أشار تقرير حديث إلى أن الحملة التي شنتها الناقلات الأميركية الثلاث الكبرى ضد شركات الطيران الإماراتية والخليجية لم تحقق أي شيء بالنسبة للشركات الأميركية بل إنها أحدثت قطيعة وخصومة بين الشركات الثلاث وبقية الناقلات الأميركية.
وقال تحليل لمركز الطيران إن حملة الشركات الأميركية يمكن أن توصف بأنها حققت كل شيء إلا النجاح والمقصود هنا بكل شيء انقسام صناعة الطيران نفسها وانقسام صناعة الطيران الأميركية من الداخل بين مؤيد ومعارض وبنفس الوقت فإن الشركات الخليجية مستمرة في التوسع والنمو داخل الولايات المتحدة ولا يبدو حتى اليوم أن هناك خطوة محتملة ضد الشركات الخليجية قد تقوم بها وزارة النقل الأميركية.
وأضاف إن الحملة ضد الشركات الخليجية القت بكثير من الشكوك حيال مستقبل اتفاقيات الأجواء المفتوحة في صناعة الطيران المدني في العالم خصوصا أن الولايات المتحدة سعت اميركا منذ عقدين ووقعت في ذلك اكثر من 100 اتفاقية مع مختلف دول العالم وكانت من أشد الداعمين لهذه الاتفاقيات.
ومن حيث الانقسام بين شركات الطيران داخل الولايات المتحدة نفسها برزت هناك جبهة جديدة تقودها شركات طيران أميركية اخرى ضد أي إخلال بهذه الاتفاقيات ومنها جيت بلو وهاوايان والاسكا اير لاينز وهي شركات ترتبط معها الشركات الخليجية باتفاقيات رمز مشترك وتستفيد من المسافرين القادمين عبر الناقلات الخليجية إلى وجهاتهم النهائية في الولايات المتحدة.
وأكدت هذه الشركات أن الحملة التي قامت بها شركات دلتا ويونايتد وامريكان اير لاينز ستقوض كل الجهود والانجازات التي حققتها سياسة الأجواء المفتوحة وهي تهدد فعليا اكثر من 100 اتفاقية وقعتها اميركا مع دول العالم.
أسعار
وأوضحت الشركات المعارضة أن التحالف الذي تقوده الشركات الثلاث المنضوية تحت تحالفات تجارية كبرى تسببت خلال السنوات الماضية بارتفاع في أسعار تذاكر الطيران وقلة خيارات المستهلكين بل انها طالبت الحكومة الأميركية بمراجعة جدوى هذه التحالفات وتأثيرها على المستهلكين .
وهو أمر ربما اثر على شركة دلتا التي خففت كثيرا من لهجتها مؤخرا تجاه الشركات الخليجية وهو أمر انعكس إيجابا على شركة الطيران النرويجية التي عارضتها الشركات الكبرى ومنعت رحلاتها في البداية إلى أميركا قبل أن تسمح لها الحكومة الأميركية بتشغيل خدماتها
. وهذا ربما يعطي إشارة إلى أن الحكومة سواء الحالية أو القادمة لن تنزلق في خلاف ربما يعزز من مبدأ الحماية في السوق.
وأشار تحليل مركز الطيران إلى أن صناعة النقل الجوي في الولايات المتحدة كانت اكثر اتحادا قبل حملة الناقلات الكبرى على الشركات الخليجية والتي زعمت فيها أن الناقلات الخليجية تلقت دعماً مالياً من حكوماتها الأمر الذي تنفيه دوماً الشركات الخليجية وتؤكد أنها تعمل وفق مبادئ السوق.
ويؤكد نائب الرئيس للشؤون الحكومية في شركة جيت بلو روبرت لاند والتي تعارض تقييد توسع الناقلات الخليجية ان قطاع الطيران الأميركية كان اكثر قوة قبل حملة الناقلات الثلاث وخاصة فيما يتعلق بالسياسات الموحدة على مستوى النقاش مع الكونغرس.
وربما توصلت الشركات الثلاث إلى هذه الحملة بدلا من اقناع الحكومة الأميركية بالتخفيف من الضرائب والتشريعات ضد قطاع الطيران.
وقال التقرير إن شركات الطيران الخليجية وتحديدا طيران الإمارات اثارت انتباه شركات الطيران الأميركية بعد نجاحها في الحصول على حق تسيير رحلات إلى داخل الولايات المتحدة عبر المطارات الأوروبية حيث بدأت طيرات الإمارات بتسيير رحلات إلى نيويورك عبر مطار ميلانو الايطالي مستفيدة من مبدأ الحرية الخامسة.
وأضاف انه ومنذ بدأت طيران الإمارات خدماتها إلى الولايات المتحدة في عام 2004 برحلات منتظمة إلى نيويورك كانت شركات مثل دلتا ونورث ويست قد تقدمت بطلب لإشهار إفلاسها تحت حماية البند 11 ومع مرور الوقت توسعت طيران الإمارات داخل امريكا دون أن تعترض أي شركة أميركية حتى بدأت الإمارات بخدمات نيويورك عبر ميلان.
ويبدو أن الحرية الخامسة سببت الكثير من القلق للشركات الأميركية التي تعتبر أوروبا بمكانة القلب لشبكاتها والتي كونت فيها الكثير من التحالفات.
خدمات
ويصف هاونشتاين وهو رئيس دلتا حاليا خط ميلان نيويورك ب «الأرض الخصبة» واعترف بانكشاف الشركة هناك بسبب تواضع الخدمات والمنتجات للمسافرين مقارنة مع طيران الإمارات التي عززت الطلب على هذا الخط الذي كانت تخدمه فقط دلتا واليطاليا وامريكان اير لاينز.
وتشير بيانات مركز «او ايه جي» للرحلات أن طيران الإمارات واعتبارا من منتصف مايو 2016 تستأثر بحصة تصل إلى 42% من إجمالي المقاعد على خط ميلان –نيويورك مقابل 39 لتحالف سكاي تيم بقيادة اليطاليا ودلتا حيث لم تضف الشركتان منذ دخول طيران الإمارات سوى 630 مقعدا جديدا من 6450 مقعدا إلى 7080 مقعدا.
وقبل ذلك كانت دلتا قد أشارت إلى أن الخطوط القطرية لن تنح في رحلاتها بين الدوحة واتلاتنا بسبب قلة أعداد المسافرين وأثارت الشركة. لتعود الشركات الأميركية وتثير حملتها لتقول للحكومة الأميركية إن الناقلات الخليجية «تسرق» رحلات الربط أو مسافري الترانزيت من الشركات الأميركية وضربت مثلا بذلك رحلاتها إلى الهند رغم أن امريكان اير لاينز ودلتا كانتا قد انسحبتا من الهند قبل توسع الناقلات الخليجية في اميركا.
كما أن المنطق الجغرافي يقول إن الهند تشكل اكبر سوق لرحلات الربط للناقلات الخليجية كما أن الشركات الخليجية لن تستطيع منع الناقلات الأميركية من دخول الهند. والمشكلة كانت بالنسبة للشركات الأميركية هي طول الرحلة وتكلفة الوقود بعكس الناقلات الخليجية التي كانت توفر خيارات واسعة للمسافرين عبر مطاراتها الضخمة وخدماتها العالية.
جبهة رفض
بالمقابل هناك جبهة اعتراض أخرى ضد الناقلات الثلاث الكبرى من داخل اميركا ايضا وهي رابطة السفر الأميركية التي أشارت إلى أن 1.1 مليون مسافر زاروا الولايات المتحدة عبر الناقلات الخليجية في العام 2014 وبلغ اسهامهم في الناتج المحلي الأميركي نحو 4.1 مليارات دولار كما أن 30% من مسافري الناقلات الخليجية يكملون سفرهم مع شركات الطيران الأميركية إلى وجهاتهم النهائية داخل الولايات المتحدة.
وبنفس الوقت اعترضت المطارات الأخرى داخل الولايات المتحدة على حملة الناقلات الأميركية حيث تعزز رحلات الشركات الخليجية حركة السفر من وإلى تلك المطارات ويعد مطار اورلاندو احد اشد الداعمين لسياسة الأجواء المفتوحة واكتسب المزيد من زخم المسافرين بعد انطلاق رحلات طيران الإمارات اليه في سبتمبر من العام الماضي حيث تسهم رحلات الناقلة بأكثر من 100 مليون دولار سنويا في اقتصاد المقاطعة وخلقت نحو 1500 وظيفة داخل المطار.
ويقول فيكي جاراميلو مدير التسويق وتطوير الخدمات في مطار اورلاندو إن 50% من مسافري إحدى رحلات طيران الإمارات كانت اصولهم من وسط فلوريدا وهذا يعني أن طيران الإمارات لا تسرق المسافرين من احد بقدر ما تحفز الطلب من خلال هذه الرحلات الوجهات الجديدة .
ومن هنا فإننا سنبقى داعمين لسياسة الأجواء المفتوحة ليس نحن فقط ولكن مطارات اوكلاند ولاس فيغاس وسان ديييغو وكذلك الحال شركات طيران جيت بلو وفيديكس وهاوايان وجميعها شركات تستفيد من رحلات الطيران الخليجية.
وكانت هذه الشركات قد أكدت أن دخول طيران الإمارات إلى بوسطن قد ساهم في تراجع أسعار التذاكر بين بوسطن وديترويت بنسبة زادت عن 30% بسبب شراكتها بالرمز مع جيت بلو مع نمو الطلب وتوفير خيارات أوسع للمسافرين.
الحكومة الأميركية لن تستعجل القرار بسبب إشكالية الاتهامات
كان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون النقل توم انجل قد أشار إلى أن الحكومة ليست في عجلة لدراسة الاتهامات التي ساقتها الناقلات الأميركية وهناك الكثير من الأمور الإشكالية التي احتوتها مشيرا إلى أن الحكومة ستعطي الوقت الكافي لدراسة هذه الاتهامات ومدى تأثيرها على المنافسة وسياسة الأجواء المفتوحة.
وكانت شركات امريكان اير لاينز ودلتا قد أشارتا إلى انهما لن يخففا من حدة حملتهما لإقناع الحكومة الأميركية بمراجعة اتفاقيات الأجواء المفتوحة مع كل من الإمارات وقطر مع الإصرار على أن هذه الشركات تلقت دعما ماليا حكوميا خلال السنوات الماضية. وأشارت الشركات إلى أنها ستثير هذه القضية مجددا أمام الإدارة الجديدة للبيت الأبيض باعتبارها تشكل تهديداً لها.
ويقول التقرير إن الناقلات الأميركية استفادت كثيراً من سياسة الأجواء المفتوحة في الدخول إلى الكثير من الأسواق الواعدة وهي ترتبط اليوم باتفاقيات هامة وتنتظر ايضاً اتفاقيات مماثلة مثل تلك التي يتوقع إقرارها بين دلتا وايرومكسيكو.
وأضاف إن قطاع الطيران في العالم سيكون مختلفا عما عليه اليوم بعد 10 أو 20 سنة ومن هنا فإن شركات الطيران الأميركية عليها أن تعيد التفكير في استراتيجياتها خصوصا أن مسألة الأجواء المفتوحة تعد اليوم ابرز إنجازات قطاع الطيران على مستوى العالم والأمر سيكون مكلفاً في حال المساس بهذه الإنجازات.
أكد التقرير أن الناقلات الأميركية عليها أن تعي المتغيرات في قطاع الطيران المدني إذ انه من المستحيل أن تختفي شركات الطيران الخليجية التي باتت اليوم أحد مكونات مشهد صناعة النقل الجوي وعليها أن تفكر بحلول معقولة مع هذه الشركات ومنها توقيع اتفاقيات شراكة معها لأن الإشارة إلى أن هذه الشركات تشكل خطراً على الناقلات الأميركية مستبعد بسبب البعد الجغرافي والمسافة بينهما.
البيان