قال أشوك فاسواني، الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية للأفراد والشركات في بنك «باركليز»، إن الإمارات باتت تلعب دوراً عالمياً رائداً في جذب كبرى الشركات الإقليمية والدولية التي تنشد توسيع عملياتها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، مشيداً بمساعي قيادة الإمارات الرامية إلى ترسيخ مكانة الدولة كوجهة مفضلة لكبرى الشركات العالمية.
وسلّط فاسواني في لقاء حصري مع صحيفة «البيان» الضوء على جهود الحكومة الإماراتية لتطبيق إطار عمل فعّال يسهم في جذب أهم الشركات العالمية التي تطمح لتوسيع عملياتها عالمياً. وأشاد فاسواني بنجاح الدولة في تعزيز حضورها وجهةً مفضّلةً للشركات العالمية عن طريق تأسيسها بنية تحتية متطورة وصولاً إلى تهيئة الظروف المواتية لمزاولة الأعمال.
وأشار فاسواني إلى أهمية الاستراتيجية الاستثمارية التي تطبقها القيادة الإماراتية، وتركز على تعزيز التنويع الاقتصادي، وإرساء ركائز متينة تتيح استيعاب الصدمات الاقتصادية العالمية.
كما نوّه بمواصلة الدولة لخطط الإنفاق على مشاريع البنية التحتية عبر مختلف القطاعات مثل السياحة والصحة والنقل والتطوير العقاري، وهو ما يساهم في حفز النمو الاقتصادي المحلي، وتعزيز تفاؤل المستثمرين حول فرص الاستفادة من هذا النمو الواعد.
وفيما يلي نص الحوار:
هل لك أن تحدثنا عن قسم الخدمات المصرفية للأفراد والشركات، والدور الذي تلعبه في «باركليز»؟
اعتمد باركليز «نهجاً حيوياً فعالاً يجمع بين خدمات إدارة الثروات والاستثمار والخدمات المصرفية للشركات والأفراد في إطار قسم متكامل هو «الخدمات المصرفية للأفراد والشركات». ومع جمع هذه القطاعات ضمن منصة واحدة، نجحنا بتوظيف كامل إمكانات «باركليز» لخدمة عملائنا من الأفراد والشركات مع إتاحة نموذج تغطية عالي المرونة..
الأمر الذي مكننا من تحقيـق نتائج طيبة خلال فترة وجيزة. فخلال عام 2014، سجلت ذراع الخدمات المصرفية للأفراد والشركات في «باركليز» نمواً بنسبة 29% في الأرباح المعدلة قبل خصم الضرائب للسنة المالية 2014، إضافة إلى تسجيل عائد على حقوق المساهمين بنسبة 12% – وهو ما يعتبر مقياساً رئيسياً لربحية البنوك بشكل عام. ونحن متفائلون بقدرتنا على تسريع وتيرة هذا التقدم خلال الأعوام القليلة المقبلة.
ما توقعاتكم حول الآفاق الاقتصادية للمنطقة؟
تواكب التوقعات الاقتصادية في غالبية بلدان المنطقة وتتجاوز في بعض الأحيان المعدل العالمي للتفوق في نموها على بعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية واليابان وروسيا.
كما تستأثر المنطقة بحوالي نصف احتياطيات العالم المؤكدة من النفط، وتمتلك 38% من احتياطيات العالم المؤكدة من الغاز، فضلاً عن عدد كبير من أضخم الصناديق السيادية الفاعلة في العالم مع أصول تقارب قيمتها حوالي تريليوني دولار.
وانطلاقاً من ذلك، فإنه من الطبيعي للشركات العالمية الساعية للتوسع أن تتطلع إلى هذه المنطقة لتعزيز نمو أعمالها. ويرتبط «باركليز» مع الشرق الأوسط بعلاقات تاريخية راسخة تعود لأكثر من 100 عام، وتشكل هذه المنطقة سوقاً مهمة للبنك، ونحن ملتزمون بمواصلة عملياتنا فيها.
ما انطباعك عن دبي؟
عندما زرت دبي منذ عدة سنوات، كثيراً ما سمعت عن توجه الناس في الإمارات إلى لندن لمتابعة الأنشطة الرياضية والثقافية. ولكن الأمر تغير الأمر..
فالكثير من الناس في لندن يتوجهون إلى دبي للتمتع بما تقدمه من أنشطة رياضية وثقافية متنوعة. كما نجحت دولة الإمارات بتحقيق إنجازات لافتة في جميع القطاعات تقريباً بما فيها المطاعم، والسياحة، والأعمال، والتكنولوجيا، ومواكبة جميع التغييرات الحاصلة في تلك القطاعات.
ولا يزال خبراء الاقتصاد في «باركليز» يعتقدون أنه من غير المرجح تراجع الانتعاش الاقتصادي في دبي نتيجة انخفاض أسعار النفط. ومع استمرار التحضيرات لاستضافة معرض «إكسبو دبي الدولي 2020»، يتوقع خبراؤنا الاقتصاديون نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارة بوتيرة متسارعة خلال عام 2015 بما يفوق النسب المسجلة في عام 2014.
كيف تقيّمون أعمالكم في الإمارات؟
لطالما كانت الروابط بين المملكة المتحدة ومنطقة الخليج العربي متينة جداً منذ سنوات طويلة ولغاية اليوم. وما أود قوله إننا ملتزمون بهذه المنطقة انطلاقاً من سمعتنا الطيبة وإرثنا العريق وصلاتنا الوطيدة فيها على مدى مئات السنين.
ويشمل هذا الالتزام تقديم جميع التسهيلات الممكنة لممر الأعمال القائم بين المملكة المتحدة والخليج العربي، ويكفي أن نفكر بالفرص الهائلة التي تولّدت نتيجة انتقال المستثمرين بين كلتا المنطقتين. كما يتبوأ «باركليز» موقعاً متميزاً يؤهله لتوفير الخدمات لهذا الممر بما يواكب متطلبات الشركات والأفراد.
وبالمقابل، يعتبر «باركليز» من أكبر البنوك في المملكة المتحدة، كما يمتلك سجلاً حافلاً يعود إلى 325 عاماً قدم خلالها الخدمات لأكثر من 100 عام في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي منحنا إمكانات استثنائية لتوفير حلول مالية فريدة للأفراد والشركات على حد سواء.
ومن جهة أخرى، باتت دبي مركزاً رائداً للعديد من الشركات العاملة في إفريقيا والتي تتخذ من الإمارة مقرا إقليميا لها. واستناداً إلى مكانة «باركليز» في هذه القارة وسجلنا الناجح الذي يرتكز على دعمنا لممر الأعمال بين إفريقيا والمملكة المتحدة، فإن قطاعات أعمالنا الموجودة في دولة الإمارات ترشد العملاء إلى السبل المناسبة لاغتنام الفرص المتاحة من ممر الأعمال الإفريقي البريطاني عبر الإمارات.
ويحظى «باركليز» بحضور عالمي واسع وخبرات تنفيذية رائدة، فضلاً عن توفيره منصة متطورة لدعم وتمكين الشركات من تحقيق طموحات نموها على المستوى العالمي. كما أن عمليات البنك في الإمارات توفر الدعم للشركات متعددة الجنسيات والتكتلات الإقليمية لتمكينها من بلوغ أعلى المستويات عالمياً.
كيف تقيّم أداء أعمالكم في ظل تباطؤ عجلة تعافي الاقتصاد العالمي؟
إن التعافي من تداعيات الأزمة العالمية يسير بوتيرة بطيئة في جميع أنحاء العالم. وقد شهد القطاع فترة من المراجعات والتحقيقات التنظيمية الصارمة، ولكن الاقتصادات والمصارف أصبحت أكثر قوة بشكل عام، وبمقدورنا اليوم إنجاز مزيد من الأعمال.
ويواصل البنك نموه القوي عاماً تلو الآخر، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة زوال المشاكل إلى الأبد.
ومن هذا المنطلق، فإننا نتوخى الحذر في إعداد خططنا المستقبلية وتحديد الفرص التي تمكّننا من إحداث فرق كبير. أما عن المجالات التي سنحقق فيها النجاح، فإن مساعينا لا تقتصر على أن نصبح أكثر قوة أو نكون البنك المفضل للجميع فحسب، بل نطمح أيضاً إلى الاستفادة من إمكاناتنا الأساسية ومكامن قوتنا حتى نتمكن من دعم المجالات التي نستطيع رفدهـا بالقيمة المجزية ومساندة قاعدة عملائنا فيها.
على ماذا يركز «باركليز» في الإمارات؟
نركز في الإمارات على الاستفادة من مكامن قوتنا الرئيسية، وتقديم الحلول والخدمات المالية للعملاء بالاستناد إلى نموذج مصرفي متكامل يجمع بين الخدمات المصرفية للشركات وإدارة الثروات والخدمات المصرفية الاستثمارية.
وعلى صعيد أعمالنا المصرفية الاستثمارية، نركز على تقديم المشورة للعملاء حول عمليات الدمج والاستحواذ الرائدة في السوق، وتمكينهم من الوصول إلى أسواق رأس المال العالمية، ومساعدتهم على تعزيز استثماراتهم في مجال الملكية وأنشطة تمويل الديون، وذلك استناداً إلى استراتيجية متبصرة وشاملة. كما نزود العملاء بحلول متكاملة لإدارة المخاطر بما يضمن لهم تحوطاً فعالاً من ظروف انعدام اليقين في السوق.
وفيما يخص خدماتنا المصرفية للشركات، يعمل «باركليز» على تلبية احتياجات رأس المال التجاري والعامل للشركات المحلية والعالمية والمؤسسات المالية، فضلاً عن تقديم خدمات إدارة النقد والتمويل بالديون. وبالنسبة لقطاع الخدمات المصرفية للشركات..
فإننا نمّول الكثير من الأنشطة التجارية بين دولة الإمارات وأجزاء أخرى من العالم. وتحتضن الإمارات العديد من الشركات التي تتطلع للاستثمار خارجاً في بلدان مثل المملكة المتحدة أو أوروبا على سبيل المثال؛ ونحن سعداء بقدرتنا على مواكبة متطلبات هذه الشركات من خلال خبراتنا العالمية في مجال الخدمات المصرفية للشركات. وسنركز بشكل رئيسي على القوانين التنظيمية والتكنولوجيا..
حيث تشهد البيئة التنظيمية في العالم تغيراً متسارعاً، وعلينا بذل ما بوسعنا لمواكبة ذلك. لقد استقت الحكومات والمصارف المركزية عبراً كثيرة من الأزمة المالية الأخيرة، وهي تضع اليوم الآليات والقواعد والتشريعات والسياسات لمنع تكرار العوامل التي تسببت بحدوث الأزمة.
قال آشوك فاسواني إن الإمارات تحظى بمكانة رائدة في عاملين مهمين سيغيران وجه الخدمات المالية في العالم، وهما القوانين التنظيمية والتكنولوجيا، وأضاف: «أعتقد أنه من الرائع حقاً ما حققته الإمارات في هذين المجالين، وأعتقد أن بمقدور «باركليز» تقديم الكثير من إمكاناته التقنية في الإمارات. ونحن ملتزمون بتحقيق الريادة في قطاع التكنولوجيا لتوفير تجربة مصرفية رفيعة المستوى لعملائنا من الأفراد والشركات.
قال آشوك فاسواني إنه لا يمكن لأي بلد في العالم أن يكون بمعزل عن مسيرة الأداء الاقتصادي العالمي، ولكننا نؤمن بأن الإمارات تتميز عن نظيراتها في استعدادها لمواجهة اضطرابات الاقتصاد العالمي بما في ذلك استمرار تراجع أسعار النفط لفترات طويلة. وتعزى هذه القدرة الفريدة بشكل مباشر إلى تنوع الاقتصاد الإماراتي، وارتكازه على أسس متينة تضمن مواجهة الاختلالات والصدمات الاقتصادية.
وأضاف: «لعبت الحكومة الإماراتية دوراً مهماً في هذا الإطار عبر تشجيع وحفز نمو القطاعات غير النفطية، وقد حققت الإمارات إنجازات منقطعة النظير من خلال استكشاف الفرص وتوظيفها بالشكل الأمثل، وجذب المستثمرين لمزاولة الأعمال في الدولة.
ونتيجة لذلك، أصبح الاقتصاد الإماراتي أكثر تنوعاً وقدرة على مواجهة الاختلالات الاقتصادية في مختلف القطاعات.
أضف إلى ذلك أن الإمارات تزخر بالعديد من قصص النجاح الواعدة التي تجسدها المكانة الرائدة للعديد من الشركات مثل «طيران الإمارات»، و«الاتحاد للطيران»، و«موانئ دبي العالمية»، و«إعمار»، وغيرها من المؤسسات التي غدت اليوم بمثابة تكتلات عالمية تتمتع بإمكانات تنافسية قوية على الساحة العالمية، وتسهم بشكل لافت في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
ومع اجتماع هذه العوامل معاً، نزداد يقيناً بأن الإمارات تمتلك أسساً قوية تؤهلها لمواجهة الاختلالات الاقتصادية العالمية. علاوةً على ذلك، تعد الإمارات وجهة مثلى للشركات العالمية والشركات متعددة الجنسيات التي تتطلع إلى تأسيس حضور لها في السوق الإفريقيّة..
وذلك بفضل عدة عوامل أهمها: الموقع الاستراتيجي المتميز للدولة، والبيئة المواتية لمزاولة الإعمال، والتكلفة التنافسية للعمليات التشغيلية، والقوانين الضريبية، وقدرة الإمارات على استقطاب المواهب من مختلف أنحاء العالم، وإتاحة الوصول إلى تجمع واسع من الكوادر المؤهلة، فضلاً عن الاستقرار القضائي والسياسي وتوافر البنية التحتية المتطورة».
حقق بنك باركليز، نموا ملحوظا في أرباحه المعدلة قبل الضرائب خلال الربع الأول لهذا العام لتصل إلى 2.1 مليار جنيه إسترليني (3.2 مليارات دولار)، ما يعكس نمو بحوالي 14% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما حقق باركليز نسبة مردود على معدل الملكية الخاصة تصل إلى حوالي 11% مرفقة بنسبة مردود على الملكية الخاصة الملموسة تتعدى 13%. وشهد كل من قسم الخدمات المصرفية للأفراد والشركات والخدمات المصرفية في أفريقيا ربع جيد في نمو الأرباح..
هذا إضافة إلى نمو الأرباح قبل الضرائب في المصرف الاستثماري بحوالي 37% خلال الربع الأول من هذا العام. ويعتبر “باركليز” أحد أكبر مزودي الخدمات المالية في العالم، حيث يتمتع بتاريخ عريق وخبرة في مجال الأعمال المصرفية تعود إلى أكثر من 325
البيان