تظاهر آلاف العراقيين منددين بتباطؤ الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد، في وقت يستعد مجلس النواب لطرح الورقة الإصلاحية الثانية في ظل دعم كتل سياسية وشخصيات قيادية.
وتظاهر الآلاف في محافظة الديوانية جنوبي العراق تزامنا مع مظاهرات أخرى خرجت في عدد من المحافظات، حيث رفع المتظاهرون شعارات تتهم الحكومة بالتباطؤ في الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد.
وفي مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، خرجت مظاهرة منددة بسوء الخدمات، رفع خلالها المتظاهرون شعارات تنتقد دور الأحزاب الدينية، التي اتهموها بأنها أحد أوجه الفساد في المنظومة السياسية التي نشأت بالعراق بعد 2003. كما تظاهر مئات من أهالي قضاء الخالص بمحافظة ديالى مطالبين بتغيير الدستور وحلّ البرلمان وإنهاء نظام المحاصّة الطائفية، وطالب المتظاهرون بإقالة أعضاء المجلس المحلي وإحالة الفاسدين منهم إلى القضاء.
في غضون ذلك، يستعد مجلس النوابِ العراقي لتقديمِ حزمتِه الإصلاحيةِ الثانيةِ، خلالَ الأيام القليلةِ المقبلةِ، ويتوقع أن تتضمن تقليصَ مستشاري رئيسِ البرلمانِ ومستشاري اللجانِ النيابيةِ الدائمةِ وبعض من المديرينَ العامينَ ومديري الدوائرِ الفرعية.
وبحسب المصادر فإن أروقة مجلس النواب تشهد جدلا سريا حول الورقة الإصلاحية الثانية خشية ضغوط سياسيةٍ تمنعُ تطبيقَها.
وفي هذا السياق، يرى التحالف الوطني أنَّ حُزَمَ الإصلاح البرلمانيةَ والحكوميةَ غيرُ كافيةٍ لإصلاح النظامِ السياسي.
ويبدو أنَّ ورقةَ الإصلاحاتِ الأولى التي أرسلها رئيسُ الحكومةِ حيدر العبادي أحرجت البرلمانَ وكتله السياسيةَ وأرغمتهم على اصلاح مؤسستِهم التشريعيةِ من حيثُ الأداء وتقليصُ النفقات.
وصوت مجلس النواب على حزمة الإصلاحات البرلمانية التي أطلقها رئيس البرلمان سليم الجبوري في 11 أغسطس والمتضمنة 26 فقرة.
ويقول عضو اللجنة القانونية البرلمانية، النائب سليم شوقي، ان «مجلس النواب يستعد لتقديم ورقته الإصلاحية الثانية والقاضية بتقليص عدد مستشاري رئيس مجلس النواب واللجان البرلمانية الدائمة والدوائر الفرعية والمديرين العامين».
ويوضح ان «هذه الإصلاحات تتضمن هيكلة المؤسسة التشريعية انسجاما مع البرامج الحكومية الاصلاحية التي نادى بها المتظاهرون وأيدتها مرجعية النجف»، مؤكدا أن «رئاسة مجلس النواب تدرس الورقة الجديدة بغية تقديمها خلال الأيام القليلة المقبلة».
ويضيف عضو كتلة المواطن ان «مستشاري رئيس مجلس النواب يصل عددهم إلى عشرة في وقت خصص لكل لجنة برلمانية دائمة ثلاثة مستشارين فقط»، لافتا إلى أن «عدد الدوائر الفرعية لمجلس النواب أكثر من 10، لها مديرون وموظفون فضلا عن نحو 10 مديرين عامين في هيكلية مجلس النواب».
ويشير عضو اللجنة القانونية الى أن «هذه الأعداد سيتم تخفيضها في الورقة الإصلاحية البرلمانية المقبلة والتي يتم تحضيرها حاليا من قبل هيئة رئاسة مجلس النواب والمختصين في البرلمان».
وتأكيداً لما كشفه النائب سليم شوقي، اقرت مصادر برلمانية مطلعة بوجود ورقة إصلاحية يعتزم رئيس مجلس النواب سليم الجبوري تقديمها إلى الكتل السياسية بهدف التشاور في تفاصيلها.
واضافت المصادر، أن «هذه الورقة الاصلاحية تجري كتابتها بسرية تامة من قبل هيئة رئاسة مجلس النواب بعيدا عن ضغوط الكتل السياسية التي قد تعرقل انجازها في حال إلغاء بعض المناصب».
دعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم إلى وضع خطط استراتيجية لمعالجة الأزمات في العراق، مؤكدا دعمه للإصلاحات الحكومية والبرلمانية، وضرورة ان تبدأ الدولة بإصلاح نفسها من خلال إيجاد تشريعات تملأ الثغرات التي ينفذ منها الفاسدون.
واكد الحكيم في حديث بديوان بغداد للنخب والكفاءات المهنية، بحسب بيان للمجلس الاعلى، أن «للفساد شقين، الأول يبدأ بهدر المال العام أو التلاعب به وهو الذي يحظى باهتمام ومتابعة كبيرة، فيما يغفل البعض شق الفساد الثاني المتمثل بسوء الإدارة التي تحتاج إلى معالجة حقيقية»، محذرا من «استغلال التظاهرات سياسيا والأخطر استغلالها امنيا»، داعياً إلى «الانتباه لبعض الفاسدين الذين يغطون على فسادهم برفع لواء محاربة الفساد».
البيان