أخذت العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أبعاداً جديدة في الفترة الأخيرة تعكس التطورات الميدانية التي تشهدها المنطقة الخليجية والعربية والعالمية ظهر خلالها التعاون بين البلدين الشقيقين في أعلى صوره وأشكاله وبرز في أنقى وأرقى صوره مع التضحيات التي قدمها شهداء البلدين فوق أرض اليمن بهدف عودة الشرعية والأمن والاستقرار الى هذا البلد الشقيق.
فقد جاء التحالف العربي بقيادة السعودية والذراع الإماراتية القوية مدعوماً من دول المنطقة ليسطر بداية تاريخ جديد للمنطقة يكتبه أبناؤها بأنفسهم ويبدأ بعودة الشرعية الى اليمن وهزيمة المخطط الخارجي الذي يهدف للسيطرة على اليمن والذهاب به الى أتون الخلافات الطائفية والمذهبية لخدمة أهداف خارجية لا يزال يراود أصحابها حلم السيطرة والهيمنة.
وكان هذا التحالف والتنسيق والتعاون الإماراتي ــ السعودي امتدادا للتعاون في البحرين في إطار قوة درع الجزيرة لمساعدة مملكة البحرين الشقيقة في فرض الأمن والاستقرار في ربوع البلاد التي تحاول بعض الفئات بدافع من الخارج هز الأمن فيها ومن ثم تعريض المنطقة بمجملها الى حالة من عدم الاستقرار والتوازن وحرفها عن الأبعاد التنموية التي تتطلع إليها دول مجلس التعاون لدول الخليج لصالح شعوبها وبناء علاقات إيجابية ومتوازنة بين جميع دول المنطقة.
وذهب التنسيق الإماراتي السعودي في هذه الفترة الى دعم مصر والشعب المصري الشقيق بكل الطاقات الاقتصادية والاستثمارية والسياسية لكي يحقق الشعب المصري أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو ومكافحة الإرهاب، ولكي تأخذ مصر دورها العروبي وفق ثقلها على الساحتين العربية والإقليمية.
ومن هذه الرؤية ومن هذا التطور وعبر كثير من المحطات يأخذ الاحتفال باليوم الوطني للمملكة العربية السعودية في هذا العام بعدا جديدا يتجسد بشكل واضح في الاحتفال بالانتصار الذي يحققه التحالف العربي في إبراز موقف عربي تمسك فيه المنطقة بقرارها وإرادتها في نصرة الحق والشرعية ووأد الفتنة والتطرف والإرهاب الذي يهدد المنطقة، وهو بالتالي احتفال إماراتي وخليجي وعربي وحتى إنساني، فأبناء الإمارات قيادة وشعبا يشاركون إخوانهم السعوديين احتفالهم بهذا اليوم الذي يشكل بفعل الخطوات والانجازات التي تحققت في المملكة العربية السعودية على مدى السنين الماضية من عمرها الحديث الى جانب التطور الذي تشهده المنطقة «يوما وطنيا خليجيا وعربيا بامتياز».
ولم يكن التحالف العربي وخصوصا في وجهه الإماراتي السعودي وليد لحظة عابرة في العلاقات بين البلدين الشقيقين وإنما جاء استمرارا وتتويجا لعلاقات امتدت جذورها في التاريخ وأخذ بُعده الحاضر والمستقبلي من الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والراحل الكبير الملك عبد الله بن عبد العزيز، في بناء علاقات أخوية متميزة بين البلدين الشقيقين ترقى الى حجم الآمال والتطلعات لشعبي البلدين في بناء صرح خليجي قوي قادر على مواجهة التحديات وتحقيق طموحاتهما في عيش آمن ومستقر ومزدهر يمتد الى كافة دول المنطقة بعيدا عن أية تهديدات خارجية.
فقد ارتبطت دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والمملكة العربية السعودية بقيادة المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز بعلاقات تاريخية استمرت وثيقة وقوية وهي علاقات أخوية ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا وتعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك أسس دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع أخيه عاهل المملكة العربية السعودية آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراهما.
وحرصت قيادتا البلدين على توثيقها باستمرار وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة حتى تستمر هذه العلاقة على ذات النهج والمضمون مما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة التي تستصحب إرثاً من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة في سياق تاريخي رهنها دائماً لمبادئ التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، لذا تحقق الانسجام التام والكامل لكافة القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
كما أن العلاقات القوية والاستراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تستند إلى أسس راسخة من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم. وإضافة إلى أنها تصب في دعم المصالح المشتركة وتعزيزها فإنها تمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية من ناحية والأمن القومي العربي من ناحية أخرى، إضافة إلى منظومة الأمن والاستقرار في المنطقة كلها خاصة مع ما تتميز به سياسة البلدين، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.
وتؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بأن الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قيادي حكيم له مواقف مشهودة في دعم القضايا الإسلامية والإنسانية وأن العلاقات بين الإمارات والسعودية متميزة وخطت خطوات استراتيجية مهمة خلال العقد الأخير جعلت منها نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية ومثالاً على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة.
واستندت العلاقات بين الإمارات والسعودية إلى أسس راسخة من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، إضافة إلى أنها تمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمن القومي العربي فشكلت العلاقات بين البلدين عنوانا لمستقبل مشرق.
وامتدت هذه العلاقة بين الإمارات والسعودية في بعدها الحاضر والمستقبلي، والتي رسم خطواتها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وأخوه المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز لتأخذ بعدا أكثر قوة ومتانة بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية وإلى جانبه ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان الذين أبدوا انفتاحا كبيرا على الأشقاء في دولة الإمارات ولقي ذات التوجه من جانب القيادة السياسية في الدولة، والتي عبر عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أكثر من مناسبة التقى فيها خادم الحرمين الشريفين والقيادة السعودية.
وانطلقت هذه العلاقة في أحد جوانبها من التقدير الكبير للقيادة السياسية في دولة الإمارات للدور القيادي والمتميز الذي تقوم به القيادة السعودية في التعامل مع أحداث المنطقة. وعبر عن هذا الموقف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في برقية بعث بها إلى المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بمناسبة اليوم الوطني الـ84 للمملكة وصف سموه العاهل السعودي، حينها، بأنه قيادة حكيمة لها مواقف مشهودة في دعم القضايا الإسلامية والإنسانية.
كما تجلى ذلك الحرص من قبل المواطنين الإماراتيين في مشاركة أشقائهم السعوديين المقيمين في الإمارات أو الذين توافدوا على منافذها أو المغادرين منها الاحتفال باليوم الوطني للمملكة في الـ23 من شهر سبتمبر 2014 في تأكيد لوشائج القربى والمحبة بين الشعبين الشقيقين التي تتوجها علاقات قوية.
فشكلت العلاقات بين البلدين نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية ومثالاً على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية.
ولم تكن العلاقات بين الإمارات والسعودية بين القياديتين والشعبين الشقيقين، والتي تم التعبير عنها في كل المناسبات أسيرة مشاعر الود والمحبة والآمال والتطلعات النظرية، وإنما تمت ترجمتها الى خطوات ملموسة.
ومن هنا، جاء توجه الراحل الكبير الملك عبد الله بن عبد العزيز وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين في مايو 2014 برئاسة وزيري الخارجية في البلدين.
وشكلت هذه اللجنة تحولاً نوعياً في العلاقات بين البلدين. وتشير ثوابت الاتفاق إلى أن اللجنة تعمل على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر أمناً واستقراراً لمواجهة التحديات في المنطقة، وذلك في إطار كيان قوي متماسك بما يعود بالخير على الشعبين الشقيقين ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك.
ومن الطبيعي أن تجد خطوات التقارب النوعي للدولتين استحساناً كبيراً لشعبي البلدين، ويترك أثره الإيجابي في مزاج القطاع المجتمعي ويضفي حالة من الفرح لشعوب دول مجلس التعاون الخليجي.
إن التحول النوعي في العلاقات المشتركة بين الإمارات والسعودية يشكل تجسيداً فعلياً للعلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين المبنية على أسس التفاهم المشترك ومبادئ حسن الجوار والموروث الثقافي والتاريخي والقيم والعادات والتقاليد الاجتماعية المشتركة، وذلك ما يؤكد على ثوابته القيمية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بقوله إن «العلاقات الإماراتية – السعودية تجسيد واضح لمعاني الأخوة والمحبة والروابط التاريخية المشتركة».
تمتد العلاقات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الى مجالات كثيرة. وكلا البلدين الشقيقين من كبار مزودي الطاقة للعالم، وهما يسعيان إلى تعزيز هذه المكانة مع العمل في الوقت ذاته على مواكبة تنامي الطلب المحلي عليها، والذي يأتي نتيجة النهضة الاقتصادية والاجتماعية والنمو السكاني الكبير وضرورة توفير موارد إضافية من الطاقة لتحلية المياه، وتعد الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة السبيل الأمثل لمواكبة هذا النمو والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة.
البيان