اقترح عضو المجلس الوطني الاتحادي، علي عيسى النعيمي، إنشاء هيئة اتحادية للرقابة على الغذاء والدواء، على خلفية إشكالية التنسيق حول البطيخ الإيراني المثقوب، أخيراً، والتي استغرق الإعلان عن نتائج المختبرات فيها نحو ثلاثة أيام، مشيراً إلى أنه سبق أن تقدم بهذا المقترح إلى المجلس خلال العام الماضي ولم يُبت فيه.
فيما أبدى رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والمرافق في المجلس، أحمد عبيد المنصوري، مخاوفه من «اهتزاز ثقة المستهلكين بمدى صرامة مواجهة عمليات الغش في السلع الغذائية الأساسية، وبطء رد الفعل من قبل الجهات الاتحادية المعنية بمواجهة الشائعات حول الغذاء، خصوصاً عبر وسائط التواصل الاجتماعي».
اعتبر وزير البيئة والمياه الدكتور راشد أحمد بن فهد، أن «الدولة لديها سجل حافل، ومرجعية عالمية في الأنظمة واللوائح المطبقة، فضلاً عن التشريعات التي يتم تحديثها باستمرار في ما يتعلق بعمليات التدقيق على أنظمة السلامة الغذائية، كما أن هناك لجنة وطنية لسلامة الأغذية تملك إمكانات وتقنيات متقدمة للكشف على السلع وإجراء الفحوص اللازمة».
وكانت شائعات سرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول أن البطيخ الإيراني المثقوب يصيب من يستهلكه بأمراض، فيما أعلنت وزارة البيئة والمياه الأسبوع الماضي خلو ثمار البطيخ التي خضعت لفحوص في مختبراتها، ومختبر مجلس أبوظبي للجودة والمطابقة، من أي ملوثات ميكروبية أو كيميائية أو متبقيات مبيدات أو معادن ثقيلة، وخلوها أيضاً من التلوث الإشعاعي، موضحة أن الثقوب التي وجدت في ثمار البطيخ ليست إلا آثار ناتجة عن إصابة حشرية حسب الفحص الظاهري الذي تم إعلانه مسبقاً.
وقال وزير البيئة والمياه، الدكتور راشد أحمد بن فهد، تحت قبة المجلس في وقت سابق، إن «القوانين المحلية المعنية باستيراد وتداول السلع الغذائية في الأسواق تتوافق مع التشريعات العالمية، وتخضع باستمرار لعمليات تحديث، كما أن معظم اشتراطات المراقبة موجودة وتنفذ بدقة وإحكام».
وتفصيلاً، قال مقرر اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس الوطني الاتحادي، علي عيسى النعيمي، إنه «لو تم تنفيذ مقترح إنشاء هيئة اتحادية للرقابة على الغذاء كان سيحل العديد من الإشكاليات الرقابية على المستوى الاتحادي، لأن وجودها يوحد الأطر الرقابية والتنسيقية المتبعة، ويخفف الضغط عن وزارة البيئة والمياه».
وأوضح أن «التنسيق بين الشأنين الاتحادي والمحلي سيتمثل في وضع التشريعات والتنسيق مع الدوائر المحلية المعنية بالرقابة والضبط، مثل البلديات، إضافة إلى زيادة أعداد المفتشين الميدانيين لتغطية السوق بصورة كافية، وألا يتم الاعتماد على عينات عشوائية فقط».
وذكر النعيمي أن «المستهلك لديه ثقة جيدة بأداء المؤسسات الرقابية، كما نتميز بالشفافية، ونحن من أوائل الدول التي تحفز قطاع الخدمات، ونقدم في سبيل ذلك تسهيلات كثيرة، لكن يهمنا أيضاً أن يجرى مزيد من الضبط والصرامة في مواجهة مثل هذه المشكلات التي تتعلق بالغذاء».
إلى ذلك، قال رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والمرافق في المجلس، أحمد عبيد المنصوري، لـ«الإمارات اليوم»: «بين الحين والآخر تهتز ثقة المستهلك ببعض الأغذية المتداولة، فيما يترك المجال الرقابي لدوائر عدة على مستوى الدولة، ورغم ذلك لا نحصل على رد فعل سريع من قبل هذه الجهات لطمأنة المستهلكين»، مضيفاً: «ليس مهماً أن يخضع الأمر لوزارة اتحادية أو جهة محلية، إنما المهم توفير مواصفات واضحة للسلع الغذائية المتداولة في الأسواق».
وتابع: «لدينا فرصة لنتعلم من الدرس، وعلى المسؤولين ألا يتحججوا بالصلاحيات، ولدينا مثال مهم ينبغي الإشارة إليه في مثل هذه الأشياء الجماهيرية، مثل جريمة (شبح الريم) في أبوظبي، التي لاقت استجابة سريعة جداً من قبل وزارة الداخلية، التي عقدت مؤتمراً صحافياً مستعجلاً لعرض تطورات الأمر، وبث روح الطمأنينة في المجتمع».
واعتبر مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، الدكتور هاشم النعيمي، أن «حماية المستهلك فعّلت مبادرة للتواصل مع الجمهور في ما يتعلق بمشكلات الاستهلاك، سمتها (المستهلك المراقب)، وخصصت لذلك رقماً مجانياً للتواصل المباشر مع فريق استقبال الشكاوى والملاحظات»، مشيراً إلى أن «الوزارة تهيب بالمستهلكين الذين يلاحظون أية مخاطر في أي سلع غذائية متداولة في الأسواق إبلاغ الإدارة فوراً، ونحن في الوزارة نحيل القضية مباشرة إلى الجهات ذات الاختصاص في طريقة متقدمة من التعاون بين الجهات الحكومية في الدولة».
وقال النعيمي: «الوزارة أو اللجنة العليا لحماية المستهلك أو إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد ليس لديها مختبرات لفحص عينات غذائية، كون هذا الأمر من اختصاصات جهات أخرى يجرى التنسيق بينها من خلال اللجنة العليا لسلامة الغذاء والبلديات والأجهزة الرقابية الأخرى، وهذا الدور ليس منوطاً بالوزارة من الأساس».
وأفاد المتحدث باسم جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، محمد جلال الريسي، بأن «المستهلكين في أبوظبي ليس لديهم شكوك في السلع الغذائية المتداولة في أسواق الإمارة، وهم على ثقة كبيرة بالجهاز الرقابي، الذي يتخذ إجراءات عدة لضمان سلامة المنتجات قبل وصولها إليهم».
وأضاف أن «الجهاز يطبق أكثر من إجراء لفحص سلامة الأغذية، ويجمع عينات عشوائية من منافذ البيع والمنافذ الجمركية، والمخازن، إضافة إلى التفتيش المفاجئ على السيارات التي تحمل أغذية وتسير في شوارع الإمارة، وغالباً يتم ذلك دون إعلان عنه، لضمان عدم إرباك المستهلكين».
وقال الريسي: «ننسق مع الشبكة الدولية للمؤسسات المعنية بالرقابة على الأغذية، وتصلنا باستمرار رسائل تحذيرية من وجود منتجات وسلع مشكوك في سلامتها، ونتتبعها إذا وجدت داخل أسواق الإمارة».
من جهته، أكد مدير إدارة الاستخبارات الجمركية في جمارك دبي، طلال العبدولي، أن «مفتشي الإدارة ينسقون في هذا الإطار مع الجهات الحكومية المعنية، من خلال تبادل المعلومات حول الشحنات الغذائية الواردة إلى الدولة، والتدقيق عليها باستخدام أحدث الأجهزة والمعدات»، مشيراً إلى أن «فريقاً يضم مئات المفتشين يتعاملون مع الشحنات الواصلة إلى ميناء جبل علي، بالحصول على عينات منها وتسليمها إلى الجهات المعنية لفحصها».
الامارات اليوم