د.احمد عبد العزيز الحداد
لقد مَنَّ الله تعالى علينا في هذين اليومين بأمطار غزيرة، عمَّت الإمارات والحمد لله، فأنسنا برحمة الله، وشكرناه على فضله وطَوله، وقد كثر التساؤل عن أحكام الجمع للمطر؛ فاستدعى شرح هذه المسألة بشيء من التبسيط، فأقول وبالله التوفيق:
أجاز الشارع الحكيم عند حدوث المطر جمع الصلاتين المشتركتي الوقت، وهما الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند الجمهور، وعند مالك بين المغرب والعشاء خاصة، وخالف الجميع أبوحنيفة رحمه الله تعالى، فإنه لا يرى الجمع إلا في النسك خاصة، عملاً بأصل وجوب الصلوات في أوقاتها.
• أجاز الشارع الحكيم عند حدوث المطر جمع الصلاتين المشتركتي الوقت.
وهو رخصة لمن يشق عليه العود إلى المسجد، أو محل الجماعة ولو في غير المسجد، وذلك لبعد المسافة أو الظلمة أو الوحَل، دون من كان في المسجد أو قريب منه، أو كان المرء في بيته، فلا يشرع له الجمع للمطر؛ لعدم المشقة التي شرع لأجلها.
وهل هو سنة يثاب عليها المرء ثواب إحياء السنن أو هو رخصة؟ خلاف، فبعضهم قال إنه سنة أي إنه مما عُمِل بها، وسن لنا الترخص بها. وقيل: معناه السنة اللغوية وهي الطريقة، والمراد أن من أخذ برخصة الجمع فسنته أن يأتي بها على الهيئة المشروعة، لا أنها بمنزلة السنن المأمور بامتثالها المندوب إلى فعلها، كما في التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (1/ 202) للقاضي عياض رحمه الله تعالى، وبينه قوله في كتاب محمَّد: وليس بسنة [لازمة].
وخصه المالكية بالمغرب والعشاء، دون الظهر والعصر لعدم المشقة فيهما غالباً، بخلاف العشاءين؛ لأن الناس لو منعوا من الجمع لأدى إلى أحد أمرين: إما حصول المشقة إن صبروا لدخول الشفق، أو فوات فضيلة الجماعة إن ذهبوا إلى منازلهم من غير صلاة. كما في شرح مختصر خليل للخرشي (2/ 70): ولما روي أن أبا سلمة بن عبدالرحمن – وهو من ثقات تابعيي المدينة – قال «إن من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء».
إلا أن السادة الشافعية والحنابلة عملوا بظاهر حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا سفر» قيل له: لِمَ ترى يا ابن عباس؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته».
وقد حمل الجمهور الحديث على عذر المطر، أو الجمع الصوري، وهو تـأخير الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، وكثيرٌ من المحدثين – ومنهم الإمام النووي رحمه الله – حملوه على ظاهره، فأجازوه للحاجة ولو في غير السفر والمطر والمرض، بشرط ألا يتخذه المرء عادةً. كما في شرح مسلم 5/219.
أمّا شروط الجمع للمطر فقد ذكرها الفقهاء بأنها:
1- البداءة بالأولى.
2- نية الجمع فيها.
3- ودوام المطر إلى الدخول في الثانية.
4- الموالاة بين الصلاتين.
5- أن يكون الجمع تقديماً لا تأخيراً؛ لأن استدامة المطر ليست مؤكدة، فقد ينقطع المطر فيؤدي إلى إخراج الصلاة عن وقتها من غير عذر.
وتوسع المالكية بجواز الجمع للطين والوحَل؛ لأنه يلوث الثياب والنعال، ويتعرض الإنسان فيه للزلَق وتتأذى نفسه وثيابه، وهذا أعظم من البلل، والحنابلة للريح الشديدة؛ لأن ذلك عذر في ترك الجمعة والجماعة، والشافعية بالثلج والبرَد إذا ذابا وبلَّا الثياب؛ قياساً على المطر.
الامارات اليوم