د.موزة أحمد راشد العبار
تقارير التنمية البشرية تجاوزت المفاهيم التقليدية لنظريات التنمية الاقتصادية، التي تركز على النمو الاقتصادي باعتباره العصا السحرية التي تحدث التنمية، كما أن أطروحات الفكر التنموي المعاصر تجاوزت نظريات النمو الاقتصادي، مما جعل قمة التنمية الاجتماعية التي انعقدت في كوبنهاغن صيف 1995، تدعو لضرورة جعل التنمية الاجتماعية رديفاً للتنمية الاقتصادية.
لقد قرأت باهتمام ما يثار لدى البعض، من أن حركة تطور المجتمع الإماراتي تدين للنهضة الشاملة التي بادرت بها القيادة الرشيدة في طلائع السبعينات، والتي ركزت على قضايا البنى التحتية وتوفير فرص التعليم وخدمات الرعاية الصحية، مما جعل الإمارات في سنوات محدودة تنافس كبرى الدول.
ودون الدخول في حجم إنفاق الدولة على الصحة والتعليم والخدمات المجتمعية الأخرى، يتبين أن قدراً كبيراً من ميزانية الدولة يتم توجيهه لقطاع الخدمات الاجتماعية.
أشير هنا إلى حجم ما تقدمه الدولة من مساعدات لعدد معين من الفئات والشرائح الاجتماعية، كفئة المطلقات وكبار السن والمعاقين وأسر نزلاء السجون والمؤسسات الإصلاحية ومن في حكمهم، وهي خدمات تدخل في نطاق الرعاية الاجتماعية.
لذلك تعتبر الرعاية الاجتماعية أحد أهم الواجبات التي تقوم بها الدولة، اعترافاً منها بحقوق شرائح وفئات اجتماعية تستحق “الرعاية بحكم المواطنة” إلا أن الدولة تضاعف جهودها في دعم العملية التنموية، للتوسع في البنية التحتية وتشييد المساكن والمدارس والمستشفيات ومراكز التأهيل والتدريب، والعناية بالشباب والرياضة والثقافة والتراث، ما جعل دولة الإمارات تتصدر قائمة الدول، إذ إن الرعاية الاجتماعية هي نسق من الخدمات الضرورية التي تعمل الدولة على توفيرها لأفراد المجتمع، وهي حاجات متجددة أبدية، ولذا ستظل الرعاية الاجتماعية مطلباً مجتمعياً لا غنى عنه.
مع الإقرار بأهمية التنمية كحركة لريادة العمل التنموي المؤسسي لبلوغ الرفاهية، إلا أن الرعاية الاجتماعية تعتبر أحد أهم محركات العملية التنموية، كما أشار لذلك تقرير التنمية العربي الصادر عن الجامعة العربية.
إن الفصل بين الرعاية والتنمية محكوم عليه بالفشل، ما دام في مجتمعنا أطفال، وكبار في السن، وذوو احتياجات خاصة، ومرضى ومطلقات… الخ، وهي شرائح تحتل موقعاً متقدماً في الهرم السكاني، والدور المتعاظم للتنمية، لا يمكن بحال من الأحوال أن يلغي أهمية الرعاية الاجتماعية.
وللتأكيد على ذلك يمكن الرجوع إلى الأهداف الإنمائية للألفية، وهي أهداف تعتبر الرعاية أحد أهم استحقاقاتها الاستراتيجية، والتي نشرها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، ودولة الإمارات ملتزمة بهذه الاستراتيجية، بكافة بنودها، وطبقتها كاملة مستوفاة بشروطها، وكانت وزارة الاقتصاد قد أصدرت تقريرين بهذا الشأن.
– البيان