سامي الريامي
جملة قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، لجريحٍ من قواتنا المسلحة، وهو يعوده في المستشفى، كثيرون لم يعرفوا المغزى من ذلك، وكثيرون تساءلوا عن سبب اختيار سموه اسم ابنه ذياب تحديداً، وإجابة هذه التساؤلات تكمن في معلومة حقيقية، هي أن ذياب بن محمد بن زايد يخدم ضمن الكتيبة الإماراتية في عدن.
لم يبخل محمد بن زايد بابنه على خدمة الوطن، فأبناؤه جميعاً في نظره جنود للإمارات، حالهم حال بقية الجنود، يؤدون المهام الوطنية المطلوبة منهم، دون تفريق، ودون محاباة، ينطبق عليهم ما ينطبق على أي مواطن، بل إنهم في وقت الأزمات قبل الجميع، وأمام الجميع.
ذياب بن محمد بن زايد، لم يكن في نزهة، ولم يذهب إلى عدن إلا لهدف واحد، هو تلبية نداء الوطن، وتأدية مهام عسكرية خطرة، كان في الخطوط الأمامية، مرتدياً بزته العسكرية، وخوذته، وحاملاً سلاحه، يؤدي المهام المطلوبة مثل أيٍّ من جنود وأبطال الإمارات البواسل، يحرس ويسهر ليلاً، ويؤمّن المنشآت، معرضاً روحه وحياته للخطر، فالمنطقة هناك على «كف عفريت»، والموت يطلّ فيها من كل جانب، إنها حرب ضروس لا هوادة فيها، ومع ذلك كان هو أحد فرسان الإمارات الذين ضربوا أروع الأمثلة في الكفاءة والقتال، وفي الدفاع عن المظلوم، ونصرة شعب ضعيف، وإعادة الحياة إلى دولة عربية، كادت أن يُقضى عليها بفعل فاعل في غمضة عين.
جنود الإمارات كلهم أبناء محمد بن زايد، لقد رأينا ذلك واضحاً في مشاهد مؤثرة للغاية، يُقبل رؤوسهم وأيديهم، ويهتم بهم، ويتابعهم، يدعو لمن استشهد منهم، ويواسي أهله، وأنشأ مكتباً خاصاً لمتابعة شؤون أُسر الشهداء، يرحم صغيرهم، ويحترم ويبجّل كبيرهم، ولا أروع من ذلك المشهد الذي يُصرّ فيه على امرأة مسنة من ذوي الجرحى ليُقبل يدها، في حين تحلف هي عليه الأيمان بألا يفعل ذلك، ويحلف هو أيضاً كي يفعل ما يريد.
محمد بن زايد فعل كل ذلك بمحبة صادقة وخالصة ونقية، يكنّها لشعب الإمارات عموماً، وجنودنا البواسل الذين رفعوا رؤوسنا ورؤوس العرب عالياً، وقضوا على الظلم والطغيان والعنجهية في اليمن، لم يُجبره شيء على تقبيل أيادي ورؤوس المصابين، كما لن يستطيع أحدٌ لومه إن لم يفعل ذلك، لكنه فعل ما لم يسبقه إليه أحد من قادة العالم إطلاقاً، وربما على مدار التاريخ، فالقادة عادة يكتفون بإصدار بيانات وتصريحات المواساة والتعاطف مع الجرحى وأسر الشهداء لا أكثر، لكن محمد بن زايد يعتبر نفسه أباً وأخاً لجنوده، وليس قائداً يصدر الأوامر، وعليهم تنفيذها فقط.
ولأن جنود الإمارات أبناؤه، فعلاً لا قولاً، كان ذياب بن محمد معهم، في خنادقهم، متجرداً من أي لقب، سوى لقب الجندي، لقد رأيناه بأعيننا جندياً حقيقياً في الميدان، يتلقى الأوامر من مسؤوليه وينفذها، ويحمل السلاح، ويؤدي مهامه العسكرية في منطقة ملتهبة، يفعل ذلك متحلياً بروح معنوية مرتفعة للغاية، شاعراً براحة، لقد قال لنا وهو مرابط بكامل زيه ومعداته العسكرية: «كُلنا جنود الإمارات، وكُلنا فداء للإمارات، أنا هنا جندي أحمي بلادي أولاً، وأنفذ تعليمات قادتي، ومستعد لتنفيذ المهام والأوامر كافة، ووطننا هو أغلى ما نملك».
الامارات اليوم