سامي الريامي

المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، أرسى ركائز قوية للعلاقات الصينية الإماراتية، هي التي بنيت عليها العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة إلى يومنا هذا، وهي السبب المباشر في استمرار وتطور العلاقات بين البلدين.

ليس نحن فقط من ندرك ونؤمن بذلك، الصينيون أيضاً لا ينسون اسم الشيخ زايد رحمه الله، وهذا ما قاله الرئيس الصيني مباشرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، خلال لقائه في بكين، حينما قال له: «نحن لا ننسى فضل أصدقائنا عليناً أبداً»، ثم عقب سريعاً «نعم للشيخ زايد فضل على الصينيين، ولن ننساه ففي عام 1989، واجهت الصين بعض المشكلات السياسية مع دول مختلفة، وكان للرئيس الصيني ست زيارات خارجية سنوياً لدول مختلفة، وفقاً للنظام في الصين، فتقدمنا بطلب زيارات لست دول مختلفة، اعتذرت منها خمس دول، وبقينا ننتظر رد الدولة السادسة، هذه الدولة كانت الإمارات، فلما أرسلنا رسالة لطلب الزيارة جاء الرد سريعاً من الشيخ زايد، برسالة يقول فيها: (نرحب بالرئيس الصيني في دولة الإمارات، وسأكون في استقباله عند سلم الطائرة)».
«لن ننسى ذلك أبداً»، هكذا قال الرئيس الصيني، وواصل حديثه: هذا ليس كل شيء، فالشيخ زايد أرسل طائرة خاصة لنقل أول بعثة دبلوماسية صينية في الإمارات من بكين إلى أبوظبي، ما يدل على اهتمامه وطيبته، وحُسن سياسته، ورؤيته الشاملة للتقارب مع الشرق.

وعلى خُطى ونهج المغفور له الشيخ زايد، اختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارة ناجحة للصين، فاقت نتائجها التوقعات، وأسهمت في توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين بشكل كبير، وحققت نتائج إيجابية ملموسة، تُرجمت فوراً على شكل خطوات عملية وفعلية لمصلحة البلدين.

نجاح الزيارة ليس مجرد كلمات صحافية أو دبلوماسية، هو نتائج حقيقية ملموسة، فعلى الصعيد السياسي أعطت الصين إشارات إيجابية مفادها اهتمام والتزام الصين بالعمل على الحفاظ على أمن واستقرار دولة الإمارات، باعتبارها شريكاً استراتيجياً وعضواً فاعلاً ومهماً في المنظومة الدولية، وكونها دولة معتدلة تنشر السلام وتكافح الإرهاب، وهذا من دون شك له كثير من الإيجابيات في عالم السياسة والدبلوماسية، وله نتائج مميزة على صعيد علاقات الإمارات الدولية.

بل إن العلاقات الاقتصادية تعاظمت بعد هذه الزيارة الناجحة أيضاً، ليس بالتصريحات، بل بعمل مباشر، حيث أنشأت الدولتان صندوقاً استراتيجياً للاستثمار برأسمال قدره 10 مليارات دولار، والعمل في هذا الصندوق بدأ فعلياً بدراسة عدد من الاستثمارات في مجالات استراتيجية ذات مردود اقتصادي عالٍ، ما يعود بالفائدة المباشرة على الطرفين.

وهناك الكثير والكثير من الأفكار والمشروعات المميزة، تجري حالياً دراستها والإعداد لها، ما يجعل العلاقة بين الإمارات والصين علاقة مميزة ودائمة، وفي الوقت نفسه مُفيدة للطرفين، وهذا من دون شك يؤكد نجاح السياسة الخارجية لدولة الإمارات، ونجاح قادتها في تعزيز اسم الدولة عالمياً، واكتساب محبة واحترام وتقدير البعيد قبل القريب، وزيارة الصين نموذج ناجح لهذا النجاح!

الامارات اليوم