أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا أمس استئناف محادثات جنيف حول سوريا يوم 9 مارس بدلا من 7 مارس لأسباب لوجيستية وفنية وأيضاً حتى يستقر وقف إطلاق النار بدرجة أكبر. وقال دي ميستورا إنه يجب على الولايات المتحدة وروسيا العمل على نجاح اتفاق وقف الاقتتال في سوريا وإلا سيكون من الضروري تأجيل استئناف محادثات السلام. وقال إنه إذا لم يحدث تقدم بشأن وقف الاقتتال وبشأن وصول المساعدات الإنسانية فقد تؤجل الجولة التالية من محادثات السلام «قليلا». وتابع يقول «القرار بشأن ما إذا كانت ستجرى يوم الاثنين أو بعد ذلك بفترة قصيرة سيتخذ في الأيام القليلة القادمة بناء على التطورات على الأرض». وأضاف «لا نريد أن تكون المناقشات في جنيف محادثات بشأن انتهاكات لوقف إطلاق النار.. نود أن تتصدى فعلياً لجوهر كل شيء».
وقال دي ميستورا في مقابلة بالأمم المتحدة في جنيف، إن الأمر يرجع للولايات المتحدة وروسيا اللتين طرحتا اتفاق وقف العمليات القتالية في تبادل المعلومات وحماية الهدنة لأن الأمم المتحدة لم تكن طرفاً في ذلك.
وأضاف أن ذلك يتطلب من الطرفين تبادل الخرائط المشتركة لأرض المعركة ومراقبة الوضع بطائرات استطلاع من دون طيار وبالأقمار الصناعية إذ لن يكون من الممكن نشر ألوف المراقبين على الأرض. وليس لدى الأمم المتحدة سوى خرائط عامة للوضع قبل وقف القتال. وقال دي ميستورا إنه يتوقع أن يرى محاولات لإفشال وقف القتال ، وإنه يتعين احتواء ذلك لتجنب انتشار مثل هذه المحاولات وتقويض مصداقية الهدنة.
وبعد أن أجهضت الجولة الأولى من محادثات السلام في جنيف التي انتهت يوم الثالث من فبراير يريد دي ميستورا من الجانب السوري التركيز على الإصلاح الدستوري والحوكمة وإجراء انتخابات في غضون 18 شهراً.
وتابع أن الإفراج عن السجناء سيكون كذلك من القضايا التي تتصدر جدول الأعمال. وقال دي ميستورا إن الحرب أوجدت أكثر من خمسة ملايين لاجئ يجب أن تتاح لهم فرصة التصويت في أي انتخابات مستقبلية.
وقال دي ميستورا إنه تلقى تقارير من دمشق تفيد بأن كثيرين من الذين كانوا يفكرون في الرحيل يعيدون النظر في القرار بسبب وقف القتال «رغم كونه هشاً ودقيقاً».
وأضاف «في اللحظة التي يكون لدينا فيها -إن شاء الله- وقف حقيقي للعمليات القتالية وحرية وصول للمساعدات وتنفيذ لهذه النقاط الثلاث -حكومة ودستور وانتخابات- أراهن أن الكثيرين لن يحجموا فقط عن المغادرة بل سيعودون خاصة إذا كانت لدينا خطة مارشال لإعادة بناء سوريا».
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنه اتفق مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على ألا يناقشا انتهاكات مزعومة لخطة وقف العمليات العسكرية في سوريا وأن يكثفا العمل لوضع آلية لضمان أن أي ضربات جوية في سوريا ستقتصر على استهداف تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة».
وقال كيري في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إنه تحدث مع لافروف واتفقا على عدم الخوض في نقاش علني بشأن التقارير عن الانتهاكات من الجانبين. وأضاف أن فرقاً في جنيف والعاصمة الأردنية عمَّان ستتولى النظر في تلك التقارير. وقال كيري: «سنبحث عن كل انتهاك مزعوم، وسنعمل بشكل أكبر الآن على وضع آلية ستساعدنا لضمان أن المهام هي في الواقع مهام ضد النصرة أو مهام ضد داعش».
وأعلنت واشنطن أن مسؤولين في البنتاجون عقدوا اجتماعاً عبر الفيديو مع مسؤولين في وزارة الدفاع الروسية تباحث خلاله الطرفان في سلامة العمليات العسكرية الجوية التي ينفذها البلدان في سوريا.
ودعت روسيا أمس إلى إغلاق الحدود التركية السورية قائلة إن أسلحة يجري إخفاؤها في قوافل المساعدات الإنسانية وتنقل لعناصر تنظيم داعش وحلفائهم.
وقال لافروف «في ظل اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا والذي تم التوصل له بعد تفاوض بين الولايات المتحدة وروسيا، هناك مهمة خاصة جداً وهي قطع إمدادات الإرهابيين من الخارج».
وأضاف «لهذا الغرض يجب غلق الحدود السورية التركية، لأن هذه العصابات تتلقى الأسلحة عبر هذه الحدود ويشمل ذلك دخولها مع القوافل الإنسانية».
وقال «لا مكان للإرهابيين والمتطرفين» في اتفاق وقف الأعمال القتالية أو تسوية سياسية.
وقالت روسيا أمس إنها سجلت 15 انتهاكاً للاتفاق في سوريا على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية لكن طائراتها تمتنع عن قصف المناطق التي يحترم فيها الاتفاق من قبل «المعارضة المعتدلة».
وحذرت لافروف من تنامي خطر استخدام تنظيم داعش وجماعات أخرى للأسلحة الكيماوية في الشرق الأوسط ودعت لمفاوضات دولية للتوصل إلى اتفاق جديد بهدف التصدي لما وصفته بأنه «واقع خطير في زماننا.» وقال «لكن ما زلنا نواجه فجوات كبيرة لاسيما في استخدام المواد الكيماوية للأغراض الإرهابية».
وتابع «أصبح هذا الخطر ملحاً بشكل بالغ الآن في ضوء حقائق تكشفت في الآونة الأخيرة تظهر استخداماً متكرراً ليس للكيماويات الصناعية السامة وحسب بل ولعناصر حرب كيماوية كاملة من جانب داعش وجماعات إرهابية أخرى في سوريا والعراق».
وقال لافروف «لا يدع مجالا للشك في أن الإرهاب الكيماوي ليس خطرا مجردا بل واقعا خطيرا في زماننا يجب التصدي له».
وتابع «هناك خطر متزايد لارتكاب جرائم مماثلة على أراضي ليبيا واليمن».
وأشار إلى أن هناك تقارير عن امتلاك جماعات متشددة وثائق علمية وفنية عن إنتاج الأسلحة الكيماوية وسيطرتها على منشآت كيماوية، وأنها «تشرك خبراء أجانب في المساعدة على تركيب مواد كيماوية تستخدم كسلاح».
واتفق بان كي مون الأمين العام للمنظمة الدولية ووزير الخارجية الروسي على الحاجة الماسة لتنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا وعودة الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات السياسية. وشكر بان لافروف على «دوره الكبير في تحقيق التقدم الأخير في سوريا».
الاتحاد