
فشلت الرئاسات العراقية الثلاث، أمس، في الخروج بحل للأزمة العراقية، في اجتماع حمل رئيس الحكومة حيدر العبادي مسؤولية سقوط هيبة الحكومة والبرلمان، ما دفعه إلى طرح حكومة إنقاذ، ولوح الأكراد بالانسحاب من العملية السياسية، فيما انسحب محتجو المنطقة الخضراء المعتصمون ممهلين القادة العراقيين للتصويت على كابينة وزارية بجلسة واحدة، مهددين بأن إقالة الرئاسات الثلاث والانتخابات المبكرة وسقوط النظام السياسي على مرمى اقتحام آخر.
وقالت مصادر حكومية، إن سياسيين حضروا اجتماع الرئاسات الثلاث الذي عقد في منزل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم أمس هاجموا العبادي وحملوه مسؤولية ما حدث، ودعوا إلى تغيير الرئاسات الثلاث وفق الأطر الدستورية. وقالت المصادر، إن الاجتماع شابه التوتر، لكن لم يصدر عنه شيء وفشل في الوصول إلى أي حل، رغم أن العبادي قدم مقترحاً لحكومة إنقاذ وطني، رفضها المجتمعون، الذين لم يفعلوا في النهاية شيئاً سوى إدانة اقتحام البرلمان والاعتداء على النواب، والذي اعتبروه «تجاوزاً خطيراً على هيبة الدولة وخرق فاضح للإطار الدستوري يستدعي مقاضاة المعتدين أمام العدالة».
وذكرت مصادر مقربة من الاجتماع أن خلافاً دب بين العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري الذي رفض بداية المشاركة في الاجتماع احتجاجاً على اقتحام المتظاهرين مجلس النواب.
من جهتها، أعلنت اللجنة المنظمة للتظاهرات عن انسحاب المحتجين من المنطقة الخضراء المحصنة. وأعلنت إخلاص العبيدي في بيان للتيار الصدري، أنه تم الإيعاز للانسحاب من المنطقة الخضراء، مقابل تنفيذ مطالب من ثلاث مراحل.
وأضافت أن المرحلة الأولى تتضمن التصويت على كابينة تكنوقراط بجلسة واحدة، وفي حال عدم تحقيق هذا المطلب الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي سيتم فيها إقالة الرئاسات الثلاث وفي حال عدم تحقيق ذلك، سيتم الانتقال إلى المرحلة الثالثة، التي تتضمن انتخابات مبكرة.
وقالت إنه في حال عدم تحقيق المطالب سيتم الدخول إلى مقرات الرئاسات الثلاث أو إعلان العصيان المدني أو الإضراب العام، «بغية إتاحة الفرصة لصناع القرار السياسي؛ لذا نمهلهم ليعودوا إلى رشدهم».
وأكد البيان أن «الجماهير الآن ومن موقع الاقتدار والقوة تعلن خروجها من المنطقة الخضراء احتراماً لذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم، وبعد انتهاء مراسم الزيارة ستكون العودة أقوى، ولنا وقفة عظيمة في الجمعة المقبلة».
وفي السياق ذاته، دعت الهيئة السياسية للتيار الصدري أمس، إلى تشكيل كتلة وطنية «عابرة للطائفية والقومية والفئوية بعيدة عن المصالح الشخصية أو التخاصم السياسي أو الطموحات الفردية». واقترحت أن تكون هذه الكتلة «مكرسة لأجل المصالح الوطنية العليا، تأخذ على عاتقها إعداد خطة إنقاذ وطني مدروسة لا تخضع لأي قوة خارجية أو أجندات مشبوهة».
من جانبه، لوح النائب الثاني لرئيس مجلس النواب آرام شيخ محمد الممثل للأكراد أمس، القيادة السياسية الكردستانية إلى تعليق مشاركة الكرد في العملية السياسية لحين إعادة «الهيبة» للبرلمان.
وقال شيخ محمد في مؤتمر صحفي، عقب وصوله إلى السليمانية، إنه «تم تحريض المتظاهرين من قبل طرف سياسي بهدف الإساءة للبرلمان»، معتبراً أن «ما حدث هي محاولة من قبل كتلة معينة لإفراغ البرلمان من جميع الكتل السياسية»، مؤكداً «أننا لا نقبل بفرض أي شيء من قبل أشخاص غرقوا في الفساد، وتسببوا في وصول العراق لهذا الوضع».
وفي تلك الأثناء، أوعزت قيادة عمليات بغداد، لجميع القوات والقطعات الأمنية بإلغاء الإجازات الرسمية والالتحاق بوحداتهم العسكرية، فيما أعلنت عن حالة الإنذار «ج» لجميع العناصر الأمنية، فضلاً عن غلق جميع الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء وسط بغداد، مؤكدة أن إعلان الإنذار جاء بعد اقتحام المنطقة الخضراء من قبل المتظاهرين الغاضبين.
وكان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وجه أمس، وزارة الداخلية بملاحقة المعتدين على القوات الأمنية وأعضاء مجلس النواب والذين قاموا بتخريب الممتلكات العامة. ودعا العبادي المحتجين إلى العودة للمناطق المخصصة للتظاهر، وعدم التعدي على الممتلكات العامة.
واحتشد المحتجون خارج المنطقة الخضراء وعبروا جسراً فوق نهر دجلة مرددين هتافات منددة بمغادرة النواب للبرلمان، كما هتف الآلاف وسط ساحة الاحتفالات داخل الخضراء شعارات ضد إيران وقائد فيلق القدس قاسم سليماني.
من ناحيتها، أكدت الولايات المتحدة أنها ستظل شريكاً ملتزماً للحكومة والشعب العراقي على الصعدة كافة، وفقاً لما تنص عليه اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين. وأعربت في بيان للسفارة الأميركية في بغداد عن «قلقها إزاء تظاهرات يوم السبت، التي وقعت داخل حرم مجلس النواب، وأدت إلى إلحاق الأضرار بالممتلكات وممارسة العنف ضد بعض الأفراد».
وأضافت: «تضم السفارة صوتها إلى صوت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في الحث على الالتزام بضبط النفس واحترام المؤسسات الدستورية وحقوق الآخرين، كما نحث الحكومة العراقية وجميع القادة السياسيين والمسؤولين الأمنيين وممثلي المجتمع المدني للعمل سوياً من أجل استعادة الأمن ودفع عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي قدماً إلى الأمام».
الاتحاد