في غمرة التعطيل الذي يضرب المؤسّسات في لبنان، بسبب الانقسام السياسي الحادّ في البلاد، والشغور الرئاسي المستمر، والذي تكرّس أمس مجدّداً مع ترحيل مجلس النواب الجلسة الـ31 لانتخاب الرئيس إلى الثاني من ديسمبر المقبل بسبب غياب النصاب، وفيما لا تزال قاعة مجلس الوزراء مغلقة حتى إشعار آخر، فإن المجلس النيابي على موعد مع جلستَي «تشريع الضرورة» اليوم وغداً، لا سيما مع الأنباء عن تذليل العوائق أمام حضور الأحزاب المسيحية بادراج البنود التي تطالب بادراجها على جدول الأعمال. وبين الضرورات المالية والاعتراضات الميثاقية، كانت المساعي تكثّفت في مختلف الاتجاهات الداخلية، لاحتواء التصعيد عشيّة الجلسة التشريعية التي جدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي تأكيد طابعها الميثاقي، مؤكّداً أنّها تمثّل ميثاقية البقاء للوطن، فيما رجّحت مصادر نيابية أن يحضرها 80 إلى 90 نائباً من أصل 128.

من جهته، أعرب رئيس الحكومة تمام سلام عن تأييده لعقد الجلسة تحت عنوان تشريع الضرورة، مشدّداً على أن البلاد بحاجة الى تفعيل عمل مجلسَي النواب والوزراء.

ومع إخفاق كل الجهود والمساعي والوساطات التي بذلت منذ أكثر من أسبوع لتسوية بدت كأنها غدت من الاستحالات، بات المشهد واضحاً: الرئيس نبيه بري يتمترس خلف مشاريع القوانين المالية ليشرّع في غياب رئيس الجمهورية، وهو لأول مرة يخاطر بالميثاقية، لأن عدم تأمينها عبر الكتل المسيحية أقلّ خطراً من «انتحار» لبنان على المستوى المالي. علماً أن الميثاقيّة تعني حضوراً نيابياً من كل الطوائف. فإن غاب مكوّن طائفي بكامله تسقط الميثاقيّة تلقائيّاً، وهذا ما لا ينطبق على الجلسة التشريعية المقرّرة التي ستشارك فيها زعامات مسيحية وازنة، بما يؤمّن نصاب الجلسة.

في المقابل، فإن كتلاً وازنة، صودف أنها مسيحية، تتمترس خلف مشاريع القوانين المالية لتمرير ما تعتبره مشاريع قوانين حيوية، وهو ما المطلب الذي يبدو أنه تمت الاستجابة له. وفي المحصلة، تتّجه الأحزاب المسيحية الثلاثة، الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ إلى التصعيد، على خلفية أنّ الجلسة التشريعية ناقصة. واذا كانت مسألة تجاوز الميثاقية والمشاركة، التي ترفعها القوى المسيحية الثلاث، أدخلت على المشهد الداخلي لاعباً مؤثراً قوياً يتمثل بـ«الحلف الثلاثي» الجديد.

فيما الداخل اللبناني مشرّع على الأسئلة التشريعية، ووسط الاستنفار السياسي المحموم، ردّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على ما اعتبره «حملة قائمة عليه»، بقوله: «أنا أبو الميثاقية»، وعلل إصراره على عدم إدراج قانون الانتخاب على جدول أعمال جلسة اليوم بأن الموضوع يحتاج الى «تفاهم وطني غير موجود. وتتوقف عليه عملية إعادة تكوين السلطة، ولا يمكن إقراره بموجب اقتراح قانون معجّل مكرّر وفي خلال نصف ساعة». كما لفت الى أهمية المشاريع الماليّة المدرَجة على جدول أعمال الجلسة، وقال: إنّ من الضروري والملحّ إقرار هذه المشاريع.

البيان