صدر الليلة قبل الماضية بيان مشترك في ختام القمة التي جمعت قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بمنتجع كامب ديفيد.
وجاء في البيان أن ممثلي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمين العام لمجلس التعاون، اجتمعوا مع الرئيس الأميركي باراك أوباما وأعضاء حكومته، بهدف تأكيد وتوطيد الشراكة القوية والتعاون بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون، حيث أكد القادة التزامهم المشترك حيال شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون لبناء علاقات أوثق في المجالات كافة، بما فيها التعاون في المجالين الدفاعي والأمني ووضع حلول جماعية للقضايا الإقليمية، وذلك لتعزيز اهتمامهم المشترك في الاستقرار والازدهار.
وأكد البيان أن الولايات المتحدة تولي مع شركائها في مجلس التعاون اهتماماً بالغاً بمنطقة يسودها السلام والازدهار، واهتماماً أساسياً بدعم الاستقلال السياسي وسلامة أراضي شركائها في مجلس التعاون، لتكون آمنة من العدوان الخارجي، مشددة على أن سياسة الولايات المتحدة باستخدام عناصر القوة كافة لحماية مصالحنا الرئيسية المشتركة في منطقة الخليج، وردع ومواجهة أي عدوان خارجي ضد حلفائها وشركائها، كما فعلت في حرب الخليج، هي أمر لا يقبل التشكيك.
وأوضح البيان أن الولايات المتحدة على استعداد للعمل سويا مع دول مجلس التعاون لردع والتصدي لأي تهديد خارجي يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة لسلامة أراضي أي من دول مجلس التعاون، وفي حال وقوع مثل هذا العدوان أو التهديد به، فإن الولايات المتحدة على استعداد للعمل على وجه السرعة مع شركائها في مجلس التعاون لتحديد الإجراء المناسب الواجب اتخاذه باستخدام السبل المتاحة كافة، بما في ذلك إمكانية استخدام القوة العسكرية للدفاع عن شركائها في مجلس التعاون.
وذكر البيان «وكما حدث في عملية عاصفة الحزم، فإن دول مجلس التعاون ستقوم بالتشاور مع الولايات المتحدة عند التخطيط لعمل عسكري خارج حدودها، خاصة عند طلبها لمساعدة الولايات المتحدة فيه، وبهذه الروح وانطلاقاً من مبادئ منتدى التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون، بحث القادة تأسيس شراكة استراتيجية جديدة بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون لتعزيز عملهم الهادف إلى تحسين التعاون الدفاعي والأمني، خاصة فيما يتعلق بسرعة الإمداد بالأسلحة ومكافحة الإرهاب والأمن البحري والأمن الإلكتروني والدفاع ضد الصواريخ الباليستية».
وأوضح البيان أن القادة استعرضوا وضع المفاوضات بين مجموعة 5+1 وإيران، وأكدوا أن اتفاقاً شاملاً يتيح الرقابة والتحقق ويبدد المخاوف الإقليمية والدولية كافة بشأن برنامج إيران النووي سيخدم المصالح الأمنية لدول مجلس التعاون والولايات المتحدة والمجتمع الدولي على حد سواء. وأكد البيان أن الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون تعارض وستعمل معاً للتصدي لأي أنشطة إيرانية تزعزع الاستقرار في المنطقة.
وشدد على ضرورة أن تتعاون إيران في المنطقة وفقاً لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سلامة الأراضي، بما يتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وضرورة أن تقوم إيران باتخاذ خطوات فعلية وعملية لبناء الثقة وحل النزاعات مع جيرانها بالطرق السلمية.
وذكر البيان أن القادة قرروا تعزيز التعاون بينهم لمكافحة الإرهاب ومواجهة التهديدات المشتركة، خاصة تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، وردع وإحباط الهجمات الإرهابية، مع التركيز على حماية البنية التحتية الأساسية وتعزيز أمن الحدود والطيران ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإيقاف المقاتلين الأجانب ومكافحة التطرف العنيف بأشكاله كافة.
وأوضح البيان أن القادة بحثوا أفضل السبل لمعالجة الصراعات الإقليمية والتخفيف من حدة التوترات المتنامية، وفي هذا السياق بحث القادة أكثر الصراعات حدة في المنطقة، بما فيها سوريا والعراق واليمن وليبيا، وما يمكن القيام به لحلها، واتفقوا على مجموعة من المبادئ، بما فيها الإدراك المشترك بأنه ليس هناك من حل عسكري للصراعات الأهلية المسلحة في المنطقة والتي لا يمكن حلها إلا عبر السبل السياسية والسلمية، واحترام سيادة الدول كافة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والحاجة لوجود حكومة تشمل المكونات كافة في المجتمعات التي تعاني من مثل هذه الصراعات، وكذلك حماية جميع الأقليات وحقوق الإنسان.
وفي الشأن اليمني، شددت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة على ضرورة بذل جهود جماعية لمواجهة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مؤكدين الحاجة للانتقال السريع من العمليات العسكرية إلى العملية السياسية من خلال مؤتمر الرياض تحت رعاية مجلس التعاون، ومفاوضات تشرف عليها الأمم المتحدة على أساس المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأخذاً بالاعتبار الاحتياجات الإنسانية للمدنيين، رحب الجانبان ببدء الهدنة الإنسانية لمدة خمسة أيام لتسهيل توصيل مساعدات الإغاثة للمحتاجين كافة، وعبروا عن الأمل بأن تتطور الهدنة لوقف إطلاق نار مستدام لمدة أطول.
وأكدت الولايات المتحدة مجدداً التزامها بالشراكة مع دول مجلس التعاون، وغيرها من أعضاء المجتمع الدولي، بالسعي لمنع تزويد قوات الحوثيين وحلفائهم بالأسلحة الذي يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2216.
وأكدت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة التزامها بمساعدة الحكومة العراقية والتحالف الدولي في قتالهم ضد تنظيم «داعش»، وعبروا عن أهمية تعزيز الروابط بين دول مجلس التعاون والحكومة العراقية على أسس مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدولة.كما حث الجانبان الحكومة العراقية على تحقيق مصالحة وطنية حقيقية من خلال النظر بصورة عاجلة في التظلمات المشروعة لمكونات المجتمع العراقي كافة، وذلك بتنفيذ الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها الصيف الماضي، والتأكد من أن الجماعات المسلحة كافة تعمل تحت سيطرة صارمة من قبل الدولة العراقية.
وأكد القادة التزامهم بالعمل نحو التوصل إلى حل سياسي مستدام في سوريا ينهي الحرب، ويؤسس لحكومة شاملة تحمي الأقليات العرقية والدينية وتحافظ على مؤسسات الدولة، مؤكدين أن الأسد قد فقد شرعيته ولن يكون له دور في مستقبل سوريا. وأيدوا بقوة بذل المزيد من الجهود لتقويض وتدمير تنظيم داعش، وحذروا من تأثير الجماعات المتطرفة الأخرى مثل النصرة التي تمثل خطراً على الشعب السوري وعلى المنطقة والمجتمع الدولي.
وأعربوا عن قلقهم العميق بشأن استمرار تردي الوضع الإنساني في سوريا، وإدانتهم منع توزيع المساعدات على السكان المدنيين من قبل نظام الأسد أو أي طرف آخر.
وقرر القادة التحرك معاً لإقناع الأطراف الليبية كافة بقبول اتفاق تقاسم السلطة وفق مقترحات الأمم المتحدة، والتركيز على مكافحة الوجود المتنامي للإرهاب في البلاد.
وأكدت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة بقوة ضرورة تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس اتفاق سلام عادل وشامل ودائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وموحدة، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام، ولتحقيق ذلك الهدف شددت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون على أهمية مبادرة السلام العربية لعام 2002 والحاجة الماسة لأن يظهر طرفا الصراع من خلال سياساتهما وأفعالهما تقدماً حقيقياً لحل الدولتين.
وقررت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة مواصلة العمل معاً للمضي قدماً بهذا الخصوص، وتعهدت بمواصلة الوفاء بتعهداتها لإعمار غزة، بحيث تشمل التعهدات التي التزمت بها في مؤتمر القاهرة في أكتوبر 2014.وأعرب القادة عن قلقهم بشأن التأخير في انتخاب رئيس جديد للبنان، وناشدوا الأطراف كافة للعمل على تقوية مؤسسات الدولة اللبنانية، مؤكدين أهمية تحرك البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وفق الدستور. وأكدوا تصميمهم على دعم الحكومة اللبنانية في تصديها لتنظيمي «داعش» والنصرة اللذين يهددان أمن واستقرار لبنان.
وتعهد القادة بتوطيد العلاقات الأميركية الخليجية بشأن هذه القضايا وغيرها من القضايا الأخرى من أجل بناء شراكة استراتيجية قوية ودائمة وشاملة تهدف إلى تعزيز الاستقرار والازدهار الإقليميين. واتفقوا على عقد اجتماعهم القادم في عام 2016 بهدف التقدم والبناء على الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأميركية التي تم الإعلان عنها.
الى ذلك، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الولايات المتحدة ما زالت تؤمن بأن أفضل حل يضمن أمن إسرائيل على المدى البعيد، هو التوصل لاتفاق سلام تقوم بموجبه دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وقال أوباما للصحفيين في ختام القمة «أنا ما زلت أؤمن بأن حل الدولتين هو حيوي للغاية، ليس فقط للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإنما لأمن إسرائيل على المدى البعيد كدولة ديموقراطية ويهودية».
وانتهز أوباما فرصة وجوده في كامب ديفيد للتذكير بـ«الشجاعة الخارقة» التي تحلى بها المصريون والإسرائيليون و«الخيارات الصعبة» التي أقدموا عليها والتي كان هذا المكان شاهدا عليها وأثمرت اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل في 1978.
وأكد الرئيس الأميركي أن ما قام به المصريون والإسرائيليون أنتج «سلاماً دائماً بين دولتين كانتا عدوتين لدودتين».
وأضاف «اعتقد أن الأمر نفسه يمكن أن يحصل (مجدداً) إذا توصلنا إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
وعلى الرغم من الاحتمالات الضئيلة جداً لإمكان أن تقدم الحكومة الإسرائيلية الجديدة التنازلات اللازمة لاستئناف العملية السلمية، شدد أوباما على أن لا بديل عن حل الدولتين لإنهاء النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني المستمر منذ عقود.
وقال الرئيس الأميركي «أعلم أنه تم تشكيل حكومة تضم بعض الأشخاص الذين لا يؤمنون بالضرورة بهذه المسلّمة، ولكن بالنسبة إليّ هذه تبقى مسلّمة».
وأكد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، أن القمة الخليجية الأميركية بكامب ديفيد أتت بنتائج مثمرة، وبحثت سبل إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقال الشيخ صباح في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» إن القمة التي استمرت يومين «أتت بنتائج إيجابية ومثمرة تباحث فيها الطرفان وبصراحة أهم القضايا الإقليمية وسبل إيجاد الحلول السلمية لها وتعزيز أمن واستقرار المنطقة».
ولفت إلى أن صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت وإخوانه قادة دول الخليج العربية بحثوا والرئيس الأميركي باراك أوباما القضايا الإقليمية في اليمن والعراق وسوريا وليبيا وسبل دعم عملية السلام في الشرق الأوسط، إلى جانب بحث الشراكة الاستراتيجية والتعاون الأمني والعسكري الخليجي -الأميركي.
وأشار إلى أن القمة تناولت سبل تعزيز دور دول الخليج العربية في التحالف الدولي الذي شكل للتصدي لتنظيم داعش وتقوده الولايات المتحدة، إلى جانب مناقشة سبل التصدي لظاهرة الإرهاب وقطع تمويله ونبذ فكره.
وذكر أن الرئيس الأميركي أكد التزام بلاده بأمن واستقرار المنطقة ونموها وازدهارها.
ووصف الشيخ صباح الخالد علاقات دول مجلس التعاون الخليجي بالولايات المتحدة بأنها «علاقة وثيقة قوامها التعاون والشراكة الاستراتيجية».
وأوضح أنه تم الاتفاق أيضاً على إقامة اجتماعات على هذه المستويات بالمنطقة لمواصلة بحث سبل زيادة التعاون بالمجالات المختلفة في سبيل تعزيز أمن واستقرار المنطقة.
الاتحاد