادة القول فيها كل حين لترسيخها في ضمير الشعوب، وهي أن الدور الأكبر لتلافي الاضطرابات الاجتماعية والفوضى الأخلاقية، بل حتى التشغيبات الفكرية المؤدية إلى التطرف والإرهاب يبدأ من الأسرة وكيفية البناء الفكري الذي تحرص على تكوينه في أفرادها وأبنائها..
فالأسر القائمة في منهجها التربوي على القمع والضغط وسيطرة الكلمة الواحدة للأب أو الأم والقامعة لأي محاولة لتبادل الرأي من الأبناء أو الاستماع لوجهات نظرهم في الحياة..
أو على أقل تقدير الاقتراب منهم لمعرفة همومهم وهواجسهم، مثل هذه الأسر تعتبر حواضن خصبة لإنتاج الفكر المتطرف مستقبلاً حين يشتمّ الشاب شيئاً من الاستقلالية عن سطوة هذا الأب أو الأم، بل يعتقد أن الحياة لا تقوم على مبدأ الحوار ولكنها تبسط يديها للأقوى والأصلب مهما كان رأيه.
بينما في الطرف الآخر حين تكون الأسر مفتوحة الآفاق على أبنائها وتصغي لما ينمو في عقولهم من أفكار بحرية تبادل الرأي تستطيع يوماً ما أن تكون مراكز لتنوير المجتمع عبر أبنائها دون شك.
هذه الأفكار ليست مثالية ولا سطحية ويعرفها كل من يعمل في الشأن الاجتماعي، ويلحظ في كثير من الأحيان أن مشكلة بعض الشباب المتطرف قبل أن تكون فكرية هي مشكلة تربوية، جذورها سيادة مبدأ القمع، وما ينجم عن ذلك من بناء الشخصيات المهزوزة البنية، وهو ما نلمس آثاره كل يوم في بعض المجتمعات.
إن اهتمام الشيخة فاطمة بنت مبارك بالأسرة هو اهتمام بالمجتمع، وانتزاع القنابل الاجتماعية الموقوتة التي قد تزرعها بعض الأسر بيننا، وهي تعلم سموها أن البناء في الأسر هو بناء في المستقبل.
– البيان