أمام مبناهم المتهالك وقف سكان برج ناصر، الذي احترق في شارع الملك فيصل بالشارقة قبل ثلاثة عشر يوماً، بَعْد أن تم إخطارهم بضرورة إخلاء السكن المؤقت، الذي تم توفيره لهم عقب الحادث عن طريق الهلال الأحمر الإماراتي، كان الأمل يحدوهم بأن يجدوا الإصلاحات قد أنجزت وأن استضافتهم من قبل الهلال ستنتهي وتنهي معها معاناتهم، ولكنهم تفاجأوا بمبنى لا يصلح للسكن، ويفتقر لأدنى درجات السلامة، ولا يأمن الأب أن يُسكِن فيه أبناءه، بل لا يأمن المرء على نفسه إن كان أعزب.

بحسرة ظاهرة، وإرهاق باد، وقف الرجال والنساء على الطريق، مترددين بين الدخول إلى بيوت قد تقع على رؤوسهم، أو قضاء ليلتهم في العراء، أما أولئك الذين لم تتضرر مساكنهم فقد اصطدموا بانقطاع الماء والكهرباء عن شققهم.

وبين حوقلة وتشهد قبع سكان ناصر في مكانهم، موزعين على الطرقات، واضعين أكفهم على خدودهم، وأعينهم تفيض من الدمع.

بعضهم توجه لتأجير غرفة في فندق ليقضي ليلة حتى يقضي الله أمره، وأما آخرون توجهوا إلى سياراتهم ليناموا فيها وأكثرهم افترش الأرض والتحف السماء التي تعلق بصرهم جميعاً بها عسى أن تأتيهم بفرج قريب.

«البيان» كانت هناك، ولكنها تواصلت مع الدفاع المدني لتتحقق من أصل الإشكال، حيث أوضح مدير الدفاع المدني في الشارقة العميد عبد الله السويدي، في معرض رده على مطالبة العائلات بإعادة التيار الكهربائي للشقق غير المتضررة، ان الأَمْر مرهون بيد الملاك، حيث انهم بانتظار إزالة المخالفات التي كشفها الحريق، وأسهمت في زيادة نسبة الخسائر، حيث تبين أن أجهزة الإطفاء ونظام الأمن والسلامة لا يعمل في المبنى، ويجب على المالك أن يبرم اتفاقية مع شركة صيانة، وأن يجلب العقد إلى مقر الدفاع المدني، لكي تخاطب بدورها هيئة الكهرباء والمياه في الشارقة لإعادة التيار.

وأكد العميد السويدي مخالفتهم لشركة الصيانة التي كانت مشرفة لعدم توافر اشتراطات الأمن والوقاية في المبنى، لافتاً إلى أن المخالفة تتراوح قيمتها بين خمسمئة درهم إلى خمسين ألف بحسب نوع المخالفة.

أما خميس السويدي مدير الهلال الأحمر في الشارقة، فقد أكد أن الإسكان الطارئ ثلاثة أيام، لكنهم مراعاة لأوضاع الأسر المتضررة تم تسكينهم في الفنادق لمدة 12 يوماً وإخطارهم قبل يومين بترتيب أمورهم، مشيراً إلى أن التكلفة عليهم عالية جداً والأهم أن المالك لم يحرك ساكناً، وقد أجرينا اتصالات عدة معه بلا فائدة.

ولكن الأهالي دعوا إلى تدخل أصحاب القرار واتخاذ إجراءات استثنائية سريعة، تلزم مالك البرج أو من ينوب عنه أو شركة التأمين، بتوفير سكن بديل للأسر المتضررة لحين الانتهاء من التحقيقات، لاسيما أن النتائج الأولية تؤكد افتقار البرج لأنظمة الوقاية والأمن والسلامة وقت الحريق، وأجهزة الإنذار كانت معطلة، فضلاً عن افتقار البناية للاشتراطات الوقائية، الأمر الذي هدد حياة أكثر من 700 إنسان يعيشون في البرج.

وركزت مطالبهم على إعادة المبالغ المالية المحصلة خلال الفترة التي احترقت فيها شققهم، فضلاً عن إيقاف صرف الشيكات المستحقة مستقبلاً لحين الانتهاء من التحقيقات ووضوح الرؤية لجميع الأطراف، لاسيما أن أكثر من 150 أسرة تعيش الآن بلا مأوى، مشددين على أهمية تحرك هيئة كهرباء ومياه الشارقة بإعادة التيار الكهربائي ما يمكن أصحاب الشقق غير المتضرّرة من العودة إلى شققهم.

وقال أيمن سعيد، من إدارة شركة محمد الناصر للعقارات، المشرفة على برج الناصر في الشارقة، إنه لا توجد أي خدمات مياه أو كهرباء في البناية حالياً، ولا يوجد أي ساكن في البناية، وناشد هيئة الهلال الأحمر مد إقامة السكان في الفنادق حتى تنتهي الشركة من أعمال الصيانة اللازمة للمبنى.

وتابع ان الشركة تتابع مع الجهات المختصة (الدفاع المدني والمختبر الجنائي والبلدية)، انتظاراً للتقرير النهائي، والذي على أساسه تتحدد إمكانية عودة التيار الكهربائي والخدمات إلى المبنى، بحيث سيتم عودة السكان إلى الجانب غير المتأثر من البناية، ومن ثم بدء الصيانة في الجزء المتأثر من الحريق، مبيناً أن نسبة الخسائر في البناية لا تتجاوز 20%، وأن هناك شقتين فقط متضررتين في كل طابق، ويحتوي كل طابق على 10 شقق.

وأضاف سعيد أن البناية مؤمنة، وأن شركة التأمين تنتظر وصول تقرير المختبر الجنائي، لافتاً إلى أن مالك البناية أمر بوقف صرف أي شيك من إيجارات السكان خلال الفترة المقبلة، وأنه بالنسبة لشيكات شهر أكتوبر، التي تم صرفها سيتم إعادتها إلى السكان، كما أنه لن يتم صرف أي شيك لاحق حتى يعود السكان إلى البناية. من جهته قال مصدر في بلدية الشارقة، إن التقرير التفصيلي للحريق سيكون جاهزاً اليوم وعليه سيتم التحرك بما يفيد مصلحة الناس.

وقد كشف حريق برج الناصر في الشارقة قصوراً في توافر وسائل الأمان اللازمة بالأبراج لمواجهة الحرائق وحاجة إلى تكثيف حملات الرقابة، فيما أعلن العميد عبد الله السويدي مدير الدفاع المدني في الشارقة انهم لن يتهاونوا مع أي طرف لا يلتزم بمعايير الأمن والوقاية، وأن حملات تفتيشية سيتم تكثيفها على المباني والأبراج للوقوف على مدى الالتزام بأنظمة الوقاية والسلامة من ناحية تفعيلها ومخالفة الشركات غير الملتزمة. وقال إن مسحاً شاملاً سيتم إجراؤه لجميع الأبراج الموجودة حالياً خاصة القديمة لتطبيق آليات وقائية أكثر أمناً.

قال محمد ميرزا «شقة 2205»، إن شقته لم تتضرر وعليه يطالب بإعادة الكهرباء والمياه ليتمكن من العودة إلى شقته.

ويتساءل صفوان، لماذا تأخر التقرير؟ نريد عودة التيار الكهربائي كي نرجع، نحن المسؤولين عن أطفال، والوضع النفسي للأسر صعب للغاية، خاصة تلك التي لا تمتلك ثمن استئجار غرفة للمبيت، مبدياً تخوفه من تأخر الإجراءات، ما يعني عدم عودتهم إلى شققهم قريباً وتكبدهم خسائر مادية، علاوة على الضرر النفسي.

أما سعيد أمير، قال: جئنا إلى البرج عقب معرفتنا بقرار الهلال الأحمر بإخلاء السكن المؤقت أمس، على أمل أن نجد الحياة قد عادت مرة أخرى للبرج، موضحاً أن جميع الخدمات في البرج متوقفة، فقد بات البرج جدراناً قائمة مغلقة الأبواب في وجه السكان، فالكهرباء لا تعمل، ولا يوجد مياه أو غاز، فضلاً عن المصاعد التي تقرر عدم تشغيلها، والعائلات لا تدري ماذا تفعل.

البيان