أنشأ متجر «آب ستور» للتطبيقات من شركة «أبل» الأميركية، فئة اقتصادية جديدة منذ انطلاقه في عام 2008. وبحسب ما ذكرت الشركة في يناير الماضي، فقد أنفق مستخدمو هواتف «آي فون» وأجهزة كمبيوتر «آي باد» اللوحية 20 مليار دولار على التطبيقات خلال 2015.
ويكشف التقرير التالي تطلع المطورين إلى وسائل جديدة ومبتكرة لإنجاج تطبيقاتهم، تتجاوز عملية تثبيتها على الأجهزة وعبر متاجر التطبيقات المعروفة، من أهمها التعاون مع خدمات مثل «فيس بوك» و«واتس أب» عوضاً عن منافستها على جذب انتباه المستهلكين.
تعاني الفئة الاقتصادية من التطبيقات في متجري «آب ستور» أو «غوغل بلاي» من تنامي مشكلة التفاوت وغياب المساواة، إذ بينما تزداد شركات مثل «فيس بوك» و«كينغ ديجيتال إنترتينمنت» التي تُطور لعبة «كاندي كراش ساجا» ثراءً، يُواجه المطورون الآخرون صعوبات في لفت الأنظار إلى تطبيقاتهم في ظل توافر ما يزيد على 1.5 مليون تطبيق للتحميل من «آب ستور» وحده، الأمر الذي دفع بعض المطورين للتفكير في سُبل أخرى مثل توفير تطبيقاتهم داخل المنصات الأشهر والأكثر استخداماً.
وخلصت دراسة من شركة «أكتيفيت» لاستشارات التكنولوجيا والإعلام إلى قضاء المستخدمين أكثر من ثلاثة أرباع وقتهم على الإنترنت ضمن خمسة تطبيقات فقط، فيما أشار الرئيس التنفيذي لشركة «برانش متريكس» لتكنولوجيا تطبيقات المحمول، أليكس أوستن، إلى حصول 0.01% من التطبيقات على نسبة 99% من القيمة.
وفي الوقت نفسه تتزايد أهمية حضور الشركات والمؤسسات في عالم «المحمول» أكثر من أي وقت مضى. وتوصلت شركة «كوم سكور» لتحليلات الإنترنت إلى أن استخدام تطبيقات «المحمول» تخطى وقت استخدام أجهزة الكمبيوتر المكتبية في الولايات المتحدة خلال عام 2015، وتستحوذ الهواتف الذكية على 61% من وقت الإعلام الرقمي للأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً. وانتهت شركة «فلوري» لتحليل التطبيقات إلى نتيجة مفادها أن الوقت الذي يقضيه المستخدمون في الأجهزة المحمولة ارتفع بأكثر من الضعف خلال 2015.
وتُمثل هيمنة الهواتف الذكية على الأجهزة الإلكترونية الشخصية تحدياً للمطورين الذين يأملون أن تُحقق تطبيقاتهم نجاحاً هائلاً، وهو أمر يدفع بعض الشركات إلى تجربة أنواع مختلفة من التفاعل، حتى إن بعضها لا يتطلب تثبيت التطبيقات على أجهزة المستخدمين، ومن ذلك المساعدون الافتراضيون داخل تطبيقات التراسل، والحصول على المعلومات من التطبيقات دون الحاجة إلى تحميلها.
وصكّ ريان هوفر، مؤسس موقع «برودكت هنت» Product Hunt لتوصيات منتجات التكنولوجيا، عبارة «التطبيقات الخفية»، ويصف فيها الشركات التي تستخدم تطبيقات التراسل الفوري مثل «ماسنجر» من «فيس بوك» وتطبيق «سلاك» Slack للدردشة في بيئات العمل، وحتى الرسائل النصية، بأنها سبيل رئيس للوصول إلى المستخدمين.
وقال هوفر: «من أصعب الأمور لكل شركة جذب الانتباه، والتوزيع، والتحول إلى جزءٍ يومي من حياة شخص ما»، واعتبر ذلك أحد الأسباب التي تجذب المطورين إلى خدمة «سلاك». وأشار هوفر إلى وضع مشابه قبل نحو 10 أعوام، حين اتجه كثيرون إلى تقديم خدماتهم ضمن «فيس بوك» عوضاً عن تطوير بوابات مستقلة سعياً لجذب مستهلكين.
وعلى سبيل المثال، بعدما بدأ «بريدلي» Birdly في العاصمة الفرنسية باريس، كتطبيق للهواتف الذكية لتتبع النفقات، قرر العمل ضمن «سلاك» لأداء المهمة نفسها، ويُرسل المستخدمون صورة فاتورة، ليتولى «بريدلي» تحليل البيانات وتحويلها إلى جدول مكتوب.
ومن بين الأمثلة الأخرى للتطبيقات الخفية «بوكيت تور» PocketTour في أوكرانيا، وهو وكالة سفر يُمكن الوصول إليها من خلال تطبيق «فايبر» للتراسل، وكذلك تطبيق «ديجيت» Digit في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، الذي يسمح للمستخدمين بإدارة أمورهم المالية من خلال الرسائل النصية.
وفي الواقع، يحظى استخدام تطبيقات التراسل الفوري لأغراض تتجاوز الدردشة، بانتشار واسع في آسيا منذ فترة بفضل تطبيقات رائجة مثل «وي شات» و«لاين»، واعتمد عليها المستخدمون لإرسال الأموال، ودفع الفواتير، وطلب سيارات الأجرة.
وكانت شركة «فيس بوك» الأكثر تصميماً على السير في السبيل نفسه خارج آسيا بين شركات وادي السيليكون، إذ أتاحت للمطورين في عام 2015 تقديم تطبيقات تعمل ضمن «ماسنجر» مثل لوحات مفاتيح الرموز التعبيرية والألعاب. كما يُمكن للشركات التواصل فردياً مع أكثر من 800 مليون مستخدم منتظم لتطبيق «ماسنجر»، وتختبر متاجر تجزئة خدمات إضافية ضمن «ماسنجر» مثل متابعة توصيل البضائع، وتقديم خدمات دعم المتعاملين.
وخلال مؤتمر «الحياة الرقمية»، الذي أقيم في مدينة ميونيخ الألمانية في يناير الماضي، أعلن تطبيق «واتس أب» الذي تمتلكه «فيس بوك» عن عزمه السماح للشركات بالتواصل مع المستخدمين من خلال التطبيق، وأوضح أن ذلك قد يعني الاستفسار من المصرف عن أحدث تحويل، أو التواصل مع شركة الخطوط الجوية بشأن تأخر إحدى الرحلات.
ومع ذلك، فإن من المُستبعد أن يُتيح «واتس أب» مثل هذه الخدمة مجاناً للشركات، ويأمل التطبيق تحقيق عائدات تتجاوز الاشتراك السنوي البالغ دولاراً تقريباً، الذي أعلن تخليه عنه في الوقت نفسه.
وفي ديسمبر 2015 أطلق تطبيق «سلاك» منصة تسمح للمطورين بتقديم منتجات لخدمته للتراسل، كما أعلن عن استثمار بقيمة 80 مليون دولار لاجتذابهم. ويعتقد الرئيس التنفيذي للشركة، ستيوارت بترفيلد، بالإمكانات الكبيرة التي يحملها الذكاء الاصطناعي والبرامج الآلية والمساعدين الافتراضيين.
وعادةً ما تُقدم التطبيقات التقليدية خبرات عامة للمستخدمين، لكن التطورات الأخيرة تُركز أكثر على التجارب المُخصصة بما يُلائم الشخص، بحسب ما قال محلل التكنولوجيا في شركة «جاكداو ريسيرش» جان داوسون.
أما «غوغل» فقد بدأت في نوفمبر 2015 تجربة تقتصر مُؤقتاً على عددٍ محدود من الشركاء، وتُتيح للمستخدمين الوصول إلى التطبيقات دون الحاجة إلى تحميلها، في محاولة للمزج بين أفضل ما في الـ«ويب» التقليدي وتطبيقات «المحمول» وفي الوقت نفسه يُمكن لخدمة المساعد الافتراضي «غوغل ناو» عرض معلومات من تطبيقات أخرى مُثبتة على الجهاز دون أن يضطر المستخدم إلى فتحها.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «بيتاووركس» Betaworks للاستثمار وتأسيس الشركات الناشئة، جون بروثويك، إن الإشعارات التي يستقبلها المستخدم من أحد التطبيقات عند اشتراكه فيه ستصبح «الواجهة الأساسية للحوسبة»، نظراً لتقديم التطبيقات رسائل على صلة بالشخص الذي يستقبلها. وأضاف: «بدلاً من الاضطرار لفتح تطبيق، والعثور على شيء في الإنترنت، فإنه يُمكن لجهازك والبيانات التي يمتلكها حول السياق مثل الموقع والاهتمامات والوقت والطقس، إخبارك بشأنه من خلال إشعار».
ولا يعني ذلك تراجع قيمة تطبيقات «المحمول» بالنسبة للمطورين، لكن أساليب أخرى مثل الدفع بالتنبيهات إلى المستخدمين، وخدمات التراسل، تُوفر فرصاً أوسع أمامهم للمضي قدماً وسط الفوضى الرقمية، والتعاون مع خدمات مثل «فيس بوك» و«واتس أب» وأمثالهما من نجوم متاجر التطبيقات، عوضاً عن منافستها على جذب انتباه المستهلكين.
الامارات اليوم