الفجيرة نيوز- عفاف أبوكشوه
يعود تاريخ الفلامنكو إلى القرن الثامن عشر، وهناك عدة مرجعيات لمصطلح فلامنكو ،أبرزها ( فلاح منكوب) ، بمعني فلاح من غير أرض، ومن جهة أخري يروي بعض العرب أن كلمة فلامنكو كانت في الأصل عربية منحدرة من كلمة (فلنلهو)، ويرجع ذلك إلي وجود العرب المسلمين في الأندلس ، إذ إنهم جلبوا موسيقاهم الخاصة معهم لتمتزج ،مع ما هو قائم في البلاد التي إحتضنتهم. يعتبر فن الفلامنكو أحد أنواع الموسيقى التي بدأت كمزيج من أحزان وآلام أقوام مهزومين (وهم المسلمون) مع أقوام تائهين عابرين للقارات (وهم الغجر من شمال الهند) بجانب الاسبان أنفسهم الذين كان يحكمهم ملك ظالم أمر أهل أسبانيا أن يغيّروا ديانتهم ،ويوحدوها تحت ديانته الكاثوليكية .
جاءت التاثيرات الثقافية لفن الفلامنكو من مناطق مختلفة ،بدءا بشمال أفريقيا ومرورا بجنوب أوروبا ،و انتهاء بالشرق الأدنى والأقصى ،لقد تأثر الفلامنكو بالإيقاع الشرقي البيزنطي والأغنية الشعبية الموروثة، فظهر ذلك الأثر في عدة قرى قريبة من غرناطة، التي يسكنها المورسكيون .
هكذا تكونت موسيقى الفلامنكو عبر التاريخ خليطا من ثقافات مختلفة ونغمات منسجمة تعلن عن نفسها بعذوبة. فحين تستمع إلى عازف الجيتار وهو يضرب بأنامله الأوتار، تجد أن الموسيقى قائمة على نوتات شرقية أساسية، أما باقي الملحمة، فهي تحتوي على شعرغجري منتظم ،يحكي الظلم ويفسر المعاناة الإنسانية التي يعيشها كل منهم، ومازال الفلامنكو يحتفظ بعلامات تدل على أصوله الشرقية بشكل واضح، كاعتماد الحنجرة في الغناء، والطابع الشرقي في التأليف الموسيقي الذي يعتمد الهارموني العربي، مثلما هو شائع في العزف العربي على العود وغيره من الآلات التي تعطي التون ونصف التون، كما أن التشابه القائم بين مقامات الفلامنكو ومقامات الغناء العربي بارز العيان، ويعتبر الشاعر زرياب أحد أبرز وألمع الموسيقين العرب الذين وفدوا الي الأندلس.
يتكون الفلامنكو من ثلاثة عناصر،الغناء ،الرقص والعزف علي الجيتار ، والتصفيق اليدوي ، وأهم ما يميزه النغمات الحزينة المأسوية والصرخات التي تشبه العويل ، الأمر الذي يتطلب من الراقصة ان تبذل قصارى جهدها في تحريك جسدها وأطرافها . يعكس الرقص أبعادا إجتماعية ، مثلا في بداية الرقصة تظهر هيمنة النساء وتحكمهنّ في حلبته، بعد ذلك يلتحق الرجال بالحلبة بشكل تدريجي، ، تلبس الراقصة لباسا زاهيا ملونا عريضا فضفاضا على غرار لباس الغجر، بينما يلبس الراقص قميصا ضيقا ملونا ،أو أبيضا وسروالا أسودا ضيقا أيضا، وينتعل الذكور والإناث أحذية قوية تحدث فرقعات مسموعة خلال ضرب الأرض بها .
قسم الباحثون أغاني الفلامنكو إلى ثلاثة أقسام، أغاني غجرية تمثل الأصل العميق ،وأغاني أندلسية الأصل، تعبرعن الوسيطة ، وأغاني خفيفة ،تمثل المزيج مع بض الأضافات ، لكن تطورالآن فن الفلامنكو الي نوع جديد بعد مزجه بفنون أخرى، مثل الجاز والبالية، والرقص الحديث ، إنتشر فن الفلامنكو، علي مستوي العالم ،ليحتل مكانة بارزة جنبا الي جنب مع أنماط الموسيقى التقليدية، والأغاني الحديثة ، من فنون الأداء الحركي.