علي العمودي

تشهد العاصمة هذه الأيام العديد من الأنشطة والفعاليات والمؤتمرات والمهرجانات المتنوعة الفنية منها، والعلمية والطبية والاقتصادية وغيرها من مناشط تستقطب آلاف المشاركين من داخل الدولة والضيوف القادمين من خارجها. ويحرص الزوار على استغلال فترات الفراغ المتاحة لهم بعد انتهاء البرامج الخاصة بتلك الفعاليات للتعرف على المقاصد السياحية والترفيهية في العاصمة لقضاء وقت ممتع فيها، والاستفادة مما توفره من خدمات.

أحد الضيوف الأجانب المشاركين في مؤتمر اختتم مؤخراً باغتني بملاحظة عن تفشي التدخين في المقاهي، وبالذات«الشيشة» في الأماكن العامة، وأوضحت له اللوائح والأنظمة الصارمة لمكافحة التدخين وكل منتجات التبغ، وكذلك الجهود الكبيرة التي تقوم بها البلديات لمتابعة التزام المقاهي وغيرها باللوائح المنفذة للقانون، ولكن الرجل كان مصراً على وجود تجاوزات قال إنها أفسدت عليه وعلى أمثاله الاستمتاع بجمال الطقس ليلاً على كورنيش أبوظبي، وهو يرتشف قهوته المفضلة في أحد المقاهي المنتشرة هناك.

اعتقدت أنه يبالغ بعض الشيء، ولم يجد أمام اللوحة الزاهية لجمال العاصمة ومرافقها، ورقي الخدمات المتوافرة فيها سوى هذه النقطة. ولكن في اليوم الأخير من زيارته رافقته للأماكن التي ذكرها فاستغربت كيف يضرب أصحابها باللوائح عرض الحائط، ويخالفون القانون من أجل إرضاء زبون على حساب آخرين من غير المدخنين، بل أسوأ من ذلك رأيت عائلات عربية تصطحب أطفالها الرضع والصغار إلى هذه الأمكنة المغلقة والمشبعة بسحب الدخان لدرجة الاختناق، فما بالكم بالصغير الذي يدفع غالياً ثمن إدمان والديه، بينما يعاقب القانون المدخن الذي يدخن بوجود أطفال حتى لو كان داخل سيارته الخاصة. تشريعات راقية وحماية واسعة وفرتها الدولة لحماية غير المدخنين من آثار التدخين السلبي، وتوفر كذلك البيئة المساعدة للمدخن ليقلع عن هذه العادة القاتلة.

البعض يحاول أن يصور الأمر، كما لو أن صاحب هذا المحل أو ذاك أقوى من القانون، ويتناسى أننا في دولة القانون، وحيث تتخذ الإجراءات الرادعة بحق أي مخالف مهما كان، فهذه التشريعات لم تُوضع لكي يتجاوزها صاحب مصلحة يريد أن يرفع عائداته ومداخيله.

كل ما نتمنى تكثيف وزيادة حملات التفتيش لردع المخالفين، خاصة أولئك الذين يعتقدون أنهم بعيدون عن عين القانون وحراسه. واحترام القانون في كل الأوقات سلوك حضاري ترتقي به الأمم للحفاظ على سلامة مجتمعاتها.
– الاتحاد