يبدأ اليوم العمل بالقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016، بشأن قانون حقوق الطفل وديمة، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وهو ما يبرز دور الإمارات في المحافظة على حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء، وتوفير كل الفرص اللازمة لتسهيل ذلك، كما تعمل على حماية الطفل من كل مظاهر الإهمال والاستغلال، وسوء المعاملة.

وفي هذا السياق أوضح الدكتور عبد العزيز الحمادي مدير إدارة التلاحم الأسري في هيئة تنمية المجتمع بدبي لـ«البيان» بأن القانون تناول مصطلح «المصلحة الفضلى» في اتخاذ التدابير لحماية الطفل، ويقصد بها جعل مصلحة الطفل فوق كل اعتبار وذات أولوية وأفضلية في جميع الظروف ومهما كانت مصالح الأطراف الأخرى، مشيراً إلى أن المشرع الإماراتي أحسن إخراج القانون ويؤكد على الدور الريادي لدولتنا الفتية في العناية بشأن شريحة الأطفال وهو استباقي على حد تعبيره.

وأضاف: إن القانون لم يغفل دور أي مؤسسة بل بالعكس جاء في تعريفات نص المادة الأولى ذكر جهتين وهما «السلطات المختصة» وهي جميع الوزارات المعنية بشؤون الطفل، و«الجهات المعنية»، وهي جميع الجهات المحلية لكل إمارة بعد أن كان هناك غياب أو تضارب في بعض الأدوار، التي تعنى بشؤون الطفل، وذلك حتى تتضح المسؤليات وتتكاتف الجهود في حماية الأطفال.

وأفاد الحمادي أن أكثر الإساءات التي تعرض لها الأطفال خلال العام الماضي بحسب الإحصائية الصادرة عن هيئة تنمية المجتمع بدبي، كانت الإهمال حيث بلغ عددها 32 حالة إهمال، تلتها الإساءة الجسدية، ثم انتهاك الحقوق والإساءة النفسية، فيما احتلت الإساءة الجنسية المرتبة الأخيرة.

وأضاف أن الخط الساخن ضمن برنامج «حماية الطفل» الذي يهدف إلى تلقي بلاغات الاعتداء على الأطفال ومتابعتها بالإجراءات المطلوبة للإسهام في تجهيز المناخ المناسب لتطبيق قانون حماية الطفل المزمع إقراره خلال الأشهر القليلة المقبلة.

كان قد تلقى 57 بلاغاً خلال العام الماضي 2015، كان أكثرها بلاغات إهمال الأطفال حيث بلغت 20 اتصالاً، تلتها بلاغات بالإساءة الجسدية، ثم الإساءة النفسية، بينما كانت بلاغات انتهاك الحقوق أقلها حيث بلغت 6 اتصالات فقط.

وبين الحمادي أن التشريعات القانونية عادة لا تتعرض إلى الجوانب الوقائية إلا أنه من جماليات «وديمة» أنه عالج الجانبين الوقائي والعلاجي، حيث يتمثل الوقائي في توجيه رسائل تحذيرية وتحميل المؤسسات الخاصة مسؤولية حماية الطفل مثل ما ورد في نص المادة 29 التي تنص على أنه «يجب على شركات الاتصالات ومزودي خدمات شبكة المعلومات الإلكترونية إبلاغ السلطات المختصة عن أي مواد إباحية للأطفال تنشر عبر الموقع».

ولفت إلى أنه في السابق كانت مراكز الطفل تعاني من ضعف «الضبطية القضائية» إلا أن وديمة استحدث مهنة اختصاصي حماية الطفل، وهو الشخص المرخص والمكلف سواء من السلطة المختصة أو الجهة المعنية بالإمارة، بالمحافظة على حقوق الطفل وحمايته في حدود اختصاصاته حسب ما ورد في هذا القانون.

وأعطى القانون للاختصاصي حق التدخل الوقائي والعلاجي ومنحه حق اقتحام البيوت في حالات الضرورة من دون إذن مسبق من النيابة العامة، إذا وجد ما يهدد سلامة الطفل، لأن القانون ركز على أن تعرض الطفل للإهمال أو سوء المعاملة يعتبر قضية عينية يجب أن تعالج مباشرة ومن دون تلكؤ.

حيث نصت المادة (51) في فقرتها الثانية من القانون على أنه «مع مراعاة حرمة أماكن السكنى يبادر اختصاصي حماية الطفل في حال وقوع ضرر بليغ أو خطر محدق بالطفل، وقبل الحصول على إذن قضائي إلى إخراجه من المكان الموجود فيه ووضعه في مكان آمن وتحت مسؤوليته الشخصية وله الاستعانة بالسلطات العامة بعد الحصول على إذن قضائي باستمرار اتخاذ التدابير».

وقال الحمادي إن التشريع القانوني جعل المرجعية العليا لوزارة تنمية المجتمع للإشراف على تنفيذ بنود القانون تفادياً لحدوث أي تضارب بين السلطات المختصة، وحددت اللائحة التنفيذية للقانون اختصاص وحدات حماية الطفل وآليات عملها والشروط اللازم توافرها في مهنة اختصاصي حماية الطفل.

وبين أن اللائحة التنفيذية سيتم تفعيلها على أرض الواقع عقب تنفيذ القانون بثلاثة أشهر، حيث ستخصص التفاصيل العامة التي ذكرت بعمومية في نصوص القانون، وسيوضع خط موحد لكافة وحدات حماية الطفل في الدولة، والشروط اللازمة لاختصاصي حماية الطفل الذي أعطي حق الضبطية القضائية.

وألزم القانون أيضا كل شخص إبلاغ اختصاصي حماية الطفل أو وحدات حماية الطفل في حال وجد ما يهدد سلامته أو صحته النفسية والبدنية والعقلية، ويكون هذا الإبلاغ وجوبياً على المربين والأطباء والاختصاصيين الاجتماعيين أو غيرهم ممن تعهد إليهم حماية الأطفال أو العناية بهم أو تعليمهم.

وأشار الحمادي إلى أن قانون الطفل لم يغفل تشجيع الدولة على الإبداع والابتكار فمنحه الحقوق الثقافية في نص المادة 25 من خلال امتلاك المعرفة ووسائل الابتكار والإبداع، وله في سيبل ذلك المشاركة في تنفيذ البرامج الترفيهية والثقافية والفنية والعلمية التي تتفق مع سنه والنظام العام والآداب العامة، كما حظر القانون الإفصاح عن هوية المبلغ إلا برضاه، وتوفير كافة سبل الحماية له.

كما حظر الكشف عن هوية كافة أطراف الواقعة وشهود قضايا الاعتداء على الطفل حفظاً للحق العام وحقوق الأطراف المعنية وخاصة حق الطفل في الحياة مستقبلاً، وذلك عن طريق استخدام المعلومات في التحليلات أو التقارير الإعلامية أو نشر كل ما يمكن من التعرف على شخصية الطفل والأطراف المعنية.

وأشار الحمادي إلى أن القانون أعطى لاختصاصي حماية الطفل في حال كان هناك نزاع بين الطفل فوق الثالثة عشرة عاما وبين والديه أو من يقوم على رعايته، حق إبرام عقد بعد التوصل للتدابير اللازمة ذات الصبغة الاتفاقية وتدوين ذلك الاتفاق وتلاوة بنوده وتوقيعه من الاختصاصي والأطراف المعنية بمن فيهم الطفل على أن يقوم الاختصاصي بمتابعة دورية لنتائج التدابير الاتفاقية ويحق له تعديل بنودها بما يضمن إبقاء الطفل في محيطه العائلي.

وقال الحمادي إن المادة 56 من القانون نصت على قيام السلطات المختصة بالتنسيق مع وزارة تنمية المجتمع بتحديد المعايير والمواصفات الهندسية الخاصة وقوانين البناء واشتراطات السلامة والأمان التي تحمي الطفل من أي نوع من أنواع الأذى وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون ضوابط لتطبيق هذا القانون، للحد من سقوط الأطفال من شرفات المنازل.

وأشار الحمادي إلى أن أكبر ثالث أنواع النزاعات في المحاكم الشرعية بعد قضايا الطلاق والنفقة، وهي قضايا الحضانات، لذا جاء التشريع لإلزام المحاكم المختصة قبل الحكم بالحضانة، طلب تقديم تقرير مفصل على الحالة الاجتماعية والنفسية والصحية والجنائية للشخص طالب الحضانة أو الذي ستحكم له بالحضانة.

مشيراً إلى أن نفقة الزوجة والأبناء لها حق الامتياز على سائر الديون، وهذا ما أكد عليه قانون وديمة بأنه لا يجوز التنازل عنها، وتعتبر كافة التنازلات عن الحضانة أو النفقة باطلة بنص القانون، حيث لا يصح التراضي ما بين الزوج والزوجة أو الطليق والطليقة على إسقاط نفقة الأبناء أو حضانتهم.

أقل غرامة لمخالفة بنود القانون تبدأ من 5 آلاف درهم وتصل إلى مليون درهم، كما تصل عقوبة منع الاختصاصي من أداء عمله إلى 50 ألف درهم، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وتصل إلى 10 سنوات.

البيان