محمد الحمادي
هذا هو السؤال الأهم الذي يفترض أنه يطرح الآن في الأروقة السياسية بلبنان، فهل القرار السعودي والمساندة الخليجية له ينتهي بإيقاف الدعم والمساعدات للبنان، أم أن هناك خطوات أخرى؟ وما يجعل هذا السؤال مهماً وملحاً هو أن من اختطف القرار السياسي والسيادي في لبنان لا يكتفي بالعبث في حدود لبنان، وإنما طالت يداه لتصل إلى دول الخليج بالتحريض والتخريب والإرهاب.
فحزب الله متورط بشكل لم يعد فيه شك في دعم الإرهابيين ببعض دول الخليج، وأصبح مؤكداً أن عناصر خليجية عديدة تدربت على يد «حزب الله» وفي معسكراته، فضلاً عن عملياته الإجرامية ضد الشعب في سوريا.
حالة الاسترخاء في التعامل مع الأزمات الجدية بالمنطقة لن تجدي لبنان في هذه المرحلة، فالوضع في المنطقة يحتاج إلى مواقف واضحة وحازمة واختطاف حزب الله للدولة اللبنانية وللقرار السياسي اللبناني ستكون له تأثيرات وتداعيات على مختلف المستويات ما لم يتدارك المسؤولون الرسميون الموقف ويتخذوا إجراءات سريعة لوضع الأمور في نصابها.
الوضع لم يعد يتحمل اللف والدوران، ولا المكابرة أو المزايدة، فالمملكة العربية السعودية ودول الخليج لم تتخل يوماً عن مسؤولياتها السياسية والقومية والأخلاقية تجاه لبنان، واليوم أصبح على لبنان أن يتحمل مسؤوليات قراراته واختياراته، وخروجه عن الإجماع العربي ليس بالأمر الذي يمكن تجاوزه أو تجاهله، وخصوصاً في ظل التدخلات الإيرانية الواضحة في القرار اللبناني وعلى جميع المستويات.
فليفكر اللبنانيون من الذي سيربح، ومن الذي سيخسر من عزل لبنان عن القرار العربي والإجماع العربي، فالمسألة ليست مساعدات مالية فقط تقدم للبنان، بل إنه موقف أخوي يقوم على أساس ضرورة صمود لبنان أمام التحديات، وعندما يكتشف السعوديون والعرب أن لبنان أصبح مستسلماً لميليشيا تفرض الأمر الواقع، فبلا شك أن لا أحد يقبل باستمرار هذا الوضع الذي يؤثر على اللبنانيين، ويؤثر على دول المنطقة أيضاً.
اللبنانيون الذين يتوقعون خطوات أخرى بعد خطوة قطع المساعدات هم واقعيون جداً، فقطع المساعدات جرس إنذار صاخب حتى يسمع الجميع، أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه، ولم يتمكن اللبنانيون من تصحيح أوضاعهم، فإن القرار السعودي ستكون له تبعات أخرى خليجية، وربما عربية.
اللبنانيون بحاجة إلى أن يروا حزب الله في صورته الحقيقية، فهذا الحزب لم يعد «المقاومة» كم كان يدعي دائماً، فقد تلطخت يداه بدماء الشعب السوري البريء، ووصل عبثه إلى البحرين واليمن وغيرها من دول المنطقة، والحقيقة الأكبر أنه لم يعد يمثل اللبنانيين، بل طائفة واحدة منهم، دون أن يعترف أو يقبل أو حتى يحترم الآخرين، أو يحترم الدولة التي يعطلها دون أدنى مسؤولية!
– الاتحاد