فضيلة المعيني

حلّ موسم التخييم والخروج إلى البر، ولا جديد قد يضيفه المرء أو السلطات في التحذير من مغبة الحوادث المهلكة التي تقع هناك، وتأخذ في طريقها أرواحاً بريئة تروح ضحايا استهتار وعبث أشخاص يشيعون في المكان الفوضى، ويحولون الفرح ترحاً وحزناً، وآخرون يقتلون أنفسهم بأيديهم في لحظات أنس على دراجات نارية تطير براكبها ثم تهوي به إلى الأرض وتحوله جثة هامدة. و«يا كثر» ما شهدت الصحراء من وفيات وعاهات أصابت البعض.

هو حديث الموسم يتكرر، مرده نزهات تنتهي بدماء تسفك على الرمال، وأفراد يتحولون جثثاً تذهب إلى القبور، ومجالس عزاء لا يتعظ البعض مما يدور فيها من إهمال أودى بالنفس إلى التهلكة، مع الإيمان الكامل بالقضاء والقدر وأن لكل نفس أجلها.

يعتقد بعض الآباء أنهم يحمون أبناءهم حين يمنعونهم من الذهاب إلى البر وحدهم، ويشترطون شراء أحدث وأقوى الدراجات النارية بضوابط، أولها أن يكون «التصعيد» في عزبة أو في البر تحت مراقبتهم وفي حضور أفراد من الأسرة، وكأنهم حصنوهم من خطر محدق، متجاهلين قول المسؤولين في هذا الصدد بأن راكب الدراجة كسائر على حبل بين جبلين إن سقط هوى إلى واد سحيق.

الدراجات النارية والبرّ مشكلة تدرك السلطات المعنية حجمها، ولا شك أن أرقام الحوادث التي تشهدها صحراء الإمارات مقلقة ومؤرقة، وتُبذل جهود كثيرة من أجل التصدي لها وحماية الشباب من مغامرة غير محسوبة.

لكن النتائج لاتزال متواضعة، والمجتمع يتطلع إلى المزيد من تلك الحملات، في ظل عدم تحكم في سوق الدراجات التي تدخلها دراجات قوية جداً، وهو أمر بحاجة إلى التقنين، بخلاف الإضافات في قوة المحرك وغيرها، والعبث بهيكلها وأساسياتها من قبل محال تصليح الدراجات. يجب التصدي لكل ذلك، مع اشتراطات أخرى تلزم حصول سائق الدراجة النارية للنزهات على رخصة قيادة، والتشديد كذلك على الالتزام بشروط الأمن والسلامة.

واقعٌ خلق أمامنا مسميات لأماكن تشهد حوادث قاتلة، مثل تل الرعب في العين، ودرب الوحوش في الشارقة، وجعل البرّ تحت سيطرة مغامرات الشباب، الأمر بحاجة إلى حملات شبابية تقودها جماعات لحضّ مرتادي البرّ على الالتزام بقواعد السلامة.
– البيان