فشل مجلس النواب اللبناني في اختبار الاستحقاق الرئاسي، للمرة الرابعة والثلاثين على التوالي، حيث أدّى تطيير نصاب الثلثين، لغياب التوافق على اسم الرئيس، على جاري العادة، دون عقد الجلسة الانتخابية التي كانت مقرّرة أمس، التي أجّلها الرئيس نبيه بري إلى الثامن من فبراير المقبل، ما أشار مجدّداً إلى إبقاء الانتخاب الرئاسي معلّقاً لأجل غير مسمّى. وتوازياً، تبحث الحكومة عما يعيد إليها الحياة تعويضاً، ولكن من دون نتيجة حتى الساعة.

ولم تشكّل جلسة أمس نهاية مسار الشغور الطويل، بل رقماً جديداً كمثيلاتها من حيث عدم توافر النصاب، وقد حضر إلى المجلس 36 نائباً، فيما العدد المطلوب لتأمين النصاب في الجلسة يتطلّب حضور ثلثَي أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128). وأتى هذا الفشل في خضمّ الأسئلة عن الأزمات المفتوحة ما بين العامين، في زمن التعطيل السياسي والتجميد المؤسّساتي، وفيما المشهد الداخلي لا يزال منشغلاً بالتداعيات الإقليمية المتصاعدة للمواجهة السعودية- الإيرانية على الواقع اللبناني، الذي يواجه في أفضل الأحوال تمديداً غير محدود بأفق زمني للأزمة الرئاسية ومشتقاتها.

وفي السياق، أجمعت مصادر نيابية متعدّدة على أنّ الاتصالات شبه مجمّدة، فيما يخصّ الملف الرئاسي الذي دخل إلى الثلاجة، في انتظار تبلور صورة الوضع القاتم المستجد في سياق الاشتباك السعودي ـ الإيراني. ورأت أنّ هذا الجمود سينسحب على كلّ الملفات الأخرى، على أن يبقى المتحرّك الوحيد فيها هو الوضع الحكومي الذي ينتظر تفعيلاً جدّياً تلتقي على ضرورته معظم الأطراف، بغضّ النظر عن الأولويات.. وبالتالي، فإنّ لبنان هو في مرحلة ترقّب وانتظار لما ستؤول إليه الأحداث مع الحفاظ على الحدّ الأدنى من الأضرار والخسائر، التي ستبقى تحت سقف هدر الفرص وتمديد الأزمات من دون أن تتحوّل اشتباكاً سياسياً يطيح الحوارات القائمة.

إلى ذلك، يجدر التذكير بأن استحقاق 2008، الذي أوصل الرئيس السابق ميشال سليمان إلى سدّة الرئاسة، كان شهد تحديد 20 موعداً على امتداد ستة أشهر. كما يجدر التذكير أيضاً بأن جلسة أمس لانتخاب رئيس للجمهورية حملت الرقم 34، إذ بدأت الجلسات في 23 أبريل 2014، وصولاً إلى يوم أمس. وشأن سواها من الجلسات السابقة التي لم يكتمل نصاب انعقادها، لم تبدُ جلسة أمس في صدارة أيّ اهتمام داخلي.
– البيان