أعلنت بلديات 10 مدن ساحلية غرب ليبيا تأييدها لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج المدعومة من الأمم المتحدة، وخروجها بالتالي عن سلطة الحكومة غير المعترف بها دولياً في طرابلس. ويشكل هذا الإعلان ضربة لحكومة طرابلس، التي تفقد بذلك السيطرة على الجزء الأكبر من الغرب الليبي، ما قد يؤدي إلى زيادة الضغوط عليها لتسليم السلطة إلى حكومة الوفاق الوطني التي تحظى بدعم المجتمع الدولي.
ودعا رؤساء وممثلو البلديات العشر عقب اجتماع في صبراتة غرب طرابلس مساء امس الأول الليبيين إلى «الوقوف صفاً واحداً لدعم حكومة الوفاق الوطني».
وقال هؤلاء في البيان الذي نشر على الصفحة الرسمية لبلدية صبراتة في موقع فيسبوك إن بلديات مدنهم الواقعة بين طرابلس والحدود التونسية غرباً تدعم وصول «حكومة التوافق إلى العاصمة طرابلس». كما دعوا الحكومة إلى العمل على «السعي لإنهاء الصراعات المسلحة وبشكل عاجل بكامل التراب الليبي».
والمدن الليبية العشر هي زلتن، ورقدالين، والجميل، وزوارة، والعجيلات، وصبراتة، وصرمان، والزاوية الغرب، والزاوية، والزاوية الجنوب.
وأعلنت الحكومة الليبية غير المعترف بها دولياً في بيان، أنها لن تتشبث بالسلطة، لكنها ستعارض بشكل سلمي حكومة الوفاق ودون استخدام القوة أو التحريض على القتال والصراع بين أبناء الوطن الواحد.
وقال البيان «أعلن أنني لا أسعى إلى سلطة أو منصب وأطالب بإعطاء الفرصة لأبناء الوطن الخيرين من الثوار ومؤسسات المجتمع المدني والأعيان والعلماء لتقرير ما يرونه مناسباً لحقن الدماء وإيجاد مخرج من الأزمة التي تمر بها بلادنا الحبيبة».
وشهدت طرابلس أول تظاهرة مؤيدة لحكومة الوفاق الوطني في ساحة الشهداء شارك فيها نحو 300 شخص دعوا خلالها رئيس الحكومة غير المعترف بها دوليا خليفة الغويل إلى تسليم الحكم.
وهتف المتجمعون وهم رجال ونساء وأطفال «ارحل ارحل يا الغويل» و«الشعب يريد حكومة الوفاق»، ورفعوا أعلاما بيضاء وأعلاما ليبية. وقال احد المتظاهرين سليم العويل لوكالة فرانس برس «نريد دولة مؤسسات اليوم قبل الغد، سئمنا الفوضى في كل شيء». وانتشر عناصر من الشرطة التابعة لسلطات طرابلس حول الساحة.
من جانبه، أعلن مسؤول في جهاز حرس المنشآت النفطية في ليبيا أمس أن هذا الجهاز الذي يحمي موانئ التصدير الرئيسية في شرق البلاد لن يسمح بتصدير النفط منها «إلا لمصلحة حكومة الوفاق الوطني».
وقال المسؤول لوكالة فرانس برس إنه تم وضع «كافة الموانئ الواقعة في نطاق سيطرتنا» تحت سلطة «حكومة الوفاق منذ اللحظة الأولى لدخول» رئيس الحكومة فايز السراج وأعضاء آخرين فيها إلى طرابلس الأربعاء.
وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن موانئ البريقة والزويتينة وراس لانوف «ستشرع في التصدير مباشرة لمصلحة حكومة لوفاق»، مضيفاً «لن نصدر إلا لصالح» هذه الحكومة.
وأشار إلى أن هذه الموانئ «لم تكن مقفلة»، لكن الصراع على الحكم بين سلطتي الشرق وطرابلس والهجمات التي تعرضت لها على مدى الأشهر الماضية من قبل تنظيم داعش عرقلت عملية التصدير منها والتي استمرت رغم ذلك على فترات متقطعة.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت في مقابلة مع صحيفة «ويست فرانس» المحلية نشرت امس، أن على المجتمع الدولي الوقوف على أهبة الاستعداد لمساعدة حكومة الوفاق الوطني الجديدة في ليبيا في حال هي طلبت، بما في ذلك عسكرياً.
وقال ايرولت لصحيفة «ويست فرانس» المحلية إن «ليبيا مصدر قلق مشترك لجميع البلدان في المنطقة وخارجها. والفوضى التي تسود اليوم تعزز التنامي السريع للإرهاب، وهذا يشكل تهديدا مباشرا للمنطقة ولأوروبا. داعش يتراجع في سوريا والعراق، ولكنه يتقدم ميدانيا في ليبيا».
وأضاف وزير الخارجية الفرنسي «يجب أن نكون مستعدين للاستجابة في حال طلبت حكومة الوفاق الوطني المساعدة، بما في ذلك على الصعيد العسكري».
ورداً على سؤال حول تدخل عسكري محتمل في ليبيا، أوضح ايرولت أن «هذا يعتمد على ما تطلبه منا الحكومة الشرعية. فكرة أنه يمكننا شن ضربات جوية خارج أي عملية سياسية، ليست مطروحة».
وأشار إلى أن «الجزائريين الذين لم يكونوا مؤيدين للضربات في العام 2011، كما الروس، لم يمتنعوا أبدا عن تذكيرنا بالعملية في ليبيا» التي أدت إلى سقوط معمر القذافي. وأضاف «علينا تجنب تكرار أخطاء الماضي وعدم نسيان ما حدث في العراق. مسؤولية التدخل الأميركي في عهد جورج بوش دراماتيكية. أخل ذلك التدخل بالمنطقة وأدى إلى نشوء التطرف وداعش. كل أولئك الذين يفكرون بحلول في سوريا وفي ليبيا، يعرفون أنه يجب عدم تكرار الأخطاء».
الاتحاد