الفجيرة نيوز- نظم “منتدى الفجيرة الرمضاني” بالتعاون مع “جمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح” ندوة بعنوان “الطريق إلى السعادة الأسرية” أمس الأول بمجلس جمعية دبا ، بمشاركة الدكتورة شيخه العري العضو السابق في المجلس الوطني الاتحادي، وعبدالله لشكري مدير مركز الإيجابية للتدريب والتطوير بدبي، وصابرين اليماحي مدرب معتمد في التنمية الأسرية نائب رئيس جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية.
نظمت الندوة برعاية غرفة تجارة وصناعة الفجيرة، وبحضور نخبة من المسؤولين والمثقفين وجمهور غفير، أدار أعمالها الشاعر والإعلامي خالد الظنحاني المشرف العام لمنتدى الفجيرة الرمضاني الذي أكد في مستهل الندوة أن الأسرة هي النواة واللبنة الأولى في بناء المجتمع و الحياة عموماً، وأن الأسرة هي أساس المجتمع، وفي ظلالها يتربى الفرد الصالح وتنمو المشاعر الإيجابية.
وأكدت الدكتورة شيخة عيسى العري أن الأسرة هي أعظم مؤسسة في الحياة، كما أنها النواة الأولى لبناء أي دولة أو مجتمع، وجاءت عظمة هذه المؤسسة من خلال عقد القران الذي يعد أقدس أنواع العقود، لأنه يتأسس على قيم العدل والمحبة والتآزر، فقد وصفه الله في الذكر الحكيم بالميثاق الغليظ، لعظمته وقدسيته في الإسلام. وتظل هذه المؤسسة مقدسة لأنها أنشئت لتدوم وتستمر معها مشاعر المحبة والسعادة بين الزوجين.
وقالت العري: يجب على الزوجة أن تهتم بزوجها وترعاه، وتتحمل مشكلات الحياة، كما أن على الزوجين غض الطرف عن عيوب الآخر وحل المشكلات بطريقة إيجابية، على أن يكون التسامح هو أساس الحياة الزوجية ليعيش الأبناء في كنف أسرة سعيدة.
واختتمت حديثها قائلة: إننا أحببنا هذه الدولة لسعينا لبناء أسر متوازنة وصالحة، فبصلاحها يصلح المجتمع وبصلاح المجتمع تصلح الدولة، فهنيئاً لدولةٍ بنيتم فيها أسراً ناجحة ترفرف عليها السعادة في دولة السعادة.
ومن جانبه، أوضح عبدالله لشكري أن الطريق للسعادة واضح لبعضهم ومبهم لبعضهم الآخر الذي يتيه في هذا الطريق ويبدأ في الضياع ويفتقد كل عناصر السعادة، وبناء عليه لابد أن تكون هناك أدوات لهذه السعادة، رغم إيماننا المطلق بأن السعادة إحساس داخلي وشعور براحة البال وبقلب ساكن، منشرح الصدر، لذا فهناك خطوات في هرم السعادة، أولها، البقاء، وضمان البقاء من الحاجات الفسيولوجية، ثانيها، الحب الذي بدأ يفتقد رونق هذا المسمى الجميل، وثالثها، الأمان وهو الذي يجب أن نعزف سيمفونيته معاً، لأننا في دولة الأمان، رابع هذه الخطوات، تقديرك لذاتك، بحيث يجب أن تقدر نفسك رغم كل ما يجري حولك، وخامساً، تقدير الآخرين، والإنسان بطبيعته مفطور على حب التقدير من الآخرين، فضلاً عن الابتسامة، فهي مرآة عاكسة لك ولغيرك، والإنصات فهو فن من فنون العلاقات وخاصة الزوجية، بالإضافة إلى التسامح، فهو شفاء القلوب والنفوس ويجعلك في حالة من التوافق في الداخل والخارج، والصبر سلاح جميل من أجل أن تستخدمه في التغافل .
وأضاف: إن مبدأ الحوار يبدأ من التحية باعتبارها باباً للدخول إلى قلب الآخر، ثم الحقائق، فكلما كان الحوار رائعاً انتقلنا الى مرحلة الحقائق، ثم الرأي وبه نصل إلى سلّم توافقي في الحوار، بحيث أن آخذ رأي الآخر واهتم به، وأخيراً المشاعر، وهو أنني مررت بمراحل حتى وصلت الى مشاعر الطرف الآخر وبالتالي أصل الى حاجة الطرف الآخر وهنا أكون قد وصلت الى حوار راق ومتميز.
وذكر لشكري أن الحوار ليس عبر التحدث فقط، بل بالابتسامة واللمسة والإشارة والعطورات والملابس والنظرة كلها معان سامية للحوار. محذراً خطر وسائل التقنية الحديثة التي أصبحت نقطة التواصل بين أفراد الأسرة، وافقدتنا الترابط الذي نسعى له دائماً.
وتناولت صابرين اليماحي في ورقتها مفهوم السعادة، وأشارت إلى أن السعادة هي انعكاس لدرجة الرضا عن الحياة، كما أنها انعكاس لمعدلات تكرار حدوث الانفعالات السارة وشدتها. وقالت إن السعادة الأسرية هي الشعور بالرضا والطمأنينة والأمان، والسعادة تساعد في تحقيق الإنجازات في مختلف مجالات الحياة.
وذكرت اليماحي أن هناك بعض الممارسات التي تفقد الأسرة السعادة، منها، كثرة الانشغال بالأعمال الوظيفية أو حتى التجارية التي أفقدت المنزل روح الحب والسعادة، بحيث لا وجود لتقييم سليم للوقت ومعرفة حقوق المنزل .بالإضافة إلى شاشة التلفزة الغشاشة ومحاولة العيش في أوهام المسلسلات وعقد المقارنات التي تجعل الشخص ناقماً على الأسرة ولا يسعد معها بشيء .والهاتف النقال والتواصل المستمر مع أشخاص خارج الأسرة بحضور أفراد الأسرة كافة بمعنى أن يكون كل فرد هو ” حاضر غائب” في الوقت نفسه، فوجود الهاتف أبعد الأم عن بناتها واكتفت بالأصدقاء، قل الكلام وندر داخل الأسرة وتأثرت بذلك نظرية 20 ألف كلمة للمرأة و7 آلاف كلمة للرجل.
وطرحت اليماحي بعض النقاط المهمة لحياة أسرية أكثر سعادة، منها، أن يعلم الزوج والزوجة أن الحياة بينهما ليست حظاً أو صدفة، فهناك عوامل تحدد نوعية الحياة التي يعيشانها معاً، كما يجب عليهما أن يشعر كل منهما بالرضا عن الآخر، وأن علاقتهما جيدة حتى لو وجدت بينهما مشاكل مالية أو غيرها من المشكلات التي يحب أن تحل بطرق بناءة وإبداعية.
وختمت حديثها بالقول: اهتموا بالعلاقات الزوجية أولاً واصنعي ـ أيتها الزوجة ـ نموذجاً حقيقياً للحب واجعلي علاقتك بزوجك في مقدمة اهتماماتك، والاهتمام بالأبناء يأتي ثانياً، فهم يشاهدون النموذج الأبوي أمامهم فيطبقونه ويتعلمون منه لمستقبلهم عندما تبقى أنتِ وزوجك لوحدكما.
وفي ختام الندوة دار حوار تفاعلي بين المتحدثين والحضور حول أبرز ما ورد فيها من قضايا أسرية ومجتمعية، وفي مداخلة للدكتور أحمد حمدان الغسية، أوضح أن الحياة الأسرية عبارة عن سلة مفاتيح، تبدأ بين الزوج والزوجة عند عقد القران، وهو الوقت الذي يبدأ فيه كل من الطرفين بإلقاء مفاتيحه في السلة المرتبطة بعدّاد تنازلي ينذر بانتهاء وقت استخدام المفاتيح.
بدوره أكد الدكتور سعيد الحساني أن الأسرة تعتبر أهم مؤسسة تربوية في المجتمع والتي لا تستطيع أي جهة أياً كانت أن تقوم بمهامها ووظائفها ويرجع ذلك إلى أن الأسرة هي أساس تقدم وتطور وازدهار المجتمعات.
وأشارت الدكتورة مريم اليماحي في مداخلتها، إلى أن الركائز التي لا غنى عنها لبناء منزل أسري مليء بالحب والمرح والحيوية هي زرع الثقة بين أفراد الأسرة، ولا شيء يسمو على التقبيل والعناق والاحتضان للتعبير عن المحبة والشعور بالثقة والأمان، فعلى الزوج تقبيل جبين زوجته وأطفاله وكذلك الزوجة.
وأكد مستشار التدريب راشد السلامي أن تطور الحياة بشكلها السريع وتغير نمط الاهتمامات ترتب عليه مشكلات لم تكن معروفة في أسرنا من قبل، فأصبحت تشكل لنا هاجساً وتحدياً في آنٍ واحد. وأصبح من الملحوظ تعاظم سقف تحديات ومشاكل العائلة، يقابله في الجانب الآخر تدني سقف الحلول التي يفترض أن تكون مواكبة لتلك المشكلات.
وقد نتج عن ذلك مشكلات كبيرة ربما أسهمت في تصدع بيوت وأسر ليست بالقليلة. فأين الخلل؟ وأضاف: نحن نحتاج الى صناعة وعي رشيد في مواجهة هذه التحديات. فضلاً عن التركيز على منظومة القيم تأثيراً وسلوكاً. وأخيراً تعاضد مؤسسات المجتمع في دعم الأسر وتوفير حاضنات تربوية تسهم في تربية أجيالنا من خلال برامج تربوية وتثقيفية غير تقليدية.
وفي نهاية الأمسية قام خالد الظنحاني المشرف العام لمنتدى الفجيرة الرمضاني، يرافقه عبيد اللاغش وياسر الخديم أعضاء مجلس إدارة جمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، بتكريم المتحدثين بشهادات تكريمية تقديراً لجهودهم ومشاركتهم المتميزة التي لاقت حضوراً فاعلاً ومشاركة مجتمعية لافتة.