طالب أعضاء مجلس الأمن الحكومة العراقية، أمس، بضمان عدم تعرض المدنيين النازحين من الفلوجة بمحافظة الأنبار لإجراءات انتقامية من قبل مليشيات «الحشد الشعبي»، تزامناً مع توقع ارتفاع النازحين بعشرات الآلاف من المدنيين. فيما تناقضت التصريحات بشأن تحرير الفلوجة بين الحكومة العراقية التي أعلنت «النصر» على تنظيم «داعش» وتحرير 70% من المدينة، والتحالف الدولي الذي أعلن تحرير ثلث الفلوجة فقط، وسط أنباء عن مقتل 23 «داعشياً» خلال المعارك هناك. وقال السفير الفرنسي الذي يرأس مجلس الأمن هذا الشهر، عقب جلسة مشاورات: «إن أعضاء المجلس عبروا خلال الجلسة عن قلقهم بشأن الأوضاع الإنسانية في الفلوجة». كما قالت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: «إن أكثر من 85 ألف شخص غادروا الفلوجة والمناطق المحيطة بها منذ اندلاع المواجهات قبل نحو شهر».
وأضافت في بيان أنها تتوقع زيادة عدد النازحين إلى عشرات الآلاف، وأعلنت المفوضية ضرورة إقامة عشرين مخيماً إضافياً للنازحين من الفلوجة في الأسابيع المقبلة، مضيفة أنها تسعى إلى الحصول بشكل عاجل على 17,5 مليون دولار لتلبية الحاجات الأكثر إلحاحاً.
وأشارت إلى أنها قامت مع شركائها بتجهيز الخيام ومواد الإغاثة للعائلات النازحة التي أمكن إجلاؤها في مناطق عامرية الفلوجة والخالدية والحبانية التي تحيط بالفلوجة. وأعرب المجلس عن قلقه إزاء الوضع الإنساني في الفلوجة، داعيا جميع الأطراف إلى احترام التزاماتها بـموجب القانون الإنساني الدولي.
من جانبه، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق رالف الحاج: «إن الوضع الإنساني في الفلوجة وعامرية الفلوجة صعب للغاية، وإن آلاف النازحين ينتظرون منذ أيام في العراء للحصول على خيام».
ويشتكي آلاف النازحين من الفلوجة سوء الأوضاع المعيشية في المخيمات التي أقامتها الحكومة العراقية، حيث تزداد أوضاع النازحين سوءاً، نظراً لارتفاع درجات الحرارة، وتؤكد عائلات كثيرة أنها تنتظر منذ أيام عدة في العراء في انتظار الحصول على خيام لإيوائها.
وميدانياً، أثارت تصريحات متناقضة بشأن تحرير الفلوجة بين الحكومة العراقية والتحالف الدولي أمس، التساؤلات حول حقيقة الوضع على الأرض وإعلان الحكومة «الانتصار» على تنظيم «داعش». وقال المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الجنرال كريستوفر جارفير: «إن القوات العراقية وميليشيات (الحشد الشعبي) لم تحررا سوى ثلث مدينة الفلوجة». وذكر «أن الاشتباكات ما تزال متواصلة في أنحاء المدينة الأخرى». وحذر جارفير من أن الجنود العراقيين سيواجهون مقاومة شديدة لدى مغادرتهم وسط المدينة، مضيفاً أن خط الدفاع لدى تنظيم «داعش» حول المدينة ليس متماسكاً كما داخلها، وأن الجيش العراقي سيواجه أشرس المعارك هناك. لكن صهيب الراوي محافظ الأنبار رد على التصريحات الأميركية قائلاً: «إن الفلوجة خالية من المدنيين بعد أن غادر الأهالي باتجاه العامرية والخالدية»، وأفاد بأن القوات الأمنية تسيطر على 70% من الفلوجة، وتتابع تقدمها باتجاه الأحياء الشمالية والشمالية الغربية. كما أعلن قائد عمليات الأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، انطلاق المرحلة الثانية من عمليات استعادة منطقة الحصي، وصولاً إلى سد الفلوجة جنوب المدينة.
وفي الشأن نفسه، أكدت مصادر من داخل الفلوجة، مقتل 23 من مسلحي «داعش» أثناء تقدم القطعات العسكرية في أحياء عدة من الفلوجة. وقال العقيد أحمد الدليمي من قيادة عمليات الأنبار: «إن الجيش قتل 23 من مسلحي داعش أثناء عمليات تحرير النزيزة (سوق الفلوجة القديم)، والتقدم نحو حي الجولان».
وفي نينوى، قال اللواء الركن نجم الجبوري، قائد عمليات نينوى العسكرية: «إن طيران التحالف الدولي قصف أنفاقا سرية لتنظيم «داعش» في مناطق دويزات والخباطة بناحية القيارة جنوب الموصل». وأكد النائب البرلماني عن محافظة نينوى أحمد الجبوري أنه حال انطلاق العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل ، ستندلع «انتفاضة» ضد تنظيم «داعش» بالمدينة.
وجدد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي عزم بلاده تحرير الموصل من سيطرة «داعش» خلال العام الحالي. وقال خلال لقائه مع مجموعة كبيرة من علماء الدين والوقفين الشيعي والسني: «إن تحرير الموصل سيكون هذا العام إن شاء الله».
إلى ذلك دعا تحالف القوى العراقية السني، العبادي بصفته القائد العام لهيئة «الحشد الشعبي»، بالالتزام بتعهداته بالحفاظ على مهنية معارك تحرير الفلوجة وعدم إشراك «الحشد الشعبي» فيها. وكشف عن عدم التزام قوات الشرطة الاتحادية بأوامر العبادي والسماح والتنسيق مع بعض فصائل «الحشد الشعبي» للدخول إلى مركز المدينة.
وقال: «لا نستبعد حصول انتهاكات جديدة ضد حياة وممتلكات إهالي مدينة الفلوجة، بما يقضي على شعار المعركة النظيفة». ودعا تحالف القوى العبادي إلى مساءلة قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت لمخالفته الأوامر العسكرية، وتوجيهه بضرورة الالتزام بعدم السماح للمتطوعين من خارج الأنبار دخول الفلوجة.
من جهة أخرى، قصف التحالف الدولي أمس مواقع لتنظيم داعش قرب حقل علاس النفطي جنوب كركوك، وقتل 5 من مجموعة للتنظيم، كانت تعتزم سرقة النفط الخام من بئرين نفطيين بالمنطقة.
وام