شبح الكوليرا يخيّم على لبنان، إنها الحقيقة التي أملتها أزمة النفايات الممتدة منذ أكثر من ثلاثة أشهر في البلاد من دون حلول ملموسة ولا في الأفق. الجميع مشغولون اليوم بانعقاد الجلسة البرلمانية التشريعية وبتسجيل النقاط في السياسة مع بروز الانقسام الإسلامي المسيحي الذي تخطى حدود التحالفات العابرة للطوائف، وفي الأثناء الخطر الداهم إلى ارتفاع مع تسجيل إصابات في بعض دول المنطقة.

وإن كانت الدوائر الصحيّة اللبنانية لم تسجل حتى الساعة أي إصابة بالوباء، إلا أن البلد يحمل في أرجائه كل الظروف المناسبة التي ستسّهل انتشاره بمجرد ظهوره.

وكان مدير مكتب “صندوق الأمم المتحدة للطفولة” (يونيسيف) في العراق، بيتر هوكينز، أن مرض الكوليرا إمتد إلى البحرين والكويت من العراق وكذلك إلى سوريا، لافتاً إلى أنه قد يتحول إلى وباء إقليمي مع استعداد كثيرين لزيارة مواقع دينية في العراق، حيث رُصد المرض غرب بغداد في أيلول الماضي، وأصاب منذ ذلك الوقت نحو 2200 شخص على الأقل.

والكوليرا عدوى معوية حادة تنشأ بسبب تناول طعام أو شرب ماء ملوث ببكتيريا الكوليرا، وتسبب خسائر كبيرة في سوائل الجسم ويمكن أن تتسبب في الوفاة خلال وقت قصير ما لم يتلقى المريض العلاج المناسب.

وسواء عبر انتقال النازحين السوريين في ظروف غير صحية أو مع استعداد لبنانيين للتوجه إلى العراق في زياراتهم الدينية، فإن ذلك يضاعف خطر وصول العيّنة الأولى من المرض.

في هذا السياق، يساهم وجود النفايات بكميات كبيرة في المناطق اللبنانية في توفير البيئة المثالية لتنامي الأمراض والأوبأة، بموازاة دخول فصل الشتاء وهطول الأمطار، التي ستنقل رواسب النفايات إلى المياه الجوفية، المرتكز الأساسي لمياه الشرب، وكذلك إلى المزروعات.

وزاد من هاجس اللبنانيين إنتشار كميات كبيرة من الذباب في بعض مناطق بيروت مثل الأشرفية وفي مناطق جبلية أيضاً، ما دفع محافظ بيروت، زياد شبيب، إلى إصدار توجيهات بتكثيف أعمال رش المبيدات لمكافحة الحشرات والقوارض المتكاثرة بسبب ازمة النفايات. وتركزت هذه الاعمال في مختلف احياء العاصمة، وخصوصا في محيط المستشفيات.

وزير الصحة اللبناني، وائل أبو فاعور، الذي سبق أن حذر مطلع اغسطس (آب) الماضي، من أن الكوليرا خطر قائم في البلاد، قال في تصريح إن المحظور وقع فعلاً، مؤكداً تحضير خطة طوارئ لا تزال قيد الدراسة. وأعلن أن لا وجود لأي إصابة بالكوليرا أو غيرها من الأمراض. وإذ اعترف بأن على الوزارة تنفيذ العديد من الإجراءات لتفادي الأسوأ، فقد أفاد بأن هناك أضراراً صحية وبيئية لم يعد يمكن تداركها إنما العمل على تخفيف ضررها.

الاتحاد