علي العامري
مع أنها الدورة الأولى لمهرجان الفجيرة الدولي للفنون، إلّا أن المتابع لفعالياته يلحظ منذ لحظة الافتتاح أن المهرجان ولد كبيراً، وأن انطلاقته الأولى تبشر بمزيد من التطوير والفعاليات المبتكرة. هذا الانطباع الأول والمباشر عن المهرجان الذي يتوقع أن يحتل مكانة مرموقة خلال سنوات قليلة، بين المهرجانات العربية، خصوصاً أن خبرات في صناعة المهرجانات وإدارتها تقوم عليه، برؤية واضحة، وأهداف واضحة أيضاً.
في الدورة الأولى لمهرجان الفجيرة اجتمع أكثر من 700 مشارك وضيف من 61 دولة، إذ التمت آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية وإفريقيا تحت مظلة المهرجان، بفعاليات متنوعة تضمنت الموسيقى والغناء والفنون الاستعراضية، ومهرجان المونودراما وبطولة السيف وندوات حول المسرح، إضافة إلى معرض للفن التشكيلي. وبذلك يمكن وصف المهرجان بأنه «مجمع مهرجانات» داخل مهرجان واحد، خصوصاً أن من المنتظر أن يحفل بمهرجان دولي للشعر وملتقى دولي للفن التشكيلي ومهرجان للسينما، ويبدو أن لدى هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام خطة واضحة لهذه الأحداث التي ستكمل «مهرجان المهرجانات» في إمارة الفجيرة.
وكان عدد من المتابعين تساءل عن مصير مهرجان الفجيرة للمونودراما، الذي انطلق في عام 2003، وحقق حضوراً جلياً خلال السنوات الماضية، وجاءت الإجابة على لسان متابعين آخرين قالوا إن مهرجان الفجيرة للفنون لم يتخل عن مسرح الممثل الواحد، إذ تضمن 15 عملاً للمونودراما، كما تناولت الندوات وورش العمل فن المونودراما، مشيرين إلى أن رؤية مهرجان الفنون تقوم على فكرة تعميم الفعل الثقافي، من آداب وفنون، في إمارة الفجيرة، ليحضرها جمهور متنوع من جميع الفئات العمرية، بحيث يصبح جماهيرياً وليس نخبوياً، تحت شعار «الثقافة والفنون للجميع»، وقد أثمرت هذه الرؤية استقطاب جمهور عريض خلال الفعاليات التي أقيمت في مهرجان الفجيرة للفنون الذي تنظمه هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام في الفترة من 19 إلى 29 فبراير، واختتم أمس، محققاً نجاحاً كبيراً.
كما تساءل بعض المتابعين عن مصير مهرجان الربابة الذي انطلقت دورته الأولى في عام 2009، وكان آخرون أشاروا إلى أن موسيقى الربابة تراث لبلاد الشام والعراق ومناطق أخرى، لكنه لا يجد جمهوراً له في الإمارات، خصوصاً أن الإمارات تزخر بأشكال متعددة من الفنون التراثية التي تستحق الاهتمام والتعريف بها ونشرها، كما أنها تحظى بجمهور عريض.
ويبدو أن هيئة الثقافة أعادت قراءة المشهد من جديد، وأعادت تقييمه، لتخرج برؤية جديدة تكثف العمل خلالها في «مهرجان المهرجانات»، الذي تذهب فعالياته إلى الجمهور في مواقعه المتعددة، فكان أن جمعت في برنامج المهرجان فعاليات متنوعة، لكل واحدة منها جمهوره، كما فتحت المجال ليتعرف الجمهور ويتفاعل مع فنون مختلفة، من بينها موسيقى الفلامنكو الإسبانية، التي تؤكد دراسات أن لهذه الموسيقى جذوراً عربية تعود إلى الزمن الأندلسي.
تعد الانطلاقة القوية لمهرجان الفجيرة للفنون رصيداً جديداً يضاف إلى الساحة الثقافية في الإمارات، لكن تميزه منذ الإطلالة الأولى يتطلب تعزيز البنية التحتية، وتحسين المسارح والمباني الثقافية والتراثية الموجودة، كما يتطلب إنشاء مسرح رئيس متعدد الأغراض، إضافة إلى توظيف القلاع والحصون التاريخية التي تزخر بها الفجيرة، لتكون في قلب الحدث.