علي العمودي
لا أعتقد أن هناك أمة تُستغل مواسمها الدينية بهذه الفجاجة كأمتنا وعلى يد بعض المسلمين أنفسهم، وهي قناعة تترسخ لدي في مواسم روحانية جليلة تتحول بيد هؤلاء التجار إلى مواسم للاستغلال والابتزاز.
يتفاقم الاستغلال ويزدهر خلال العشرة الأواخر من رمضان مع رغبة آلاف المسلمين التوجه لأداء العمرة في الديار المقدسة، وكذلك مع بدء الاستعداد لمواسم الحج، لنسمع بمبالغ خيالية بل وفلكية للسفر والإقامة هناك. أحدهم كان يردد كما لو أصابه مس، «تصدق إيجار ليلة في جناح من غرفة واحدة يطل على الحرم بـ97 ألف ريال»؟. وغير ذلك من الأرقام الخيالية للعمرة والحج، جشع لن يقودنا سوى إلى ترسيخ توجه يصبح معه أداء الشعائر خاص بالأغنياء فقط، أما محدودو الدخل فلهم التمنيات الطيبة والمتابعة من خلال الفضائيات التي توفر بثاً مباشراً من تلك البقاع الطاهرة.
بل إن بعض مكاتب الحج والعمرة ولتعويض تراجع ابتدعت طرقاً أخرى لرفع عائداتها من خلال تشجيع الناس على أداء عمرة أو حج البدل عن الوالدين أو أحدهما أو بعض الأخوة والأخوات المتوفين، وتقديم شهادة بذلك موثقة!!، غرائب وعجائب تسمع بها وكلها تتحدث عن أرقام وأسعار مبالغ فيها بدرجة لا يمكن للمرء استيعابها أو المبرر منها. ومما يساهم في تأجيج الظاهرة وجود البعض ممن يتردد على الحرمين الشريفين دون أن يتيح الفرصة لغيره أو يخصص بعضاً من موارده لينفع بها الآخرون. ثم نلوم بعد ذلك تجار وسماسرة ومقاولي رحلات الحج والعمرة. ترى لو أن أولئك الذين يكثرون من السفر إلى هناك توجهوا بمواردهم تلك نحو أبواب أخرى من أبواب الخير لغنموا كثيراً وساهموا في الوقت ذاته على كبح استغلال وابتزاز تجار ومقاولي الحج والعمرة.
ومع الفارق إلا أنني أطرح نموذجاً هنا عن تصرف الفنانة انجلينا جولي وزوجها الفنان الشهير براد بيت، واللذين تخليا عن ركوب الطائرات الخاصة ودرجات رجال الأعمال في رحلاتهما الأخيرة، لأن الفنانة المعروفة بمواقفها المناصرة للاجئين ومساعدة الأيتام، قالت إنها بهذه الخطوة تستطيع في كل رحلة توفير خيام لنحو خمسين ألف عائلة سورية لاجئة.
والهدف مما نطرح ترتيب أولوياتنا دائماً حتى في عمل الخير والهدف منه إدخال الفرح على الآخرين.
الاتحاد