طالب الاتحاد الأوروبي في بيان صادر عن اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد أمس، بـ «وقف فوري» للضربات الجوية الروسية في سوريا التي تستهدف «المعارضة المعتدلة»، مشيراً إلى أن التدخل العسكري الروسي الذي «غير قواعد اللعبة» يثير «قلقاً عميقاً» داخل الاتحاد، وشدد على أنه «لا يمكن التوصل إلى سلام دائم مع القادة الحاليين للبلاد المضطربة، فيما تدعم موسكو الرئيس الأسد، الأمر الذي يطيل أمد النزاع ويقوض العملية السياسية.
من جهته، اتهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبيرج أمام برلمانيي الحلف المجتمعين في ستافنجر جنوب غرب النرويج، روسيا بالإسهام في إطالة أمد النزاع السوري بدعمها للأسد ضد المعارضة المعتدلة، وطالبها بالتركيز على محاربة «داعش»، داعياً إلى حل سياسي بمشاركة موسكو وطهران.
بالتوازي، استبق وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مباحثات مع المبعوث الأممي لدمشق ستيفان دي ميستورا في موسكو، اليوم، بتأكيده ضرورة إطلاق العملية السياسية في سوريا في أقرب وقت، لكنه ربط أبعاد الجهود الدولية فيها بـ «مدى الحزم في مكافحة الإرهاب»، قائلاً في مؤتمر صحفي مع أمين عام منظمة الأمن والتعاون الأوروبي لامبرتو زافيير، إن موسكو ستجري قريباً مزيداً من الاتصالات مع الجهات الإقليمية والدولية حول الأزمة. وأعلن دميستورا الذي يحاول عقد محادثات لإنهاء الحرب الممتدة أمس، أنه يأمل أولاً في التوصل إلى تفاهم بين موسكو وواشنطن، بما يشكل أساساً لمجموعة أو أكثر من «مجموعة اتصال» تضم الدول المعنية الداعمة للمحادثات، مشيراً إلى أن «التدخل العسكري الروسي من الواضح أنه أحدث دينامية جديدة»، وشدد على أن تصاعد العنف جعل إجراء حوار بين حكومة دمشق والمعارضة «أكثر إلحاحاً».
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحفي في جنيف أمس «أغادر هذا المساء إلى موسكو… سأتوجه إلى واشنطن فوراً بعد موسكو» مضيفاً «من الواضح أن التدخل العسكري الروسي في سوريا أحدث دينامية جديدة». وأوضح أن التصدي للمجموعات الإرهابية الواردة في قرارات مجلس الأمن الدولي يشكل «أولوية»، لكنه «صحيح أيضاً أن التغلب على الإرهاب غير ممكن إلا عبر عملية سياسية موازية في إطار بيان جنيف الأول». وشكل دي ميستورا 4 مجموعات عمل بين السوريين تمهيداً لإحياء المفاوضات بينهم. ورداً على سؤال عن تأليف مجموعات العمل هذه، قال دي ميستورا «فلنبدأ بتنسيق بين روسيا والولايات المتحدة، اعتقد أنه أمر ملح». وأكد ائتلاف المعارضة السوري أمس الأول، مقاطعته للمحادثات المقترحة على خلفية افتقار «جهود الوساطة الأممية إلى أسس واضحة» و«العدوان الروسي». وشدد دي ميستورا على ضرورة منع تقسيم سوريا وجلوس أطراف النزاع لمائدة المفاوضات.
من جهة أخرى، دعا وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس، موسكو إلى وقف حملة القصف الجوي في سوريا التي ستعقد النزاع، لكن الأعضاء الـ28 لم يتمكنوا من التوصل لاتفاق بشأن ما إذا كان الأسد سيكون له أي دور في إنهاء الأزمة. وسعى الوزراء إلى زيادة الضغوط على الأسد عبر الاتفاق على توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية لتشمل أشخاصاً بينهم زوجات أو أزواج شخصيات بارزة، لكن لم تتم إضافة أي أسماء إلى قائمة الاتحاد.
وقال الوزراء في أقوى بيان يصدرونه بشأن التدخل الروسي في سوريا «إن الهجمات العسكرية الروسية الأخيرة..تثير قلقاً عميقاً ويجب أن تتوقف على الفور». وأضاف الوزراء الذين اجتمعوا في لوكسمبورج «هذا التصعيد العسكري الروسي في سوريا ينذر بإطالة أمد الصراع وتقويض العملية السياسية ويفاقم الوضع الإنساني ويساعد على تأجيج التطرف».
وذكر دبلوماسيون أن الانتهاكات الروسية للمجال الجوي التركي والضربات الجوية الموجهة لمجموعات المعارضة المعتدلة نسبياً وليس لمقاتلي «داعش»، همشت الغرب وأصابت الجهود الدبلوماسية الأوروبية والأمم المتحدة بالارتباك. وقال دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي «جميع المعارضين الأساسيين للأسد إما ماتوا أو في السجن أو في المنفى. لا أحد يريد ليبيا أخرى». ولايزال موقف الاتحاد الأوروبي من الأسد غير واضح في غياب اتفاق حول ما إذا كان يمكن أن يلعب دوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات، أم يجب أن يذهب إلى المنفى أو السجن على الفور.
واقترحت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موجيريني أن يكون الاتصال بالأسد عبر الأمم المتحدة في حين كرر وزير خارجية اسبانيا وجهة نظر بلاده بأن الغرب سيحتاج إلى التفاوض مع الأسد لتحقيق الاستقرار في سوريا. غير أن فرنسا تصر على أنه يجب أن تكون مشاركة الرئيس السوري في عملية الانتقال السياسي «رمزية» وأنه يجب أن يكون واضحاً منذ بداية أي مفاوضات أنه لن يكون موجوداً في نهاية المطاف.
وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي هارلم ديزير للصحفيين «نحتاج إلى انتقال سياسي من أجل السلام في سوريا. يجب أن يتم هذا من دون الأسد». بينما أكد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند مجدداً أنه «لا يمكن السماح للأسد بأن يظل رئيساً لسورياً، لكن لندن مستعدة لمناقشة كيفية وتوقيت رحيله. وأضاف «إن حاولنا العمل مع الأسد، سندفع المعارضة مباشرة إلى احضان (داعش)»، مضيفاً «هذا تماماً عكس ما نريده»، لكنه استطرد «يمكننا التحلي بالمرونة حول الطريقة التي سيرحل بها وتوقيت ذلك». ودعا الأوروبيون إلى «عملية يقودها السوريون» تؤدي إلى «مرحلة انتقالية سلمية وتشمل الجميع» في سوريا دون توضيح إن كانت تشمل الأسد. وصرح مصدر أوروبي بأنه حتى وان «لم يتمكن الأسد من أن يكون جزءاً من مستقبل سوريا» كما يكرر الغربيون منذ سنوات، «فإن الجميع يعلمون أنه لا يمكن بناء مرحلة انتقالية بدونه».
الاتحاد