تعمل دولة الإمارات للاستفادة من النمو المتوقع لقطاعات الاقتصاد الإسلامي عبر تطوير بنيتها التحتية والتشريعية والتنظيمية لمواكبة وتلبية الاحتياجات المتنامية في مختلف قطاعات الاقتصاد الإسلامي، حسب خبراء ومسؤولين في هذا القطاع .وأشار الخبراء إلى أن دبي تنبهت مبكراً لذلك السباق الدولي الذي يستهدف نمو قطاعات الاقتصاد الإسلامي، وذلك أطلقت استراتيجيتها قبل عامين، لتكون العاصمة الأولى عالمياً للاقتصاد الإسلامي، وتحقق أول أهداف الاستراتيجية بتصدر دبي كأكبر سوق للصكوك الإسلامية عالمياً، متجاوزة جميع العواصم الاقتصادية المنافسة، مشددين على أن النمو الثابت الذي تحققه قطاعات الاقتصاد الإسلامي من عام لآخر وتزايد أصوله جعلته يصبح واقعاً راسخاً في منظومة الاقتصاد العالمي، لاسيما في ظل الفرص الاقتصادية الضخمة التي يوفرها والشراكات الهائلة التي يمكن أن يخلقها والتي يمكن أن تفيد المنطقة بشكل خاص.

وأكد الخبراء أن الاستعدادات الدولية تشمل أيضاً إنشاء المزيد من الموانئ في منطقة الشرق الأوسط لاستيعاب حركة الشحن العابر والتجارة المتزايدة بما في ذلك تجارة الأغذية الحلال، ودخول دول جديدة سوق إصدارات الصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، لافتين إلى أن المطارات أصبحت تشهد أيضاً عمليات توسع هائلة لاستيعاب حركة المرور المتزايدة من أجل السياحة والسفر من قبل المسلمين، وكذا لأداء الشعائر الدينية، حيث تم إبرام العديد من العقود لشراء المزيد من الطائرات، بما في ذلك الطائرة العملاقة A380s المقرر استخدامها في الرحلات المتجهة إلى الأراضي المقدسة في مكة.

وتفصيلاً، قال عبد الله محمد العور المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، إن غالبية الدول الإسلامية وغير الإسلامية باتت اليوم مهتمة بدخول منظومة الاقتصاد الإسلامي لأسباب عدة، أبرزها تنامي عدد المسلمين في العالم، ما يعني تنامي متطلباتهم من الأغذية والمنتجات الحلال والمنتجات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، مؤكداً أن تلك الزيادة في المتطلبات رفعت مستوى الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي وزادت من محاولات الدول للاستفادة من نموه المتوقع ، فضلاً عن أن هناك عدداً من الأسباب الأخرى للاهتمام العالمي تتعلق بمصداقية هذه المنظومة التي أصبحت مطلباً ملحاً لكل الدول الباحثة عن الاستقرار وعن نهج مالي يحميها من الأزمات.

وأوضح العور، أن أبرز القطاعات التي تعد بالنمو هي التمويل الإسلامي ومشتقاته والأغدية والمنتجات الحلال والسياحة العائلية، حيث يشير تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي إلى أن الإنفاق العالمي للمسلمين على الأغذية ونمط الحياة الإسلامي نما بنسبة 9,5% عن السنوات الماضية، ويتوقع أن يصل إلى 3,7 تريليون دولار عام 2019، منوهاً بأن قطاع الأغذية الحلال يحظى بشكل خاص بحصة كبيرة من إنفاق المسلمين الذي يتوقع أن يصل إلى 2,537 تريليون دولار أي 21,2% من الإنفاق العالمي عام 2019.

وأشار إلى أن التمويل الإسلامي عبر الصكوك الإسلامية حقق نمواً بنسبة 14% و11% على أساس سنوي، أما حجم النمو المتوقع للتمويل الإسلامي، فهو 4,178 تريليون دولار.

وبين أنه وفقاً لتقرير واقع الاقتصاد الإسلامي، من المتوقع أن ينفق المسلمون 238 مليار دولار على السياحة والسفر بحلول عام 2019، وهو ما سيمثل 13% من إجمالي الإنفاق العالمي على السفر.

وذكر أن كل هذه المؤشرات تشجع الدول في مختلف أنحاء العالم على تطوير بنيتها التحتية والتشريعية والتنظيمية لمواكبة وتلبية الاحتياجات المتنامية في مختلف قطاعات الاقتصاد الإسلامي، لافتاً إلى أن بعض الدول تتقدم على غيرها في سباق الريادة، وصنفت دبي في مكانة متقدمة على مستوى العالم سواء من حيث إدراج الصكوك أو من جهة تطوير قطاع الحلال من حيث المعايير والمواصفات أو من حيث تعزيز المزايا التي تمتلكها الإمارة في التجارة والصناعة لتلبية احتياجات سوق الحلال ولتصبح دبي مركزاً عالمياً في هذا القطاع.
ونبه العور، إلى أن هناك تحديات كثيرة تواجه العالم اليوم أولها من حيث تعزيز الوعي بأهمية الاقتصاد الإسلامي، وتسليط الضوء على الحلال كمفهوم متكامل لتوفير الغذاء الصحي، إضافة إلى إيجاد أرضية مشتركة للمعايير الإسلامية، التي تضفي مزيداً من المصداقية على التعاملات الإسلامية وتتيح فرصاً أكبر للتبادلات التجارية في قطاع الحلال.

وقال: «نحن في دبي والإمارات نعمل مع كل الأطراف في سبيل إرساء مكانة دبي كمرجعية عالمية لمعايير الاقتصاد الإسلامي، ونواصل جهودنا لتطوير عدد من المبادرات تشمل أيضاً الثقافة والمعرفة والفنون الإسلامية؛ لأنها تمثل جوهر الاقتصاد الإسلامي»، مختتماً بتأكيد أهمية تعزيز الاستثمارات ذات المسؤولية الاجتماعية والمساهمة في التنمية الاجتماعية المستدامة التي تحقق للشعوب الأمان والاستقرار، فهذا هو الهدف الأسمى من الاقتصاد الإسلامي.

قال محمد مصبح النعيمي، الرئيس التنفيذي لـمجموعة شركات موارد للتمويل، إن دبي أدركت منذ فترة، النمو المتوقع لقطاعات الاقتصاد الإسلامي كافة على المستوى الدولي ولذا أطلقت استراتيجيتها قبل عامين لتكون العاصمة الأولى عالميا لهذا الإقتصاد، مشيراً إلى أن أول أهداف الاستراتيجية تحققت بتصدر دبي كأكبر سوق للصكوك الإسلامية عالميا.

وأكد النعيمي، أن النمو الثابت الذي تحققه قطاعات الاقتصاد الإسلامي وتزايد أصول الاقتصاد الإسلامي جعلته يصبح واقعاً راسخاً في منظومة الاقتصاد العالمي، لاسيما في ظل الفرص الاقتصادية الضخمة التي يوفرها والشراكات الهائلة التي يمكن أن يخلقها، مستشهداً بتصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي – رعاه الله – خلال ترؤس سموه اجتماع مجلس إدارة مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي في بداية الشهر الجاري بأن الاقتصاد الإسلامي يمكن أن يكون مفتاحاً لمزيد من الاستقرار والتنمية في منطقتنا».

وأشار النعيمي، إلى أهمية العمل على تنفيذ ما جاء في تلك التصريحات من أهمية أن تحقق دبي اقتصاداً إسلامياً برؤية عالمية.

الاتحاد