حذر قادة أوروبا بريطانيا أمس من أنها إذا قررت الخروج من الاتحاد الأوروبي فإن ذلك سيكون «لا رجعة فيه»، فيما يبذل المعسكران المؤيد والمعارض لخروج بريطانيا جهودهما الأخيرة لحشد الأصوات عشية الاستفتاء الذي تتقارب فيه نتائج الاستطلاعات ويقلق القارة.
ومساء أمس أفاد آخر استطلاع للرأي أن مؤيدي الخروج تقدموا بفارق نقطة على مؤيدي البقاء في الاتحاد.
وقبل ساعات من فتح مراكز الاقتراع، حذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند من أنه إذا اختار الناخبون خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس فإنه «لا عودة عن قرارهم».
وقال يونكر للصحفيين في بروكسل «إذا خرجت بريطانيا فلا عودة عن خروجها»، نافيا أي حديث عن إعادة التفاوض بعد التصويت بالخروج، فيما أكد أولاند أن خروج بريطانيا «لا عودة عنه». أما المستشارة الألمانية انجيلا ميركل فأعربت عن رغبتها في بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن القرار بيد البريطانيين.
وكانت استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم معسكر «البقاء» في الاتحاد الأوروبي بفارق ضئيل حتى مساء أمس، إلا أن النتيجة يمكن أن تكون لمصلحة أي من المعسكرين في أي لحظة. وفي حال مغادرتها، فستكون بريطانيا أول بلد تخرج من الاتحاد في تاريخه الممتد 60 عاما، موجهة صفعة إلى الاتحاد الذي يعاني من أسوأ أزمة هجرة منذ الحرب العالمية الثانية.
وأمضى رئيس الوزراء الذي يواجه دعوات بالاستقالة في حال خسر معسكره المؤيد للبقاء في الاتحاد، الساعات الأخيرة من النهار في حملته في أنحاء بريطانيا مجريا العديد من المقابلات.
وقال لإذاعة بي بي سي «إذا أردت تلخيص الحملة بأكملها في كلمة سأقول (معاً)».
وصرح أثناء الحملة «إذا أردنا اقتصادا أكبر ووظائف أكثر، فمن الأفضل لنا أن نفعل ذلك معا».
وأضاف «نحن أكثر قدرة على مواجهة تحديات الإرهاب والتغير المناخي، وأكثر قدرة على عقد اتفاقيات تجارة حرة مع الصين وأميركا» بوجودنا في الاتحاد الأوروبي.
ودعا حوالي 1300 مسؤول في شركات نصفها من المجموعات الكبيرة المسجلة في بورصة لندن أمس الى بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وموقعو الرسالة هم رؤساء ومدراء عامون وإداريون ومؤسسو شركات متفاوتة في الحجم، معظمها بريطانية ويعمل فيها 1,75 مليون شخص. وبين الموقعين مسؤولو 51 من الشركات المئة المدرجة في مؤشر بورصة لندن. وذكرت شركة «بيتفير» للمراهنات أن الترجيحات تشير إلى حصول معسكر البقاء في الاتحاد على نسبة 76% من الأصوات. وطبقا لمعدل الاستطلاعات التي جمعها مركز «بماذا تفكر بريطانيا» فإن نحو 51% من الناخبين يدعمون البقاء في الاتحاد الأوروبي مقابل 49%.
من جانبه، حذر بوريس جونسون الخصم الرئيسي لكاميرون وخليفته المحتمل وقائد حملة الخروج من الاتحاد، من أن بريطانيا تقترب من «يوم الاستقلال» عن أوروبا. وصرح في شرق انجلترا «أعتقد أننا على وشك ان نشهد حدثا استثنائيا في تاريخ بلادنا وفي تاريخ أوروبا بأكملها».
أما نايجل فاراج، زعيم حزب «استقلال بريطانيا» فقال «اعتقد أننا سنكسب هذا» الاستفتاء. وفي حال اختار البريطانيون المغادرة فإن ذلك سيطلق مفاوضات طويلة مع الاتحاد الأوروبي تؤدي الى خسارة بريطانيا دخول سوق شركائها في الاتحاد الذي يضم 28 بلدا، ويجبرها على شطب اتفاقيات التجارة التي أبرمتها مع العالم.
وفي أوروبا أثار الاستفتاء مخاوف من أن تتجه دول أخرى الى إجراء استفتاءات للمغادرة يمكن ان تضر بوحدة الاتحاد المنقسم بسبب مشكلة الهجرة خصوصا.
ورغم أن العديد من الناخبين يعربون عن قلقهم بشأن التبعات المالية لخروج بريطانيا، إلا أن آخرين يعربون عن سعادتهم باستعادة السيطرة من أيدي بروكسل والتحكم في مستويات الهجرة في بلادهم.
وقال شيت باتيل (44 عاما) الذي يعمل في مجال الاتصالات: «اعتقد أننا بحاجة لأن نساهم في أوروبا وفي الاقتصاد العالمي. وأفضل طريقة لفعل ذلك هو أن نكون في أوروبا، وليس أن نتجاهلها».
أما بات هاند (50 عاما) عامل البناء فقال إنه سيصوت لمصلحة المغادرة. واضاف أن «البلاد في حالة فوضى كاملة. أنا أعمل في البناء وكل من يعمل في هذا المجال ليس انجليزيا».
وأعرب الجمهوري دونالد ترامب الذي يسعى للحصول على ترشيح حزبه للرئاسة، عن رغبته في خروج بريطانيا من الاتحاد. وتسجل حوالى مليوني بريطاني جدد منذ ديسمبر على اللوائح الانتخابية مما يرفع عدد الناخبين المحتملين في الاستفتاء الى 46,5 مليون وهذا رقم قياسي.
ووعد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أمس البريطانيين بالحصول على أفضل ما في الخيارين المتاحين أمامهم، وذلك في مناشداته الأخيرة للناخبين بالتصويت في الاستفتاء. وقال كاميرون للقناة الرابعة بهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» إنه يرفض «فكرة أنه يتعين عليكم الاختيار بين النجاح في سوق الاتحاد الأوروبي الموحد الذي يبلغ تعداد سكانه 500 مليون نسمة وبين السعي للحصول على وظائف وثروة من وراء التجارة مع الاقتصاديات الأخرى».
وأضاف خلال المقابلة عبر الهاتف «لايتعين عليكم الاختيار، لابد أن تنفذوا الخيارين.. رؤية بريطانيا في أوروبا هي، أن لنا بالفعل وضعا خاصا ننعم بأفضل ما في العالمين». وقال إنه «أعد لحالة إيجابية للغاية تجعلنا أقوى وأكثر أمانا وثراء إذا بقينا».
وركزت الحملة الداعية إلى مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع القليلة الماضية على أزمة الهجرة التي يعاني منها التكتل، ولكن كاميرون قال إن بريطانيا لا يمكن أن «تحل مشكلتنا الخاصة بالهجرة عن طريق مغادرة الاتحاد الأوروبي».

الاتحاد