سامي الريامي

المجرم قاتل الطفل «عبيدة» سقط في يد شرطة دبي سريعاً، وسيلقى جزاءه وعقابه على جريمته البشعة، لا نشك أبداً في ذلك، فجريمة بهذا الحجم، يجب أن تكون عقوبتها بالحجم ذاته، ليس ذلك تدخلاً في عمل القضاء، ولكن ثقة منا بأن القضاء لا يتهاون أبداً مع المجرمين من هذا النوع، ولكن هذا ليس كل شيء!
الجريمة وقعت وانتهت، والمجرم في قبضة العدالة، لكن الأهم من ذلك كله، كيف يمكن سد الثغرات القانونية والإجرائية التي سهّلت مهمة دخول هذا المجرم إلى البلاد، وإقامته فيها، وتجوله بكل حرية، ولمدة طويلة قبل أن ينفذ جريمته؟!

أليس من الغريب أن نظام دخول الدولة ومنح الإقامات لمن يرغب في العمل والعيش هُنا، لا يتضمن طلب أي ورقة أو شهادة عن خلفية الشخص المتقدم؟! هل الوضع يبدو طبيعياً ومنطقياً أن يحصل الراغب في دخول الإمارات على تأشيرة إقامة، من دون أن يعرف أحد سوابقه الجنائية، وسلوكياته، وطبيعته، وأمراضه النفسية؟!

تُركز الجهات المعنية حالياً على حالة الوافد الصحية، وتهتم بتحويله إلى الفحص الطبي لمعرفة النتيجة إن كان خالياً من الأمراض العضوية أو لا فقط، فيما تتجاهل ما هو أهم من الأمراض العضوية، ألا وهو الأمراض النفسية، وشهادة حسن السيرة والسلوك، وخلفيات هذا المتقدم وسوابقه، للإجابة عن سؤال مهم هو: هل يستحق هذا الشخص دخول الدولة والإقامة فيها؟ وهل ارتكب هذا الشخص جرائم في بلاده أو لا؟

للأسف لا يحدث ذلك إلى يومنا هذا، تصدر الجهات المختصة مئات الآلاف من تأشيرات العمل، لشغل مئات الآلاف من الوظائف بدءاً من العمال الإنشائيين، إلى الموظفين، والمحاسبين، والماليين، وغيرهم، وحتى الفئات المساعدة، أولئك الذين يعملون في بيوتنا، يعيشون بيننا، ويربون أطفالنا، يتعاملون معهم بشكل لحظي، وليس يومياً، جميع هؤلاء يدخلون الدولة، ويعملون فيها، ويقيمون، من دون أن نعرف ماضيهم الجنائي في بلدهم، ثم نفاجأ ونقيم الدنيا عند حدوث جريمة!

أليس طريفاً وغريباً ومضحكاً، أن الجهات الحكومية، وحتى الخاصة في الإمارات، لا يمكن أن توظف مواطناً من مدون أن تطلب منه إحضار شهادة حسن سيرة وسلوك، وترفضه فوراً في حالة عدم موافقة الجهات الأمنية على إصدار هذه الشهادة، إن كان ذلك المواطن صاحب سابقة، مهما كانت هذه السابقة، في حين أن الأبواب مفتوحة على مصراعيها لمئات الآلاف من الوافدين، يدخلون ويجدون فرص عمل من دون أن يحضروا هذه الشهادة من بلدانهم؟!

العالم ليس مملوءاً بالملائكة، ومادمنا هُنا في الإمارات دولة حضارية راقية، ومجتمعاً آمناً، وسوقاً جاذبة للعمالة، فعلينا أن ننتقي من العالم من يحق له الدخول والإقامة والعيش بيننا، ومن أبسط الصفات التي يجب أن يتحلى بها من يريد الدخول ألا يكون مجرماً من أصحاب السوابق، وأن يثبت ذلك بشهادة رسمية معتمدة من الجهات الرسمية في دولته، هل في ذلك أي خطأ أو حرج؟!

لا تمييز في ذلك، ولا تفريق بين الجنسيات والأديان، ولا انتهاكات هنا لحقوق الإنسان، هذه الجملة التي ترعبنا للدرجة التي تجعلنا نتساهل فيها في تطبيق القوانين، كل ما في الأمر هو حماية المجتمع وأفراده، مواطنين كانوا أو مقيمين، من أصحاب الأعمال الإجرامية، ومنعهم من دخول الدولة، والعيش بيننا بحرية انتظاراً للفرصة المناسبة لتنفيذ جرائمهم!

الامارات اليوم