عائشة سلطان
أقرأ كثيراً – ولا شك أن معظمكم قرأ مثلي- قصصاً كثيرة واقعية وليست متخيلة حول النزاعات التي تقوم بين الرجال والنساء الذين اختاروا الطلاق نهاية لحياة زوجية طالت أو قصرت، ذلك ليس لب المسألة، لبها هو موضوع النزاعات القائمة عادة بينهما، فحين يثور النزاع حول أموال أو ممتلكات، لا يتوقف الناس أو الإعلام عند الأمر طويلًا، لكن حين يكون هناك أبناء في وسط المسافة بين رجل يصر على كسبهم لصالحه وامرأة تصر أكثر على أنها الأولى بالرعاية والاحتضان، هنا تأخذ المسألة بعدها الإنساني المأساوي بالنسبة للأبناء طبعاً، وتالياً للأم والأب، وتحديداً إذا احتكم كلاهما للعناد وليس لمصلحة الأبناء!.
هناك علاقات زوجية تنتهي بشكل مأساوي وفضائحي أحياناً، فتشعر وأنت تتابع القضية أنها معركة أشبه بمعارك تقرير المصير بحيث يعتقد كل طرف بأن حسم القضية لصالحه وضم الأبناء إليه بأية طريقة معناهما انتصاره الأكيد على الطرف الآخر، وتظل المناورات ومحاولات المحامين التسلل من خلال ثغرات القانون وخلافه مشتعلة بين قاعات وممرات المحاكم ومكاتب المحامين شهوراً طويلة.
قضية ضم الأبناء، تحتاج إلى كثير من التفصيل والتقنين والمتابعة اللاحقة، فكون الحضانة ذهبت قانونياً للأب لاعتبارات تمزج بين القانون والتشريع، لا يعني أن الأب مؤهل لهذه المهمة، ولكن يعني أن القانون ينص على ذلك، فالأب في نهاية الأمر رجل، لديه عمله وارتباطاته وحركته وعلاقاته وطبيعته التي قد لا تتناغم مع حالة الارتباط الدائم بأطفال في سن الرعاية أو مراهقين في سن التربية والمتابعة، ما يعني أنه غالباً ما قد يعهد بهم لوالدته أو شقيقته أو يتزوج ويبدأ حياة جديدة، وبالنسبة للأبناء معاناة طويلة الأمد، هناك استثناءات حتماً لكن هذا ما يحصل غالباً !.
وإذا آلت الحضانة للأم فالأمر لن يختلف، بل سيزداد تعقيداً، فهي لتوفير احتياجات مضاعفة تضطر للعمل فترة طويلة، وهو زمن مستقطع من تربية ومتابعة الأبناء، إضافة لفقدان وجود الأب الذي يشكل عدم وجوده في حياتهم خللاً كبيراً سيظهر سريعاً على سلوكياتهم ونفسياتهم !
من هنا نقول إن زيارات أخصائيات نفسيات أو اجتماعيات للأطفال في مرحلة الحضانة سواء كانوا في عهدة الأم أو الأب ضرورية جداً، بعد أن كبر المجتمع ودخلته الكثير من التوجهات والمظاهر والسلوكيات الأخلاقية والاستهلاكية والقيمية، التي خلخلت العلاقات وأسس التربية ومعاني الانضباط التي صارت مفقودة لدى الكثيرين من الآباء والأمهات الذين لا يجدون بأساً في نشر معاركهم وخلافاتهم على صفحات الجرائد وفي أروقة المحاكم دون مراعاة لنفسيات الأبناء!
كثير من قضايا الطلاق لا تهدم بيوتاً فقط، لكنها تحطم أجيالاً من الصغار بحاجة لمن يتابعهم وهم في حضانة آبائهم وأمهاتهم!
– البيان