د.موزة أحمد راشد العبار
بحث متقدم
لقد نال الفيلسوف اليوناني أفلاطون، مكانة وشهرة لم يحظ بها فيلسوف مثله. والسبب محاوراته التاريخية التي ضمنها كتابه (الجمهورية)، وكانت عبارة عن دراما فلسفية حقيقية وضع فيها أفكاره حول (المدينة الفاضلة) على لسان الشخصية الرئيسية فيها (معلمه سقراط)، وليست السعادة حسب أفلاطون شأناً شخصياً بقدر ما هي قضية تتعلق بالمدينة ككل.
إذ يرى أنه لا يمكن تحقيق الكمال إلا في مدينة محكمة التنظيم. ونحن في دولتنا نستهدف جلب السعادة لجميع المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، كما هي السعادة عند أفلاطون، سعادة المدينة ككل، والتي تتحقق بالانسجام بين جميع أطرافها وشرائحها.
فكما يوجد انسجام بين النفس العاقلة والنفس الغاضبة، فإن المدينة كذلك يجب أن تنقسم إلى قادة يسيرون شؤونها العامة، وجنود يسهرون على الأمن، ورعية تقوم بالأعمال الأخرى الضرورية مثل الفلاحة والصناعة إلخ، فبذلك تتحقق العدالة وتزدهر الدولة، ومن ثم نترك لكل طبقة أن تتمتع بالسعادة بحسب ما تؤهلها لذلك طبيعة عملها وحياتها.
في القمة الحكومية التي عقدت في دبي أخيراً، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن استحداث منصب جديد في الحكومة تحت مسمى «وزير الدولة للسعادة»، مهمته الأساسية مواءمة كل خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع.
المفاهيم العامة للحكم الرشيد تقوم على تحقيق إسعاد الشعوب، واهتمام قيادتنا بأن يكون شعب الإمارات أسعد شعوب العالم على الإطلاق، أمر فرض نفسه على أرض الواقع كما يراه الكثير من أبناء الوطن، بما عبروا عنه للإعلام وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة بعد أن حصلت دولة الإمارات على المركز الأول في مؤشر السعادة من قبل تقارير الأمم المتحدة.
لقد استنهض صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عبر القمة الحكومية، همم حكومات العالم لإسعاد شعوبها. وهو الأمر الذي بات جلياً، فيما تناولته الصحف العربية والعالمية، لأن القمة أظهرت للعالم أجمع تميز نموذج الإمارات وعمق الروابط التي تجمع القيادة بالشعب في لحمة متماسكة!
إن ما تضمنه خطاب وكلمات وتوصيات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، كان له صدى بالغ القوة والتأثير في دولة الإمارات، وفي كافة بلدان العالم المشاركة بوفودها، والذي ركز فيه سموه على أن الإنسان هو الثروة الحقيقية التي تصنع مستقبل الأمم. وفي إسعاده سعادة البشرية جمعاء.
ولعلي لا أجافي الحقيقة عندما أقول إن القمة الحكومية «2016» ستكون خارطة طريق ستسير على هداها دول العالم، أما على الصعيد الداخلي فإن انعكاسات نتائج القمة ستطرح نفسها بقوة في المستقبل، ولعلها ستضع صناع القرار من القياديين أمام تحدٍّ كبير لإثبات جدارتهم واستحقاقهم لمواقعهم، لأن الدلائل تشير إلى أن البقاء في مواقع الريادة سيكون محكوماً بشروط ومعايير النماذج الحكومية الأفضل..
– البيان