محمد الحمادي
يرى وزير الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون، أن الخطاب الحاد في شأن المسلمين من قبل مرشحي الرئاسة المحتملين عن الحزب الجمهوري، يقوض جهود الأمن القومي، وبلا شك أن جونسون يقصد بكلامه هذا المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي يعتمد في حملته على نشر الكراهية وتأجيجها بين الأميركيين المسلمين وغير المسلمين لأهداف انتخابية.
وتكمن أهمية تصريح وزير الأمن الداخلي الأميركي في هذا التوقيت، ليس بسبب ما يقوم به ترامب فقط، وإنما أيضاً بسبب ما يقوم به أمثال وأشباه ترامب من أشخاص ومؤسسات في الغرب ممن يقوضون السلام والوئام بين الغربيين والمسلمين بسبب موقفهم من مجموعة إرهابية صغيرة تدعي الإسلام وتنفيذ تعاليمه وهي بعيدة كل البعد عنه وعن أصوله الحقيقية والعميقة.
ما يحدث اليوم ليس وليد اللحظة، فمن يراقب الشأن الأوروبي يدرك أنه منذ هجمات مدريد ولندن، قبل أكثر من عشر سنوات «بين عامي 2004 و2005» واليمين المتطرف في أوروبا يزداد قوة ونجمه يأخذ في الصعود أكثر وأكثر، وأصبح اتهامه للمسلمين ضمن أولوياته وأجندته الأساسية، وهذا ما ساعد أكثر في تعميق الخلل الاجتماعي الذي يعيشه المهاجرون المسلمون في الغرب، فضعف سياسات الاندماج في دول الهجرة ومن ثم التهميش الذي يعاني منه أبناء الجاليات في بعض الدول كان واحداً من أسباب انتشار التطرف والعنف هناك – وهذا ما تؤكده كثير من الدراسات في هذا الشأن – وما يفعله ترامب والترامبيون من إصرار على وضع جميع المسلمين في سلة واحدة، ووصمهم بالإرهاب والعنف لا شك أنه لا يصب لا في مصلحة المسلمين ولا في مصلحة الغرب، وإنما يصب بشكل مباشر في مصلحة تنظيم «داعش» وأمثاله من الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
يعرف تنظيم «داعش» كيف يستغل الوضع الذي يعيشه البعض في أوروبا، وبعض الأوروبيين يقدمون لـ «داعش» الهدايا المجانية، وعندما نراجع الأرقام لا بد أننا سنفاجأ من جرائم «داعش» في أوروبا، فخلال الفترة من سبتمبر 2014 وحتى تفجيرات بروكسل الأخيرة، شن تنظيم «داعش»، أو تنظيمات تابعة له، نحو 30 اعتداءً إرهابياً في الغرب، 22 عملية منها في أوروبا، و6 عمليات إرهابية في أميركا الشمالية، وعمليتان في أستراليا، وذلك طبقاً لإحصائيات صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
أما عدد المقاتلين الأوروبيين الذين انضموا إلى تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، فتقدره بعض المصادر الأوروبية الرسمية بحوالي 8 آلاف شخص، بينهم أكثر من 1200 مواطن فرنسي، و600 من بريطانيا، و550 من ألمانيا.
الأحداث الأخيرة والأرقام تقول إن هناك واقعاً جديداً يعيشه الغرب، وهو بحاجة إلى أن يتعامل معه بحكمته وعدالته المعروفة عنه، فلا نعتقد أن الغرب المتحضر يفكر في إقصاء مواطنيه أو معاقبتهم على أخطاء ارتكبها غيرهم وإن كانوا من عرقهم ودينهم، وإنما يفكر كيف يحميهم ويحتويهم أكثر.
بعد أن نذكر كل تلك الحقائق ونستعرض كل تلك الأرقام لا بد أن نؤكد أن شيئاً لا يمكن أن يبرر العنف والإرهاب والقتل الجماعي.
– الاتحاد