شيع الآلاف من أبناء مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن، أمس جثامين عدد من الشهداء الذين سقطوا في الهجوم الإرهابي الذي استهدف بوابة معسكر النجدة في منطقة فوة، أمس الأول، وخلف عشرات القتلى والجرحى. وطالب المشيعون السلطات الأمنية والعسكرية بسرعة القبض على العناصر الإجرامية التي تعيث في الأرض فساداً، ومحاسبتهم على ما اقترفوه بحق المدنيين والأبرياء وأفراد القوات المسلحة والأمن. وأكد المشاركون أن حضرموت ليست حاضنة للإرهاب، وأن الجماعات المسلحة والخلايا الإرهابية التي لا تزال موجودة سيتم فضحها وتعقبها في أوكارها.
وتوعدت القيادات المحلية والعسكرية في حضرموت العناصر الإرهابية بردٍ قاسٍ على العمليات التي نفذتها خلال الأيام الماضية، وطالت مواقع عسكرية، وراح ضحيتها العشرات من الجنود والمستجدين الراغبين في الالتحاق بالوحدات الأمنية والعسكرية. وأكد محافظ حضرموت اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك أن ما تشهده حضرموت حالياً، من عمليات إرهابية تستهدف الأبرياء من أبناء المحافظة، يأتي ردة فعل انتقامية من قبل تنظيم القاعدة المنهزم تحت ضربات الجيش الوطني، مسنودة بقوات التحالف العربي، ظناً من هذا التنظيم أنه سيوقف حركة الانتصارات التي تسجلها قواتنا ضده. وأشار إلى أن هذه الأعمال المشينة لا يمكنها أن تكون حائلاً دون تحقيق أهدافنا كافة في اجتثاث هذا التنظيم الإرهابي من حضرموت، ومن كل شبر في الوطن، مؤكداً: العمليات الجبانة لن تزيدنا إلا إصراراً على المضي قدماً نحو محاربة التنظيمات الإرهابية المختلفة.
وأكد اللواء ابن بريك أن النضال ضد القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى لن يتوقف عند حدود، وستستمر مداهمة أوكارهم وأماكن وجودهم مهما كلف ذلك من تضحيات ، متعهداً ألا تذهب تضحيات ودماء الشهداء هدراً، وأن المعركة في محاربة هذه العناصر الإجرامية والإرهابية لن تتوقف حتى اقتلاع جذور هذا التنظيم في حضرموت سواء بالانتشار الأمني، وتعزيز المواقع والحواجز والوحدات الأمنية لتعقب العناصر الإرهابية أو تكثيف العمل الاستخباراتي، داعياً المواطنين إلى الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة للعناصر الإرهابية لمساعدة الأجهزة الأمنية في كشف أوكار هذه العصابة. وخصصت السلطات المحلية راتباً شهرياً لجميع الشهداء الذين قضوا في الحادث الإرهابي الغادر والجبان أمام بوابة معسكر النجدة في المكلا، واحتسابهم ضمن قوائم شهداء القوات المسلحة، كما وجه بمتابعة حالات المصابين، وتوفير العناية الطبية اللازمة لهم.
وأكد محافظ حضرموت اهتمام ومتابعة الرئيس اليمني وقيادة قوات التحالف العربي للاطمئنان عن حالة الجرحى ونقل التعازي لذوي الشهداء، وتأكيد الوقوف إلى جانب أسرهم وذويهم، وتقديم أوجه الدعم كافة لهم، ومبادلتهم الوفاء بالوفاء. وقال: «نتوجه إليكم وكلنا ثقة بأن الجميع سيكونون على قدر كبير من المسؤولية في كشف وفضح هذه العناصر الإرهابية، ونخص بالذكر خطباء وأئمة المساجد بإرشاد وتوعية الشباب، وإننا نتعهد مواصلة السير على خطى شهدائنا الأبرار الذين يروون بدمائهم الطاهرة تراب حضرموت، وإننا على استعداد تام لتقديم الشهداء تلو الشهداء حتى يتحقق النصر الشامل ضد هذا التنظيم».
من جانبه، أكد قائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء فرج الحبسني، أن الخطة الأمنية مستمرة لتعقب العناصر الإرهابية في المكلا، وأن أجهزة الأمن تمكنت من ضبط مجاميع إرهابية على متن سيارتين تحملان ذخائر وأسلحة، وتم التحفظ عليها وإحالة العناصر إلى التحقيق. ونوه بأنه يجري حالياً مراجعة الخطط الأمنية من قبل القيادات العسكرية والأمنية بالمحافظة، ويجري وضع إجراءات عاجلة إلى جانب قوات الاحتياط الهائلة التي سيتم الدفع بها إلى أجهزة الأمن والجيش لتأمين حضرموت، لافتاً إلى أن هناك دعماً متواصلاً من قبل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات بشأن تنفيذ الخطط الأمنية، وبما يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار. وأضاف: «تنظيم القاعدة احتل المكلا أكثر من عام، واستولى على موارد كثيرة من أسلحة وعتاد عسكري، وإن قوات الجيش والمقاومة ستواصل مهامها في تأمين المكلا وتعقب الخلايا التابعة للتنظيم التي تختبئ في أوكارها». وأشار إلى أن المخلوع صالح قام بتدمير كل الأجهزة الاستخباراتية الوطنية، خصوصاً في حضرموت، وقام ببناء جهاز خاص به لخدمة أجندته، كما أن هناك استهدافاً متواصلاً منذ سنوات ماضية للعناصر والقيادات الاستخباراتية الوطنية وتصفيتهم، ويجري حالياً بناء جهاز استخباراتي وطني جديد بتقنية عالية، وسينال من هؤلاء الإرهابيين.
وأكد حلف قبائل حضرموت أن الأعمال الإرهابية والإجرامية لا يمكن لها أن تكون حجر عثرة أمام أبناء حضرموت في تحقيق أهدافهم وطموحاتهم، ولن تكون حاجزاً لاجتثاث هذا الداء الإرهابي المميت. وأكد في بلاغ صادر عنه، أن هذه العمليات لن تزيد أبناء حضرموت إلا إصراراً على المضي قدماً نحو محاربة مثل هذه التنظيمات الإرهابية المختلفة، داعياً إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة لكل ما يخل بالأمن والسكينة العامة، وأن مسؤولية الأمن والتصدي لأي محاولة لزعزعة الاستقرار والسكينة تقع على عاتق كل الأفراد من مدنيين وعسكريين.
بدوره، قال محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، إن العملية الإرهابية ينفذها تنظيم القاعدة الممول من المخلوع صالح، وذلك انتقاماً للنصر الكبير الذي حققته القوات الجنوبية بدعم وإسناد قوات التحالف العربي في المدن المحررة من سيطرتهم، مؤكداً «أن الحملة العسكرية والأمنية ضد الجماعات الإرهابية التي ترعرعت في حضن المتمردين مستمرة وقائمة حتى تجفيف منابع الإرهاب في عدن وحضرموت وكل مدن الجنوب». وقال في برقية تعزية بعثها لأهالي ضحايا العملية الإرهابية التي شهدتها المكلا خلال الأيام الماضية: «إن هذه العمليات الإجرامية جاءت نتيجة النجاحات المستمرة التي تحققها قيادة محافظة حضرموت والقوات العسكرية في ملاحقة الجيوب الإرهابية والخلايا النائمة والعمل بشكل متواصل ودوري لحفظ الأمن والاستقرار في المكلا وسائر عموم مدن حضرموت الساحل والوادي والصحراء».
ودعا اللواء الزبيدي المواطنين للتعاون مع القوات العسكرية والأمنية في عموم مدن الجنوب التي تخوض حرباً مستمرة ضد الجماعات الإرهابية الدخيلة على المجتمع الحضرمي والجنوب، بدعم وإسناد مباشر من قوات التحالف العربي، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
واعتبر ياسين مكاوي مستشار الرئيس اليمني، جريمة مدينة المكلا تأكيداً لأهمية الحزم والعزم في مواجهة التنظيمات الإرهابية، والعمل على اجتثاثها وملاحقتها في أوكارها والقضاء عليها دون هوادة، مضيفاً: «لقد تكشف بجلاء حجم المخاطر المحدقة ببلادنا، كما يؤكد سلامة نهج الحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة في محاربة الإرهاب ودك أوكاره».
ودعا مكاوي دول التحالف العربي إلى مواصلة إسناد الجيش الوطني ودعمه في محاربة التنظيمات الإرهابية في حربه ضد الإرهاب وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار، لافتاً إلى أهمية تعاون المواطنين والقوى الوطنية كافة مع السلطات الأمنية وقوات الجيش الوطني والتحالف العربي ومساعدتهم في الكشف عن المتورطين والخلايا التي تخدم القوى الظلامية المرتبطة بالمشروع الفارسي الهدام وزبانيته المتمثلة بالحوثي وعفاش.
من جانب آخر، ضبطت القوات الأمنية والجيش كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات كانت مخبأه في مخازن على قمم بعض الجبال المحيطة بمدينة المكلا. وقال مصدر أمني: إن وحدة أمنية قامت بتطويق الجبال ومواقع الأسلحة والذخائر التي نهبتها العناصر الإرهابية من معسكرات الدولة خلال سيطرتها على المدينة، وتم نقلها إلى مواقع نائية وجبلية وتخبئتها، لكن الأجهزة الأمنية تمكنت من العثور على هذه المخازن السرية وضبط كل الأسلحة والذخائر والمتفجرات، ونقلها إلى أحد المواقع العسكرية التابعة للجيش الوطني.
إلى ذلك، اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش وعناصر إرهابية في أطراف مدينة الحوطة، عقب إطلاق قذيفة صاروخية على مدرعة عسكرية كانت متمركزة في حاجز أمني. وقال مصدر في الشرطة: إن مسلحين إرهابيين حاولوا استهدف مدرعة عسكرية بقذيفة أر بي جي، لكنها اختطت الآليات العسكرية وأصابت منزل مواطن، مضيفاً أن القوات الأمنية نفذت حملة مداهمات لعدد من الأحياء والمنازل السكنية في حارة قصي شرق الحوطة لتعقب العناصر الإرهابية، وإن اشتباكات اندلعت مع بعض العناصر هناك وتم اعتقالها. وأضاف المصدر أن أجهزة الشرطة تواصل جهودها الرامية لتأمين مناطق الحوطة وتبن من عودة التنظيمات المتطرفة وفرض الأمن والاستقرار.
من جهة أخرى، ضبطت أجهزة الأمن في مدينة عدن، خلية مكونة من 10 أشخاص كانت تنزل في أحد الفنادق السياحية في مديرية المنصورة. وأفادت مصادر في الشرطة بأن الخلية مكونة من 10 أشخاص، وتم العثور أثناء مداهمة الغرف التي ينزلون فيها على ملابس عسكرية وكمبيوترات وكاميرات وكتب ووثائق خاصة بحزب الله وجماعة الحوثي إلى جانب أجهزة اتصالات، وإن التحقيق جارٍ مع عناصر الخلية.

الاتحاد