الفجيره نيوز- يمينه عبد الواحد-

تعدى الثمانين من العمر، فلم يعد يذكر متى بدأت علاقته بمهنة الحداده، كل ما يتذكره هو أنه ورث الحرفة عن اجداده فتعلمها صغيرا و كأنه يحملها في جيناته الوراثيه۔
خميس محمد البردان اقدم حداد في المنطقة الشرقيه ،اشتهر بصناعة ادوات الصيد و الأبواب وأواني الطبخ و الآلات الزراعيه البسيطه التي كانت تستخدم قديما ۔
قطع الحديد التي كان يذيبها بالنار ،ثم يوسعها ضربا بالمطرقه انتقمت منه فاضعفت بصره ،و الحفرة التي كان يخفي نصف جسمه داخلها أثرت على ركبتيه، فاستسلم ذلك الرجل الذي كانت صحته مثل الحديد “فلا يفل الحديد الا الحديد”۔
يحن البردان الى ايام زمان ،الى العلاقات الاجتماعيه الجميله بين الجيران و إكرام الضيف و البركه في الرزق ،حيث كان يربي اولاده ب5 ربيات في اليوم فيما يرى أن التطور اثر على بعض العادات ۔
يشتاق الحداد خميس البردان الى ممارسة حرفته ، فيقصد حفرته و لو لدقائق ليطفئ نار الشوق بنار ملتهبه تتطاير شررا ۔
يتحدث عن المهنة فيقول : اولادي يرفضون مزاولتها و يفضلون الوظائف ،فيما رفض هو سابقا ان يعمل بغير مهنة الأجداد ،و يعترف أنها صعبه و لا تتناسب مع ارتفاع درجات الحراره و انها اصبحت اليوم جزءا من التراث ۔
يفتخر محمود احد ابناء البردان بهذا الوالد الذي تمسك بحرفة الأجداد، لكنه يرفض ان يكون هو الاخر حدادا ،لانه يعتبرها حرفة صعبه تتطلب مجهودات جباره و تحمُلا من نوع خاص لدرجات الحراره ۔
حرفته لم تعد مطلوبه، فما كان ينتجه يأتي اليوم جاهزا من الخارج ،بمجهود اقل و لكن ايضا بجودة اقل ينقصها الحب و التفاني ۔
علق علي أبو الريش الروائي والشاعر والإعلامي الإماراتي على صورة للحداد خميس محمد البردان و هو يزاول عمله فقال :
جمرة القلب
ام جمرة النار
اي انصهار يذيب القلوب
يحرك في الخلايا و النوايا
بذرة الحياة
اطرقها سيدي
فالنهار لا يبدو مشرقا
الا حين يحمي وجهه
و تحمر وجنتاه