طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس وفدي الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي وصالح في مشاورات الكويت، بالعمل على تجنب تأزيم الوضع والعمل بمسؤولية ومرونة وجدية مع المبعوث الخاص إسماعيل ولد الشيخ أحمد من أجل الالتزام بوقف الأعمال القتالية وإقرار خريطة طريق للوصول إلى حل شامل ينهي النزاع في اليمن بأسرع وقت ممكن. مشددا في كلمة أمام الوفدين على أن موقف المجتمع الدولي واضح وهو ضرورة وقف النزاع والعودة إلى مسار الانتقال السياسي وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
وقال بان كي مون: «لقد أتيت للتو من هافانا حيت شهدت اتفاق حكومة كولومبيا والقوات المسلحة الثورية الكولومبية (الفارك) لوضع سلاحهم جانباً وإفساح المجال للسلام، وشمل الاتفاق وقفاً لنزاع طويل الأمد، كان قد أدى إلى خسارة الآلاف من الأرواح وجعل الكثيرين يعتقدون أن السلام حلم مستحيل، إلا أن الاتفاق الأسبوع الماضي برهن على عزيمة أولئك الذين يعملون من اجل إنهاء النزعات المسلحة في شتى أنحاء العالم عبر البحث الصبور عن سبل التسوية وليس عبر تدمير الخصوم».
وأضاف «إن الوضع في اليمن مقلق للغاية، وهناك نقص حاد في المواد الغذائية، والاقتصاد في وضع خطير، بينما يستمر سير اتفاق وقف الأعمال القتالية، وفق انتهاكات ينجم عنها ضحايا من المدنيين تفاقم معاناتهم، وهذا الوضع يبرهن للجميع وللوفدين المشاركين في المشاورات أن أمامهم مسؤولية كبيرة». وأشار إلى أن اليمن بلد في غاية الجمال ولديه موارد طبيعية كثيرة والشعب لديه نبل وحضارة قديمة، وحث الوفدين على العمل الدؤوب من أجل إنهاء العنف، ومعالجة مسببات النزاع والعمل معا من أجل بناء مستقبل أفضل لكل اليمنيين. وقال «الوقت ليس في جانب الشعب اليمني، وكل يوم يمر والصراع مازال قائما يزيد من معانتهم وكل ما طال أمد النزاع، طال الوقت الذي يحتاجه اليمن للتعافي».
وقال الأمين العام: «إنني متفائل بالإفراج عن السجناء والمعتقلين في الآونة الأخيرة وأحث الأطراف على الإفراج عن جميع المعتقلين، وهذا يشمل السجناء السياسيين والصحافيين وناشطي المجتمع المدني وآخرين كبادرة لحسن النوايا وذلك قبل حلول عيد الفطر المبارك». وعبر عن شكره لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على جهوده الحثيثة لإنجاح المشاورات. وكان الأمين العام التقى في وقت سابق أمير الكويت حيث بحث معه مستجدات المشاورات اليمنية، كما التقى رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح.
من جهته، أكد نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخدمة المدنية والتأمينات نائب رئيس الوفد الحكومي في مشاورات الكويت عبدالعزيز جباري أن وفد الحكومة جاء إلى الكويت حاملاً الرغبة الحقيقية في تحقيق السلام الذي ينشده أكثر من 25 مليون يمني والحرص على إنهاء الصراع الذي وصلت آثاره إلى كل مدينة وقرية وبات يمزق النسيج الاجتماعي وينسف الوحدة الوطنية.
وأضاف في كلمته في الاجتماع المغلق مع بان كي مون، والمبعوث الأممي ووفد المليشيات الانقلابية «إن مجيئنا إلى الكويت وذهابنا قبلها إلى جنيف وبييل والتزامنا بالقرارات الدولية والمرجعيات التي نصت عليها والتي تم التوافق عليها ما هو إلا نتاج لتلك الرغبة والحرص على تحقيق السلام العادل والمستدام الذي لم يعد مطلباً للداخل فقط وإنما للإقليم والمجتمع الدولي».
وأضاف: «إن ما يحدث اليوم في اليمن من تداعيات سياسية واجتماعية واقتصادية نتيجة الانقلاب الذي قامت به المليشيات لم تعد شأناً يمنياً داخلياً بل أصبحت شأناً إقليمياً ودولياً، فمؤسسات الدولة التي تم تقويضها وانتقال سلاح المؤسسة العسكرية إلى يد المليشيات والعبث باقتصاد البلد ومقدراته المالية كل ذلك بلا شك يعمل على تهديد السلم والأمن الإقليمي والدولي وينذر بنتائج كارثية إن لم يتم تداركها».
ولفت إلى أن الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن قامت بإصدار عدد من القرارات بشأن اليمن والذي كان أخرها القرار 2216 تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وقد كان الإجماع الذي حصل عليه هذا القرار دليلاً كافياً على إدراك المجلس والمجتمع الدولي لخطورة سيطرة المليشيات على بلد كاليمن وسيظل هذا الخطر مستمرا طالما استمرت المليشيات موجودة.
وأكد جباري أن المنطق يقول إن أي سلام يجب أن يقوم على تحول المليشيات إلى حزب سياسي حتى تكون شريكة في صناعة القرار السياسي للبلد على قاعدة المشاركة الديمقراطية بعيداً عن لغة السلاح ومنطق القوة. وقال: إن مبعوثكم الخاص إلى اليمن يدرك تماماً التحديات التي تواجه عملية السلام بشكل خاص ومستقبل اليمن بشكل عام في ظل استمرار بقاء حركة الحوثي كميليشيا مسلحة، كما ندرك جميعاً أن الرضوخ لمطالب ميليشيات مسلحة تنتهج العنف وسيله لتحقيق أهدافها يؤسس لسابقة خطيرة لم تحدث من قبل في ظل قدرة كثير من التنظيمات الإرهابية المسلحة على السيطرة على مناطق في بلدان تواجدها واستخدام القوة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، الأمر الذي يفرغ عملية الحرب على الإرهاب من محتواها ويجعل من الحوار مع المليشيا والتنظيمات الإرهابية أمراً مشرعناً من قبل المجتمع الدولي».
وشدد حرص الوفد على تحقيق السلام الدائم والمستدام للشعب اليمني الذي عانى كثيراً ولا يزال يعاني إلى اليوم من مغامرات هذه الميليشيا المجرمة التي تستمر في ارتكاب أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان حتى انه يمكن القول إنه لم يتبق حق واحد من حقوق الإنسان التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وكافة المعاهدات والمواثيق الدولية الأخرى إلا وانتهكته ابتداء بحق الحياة وانتهاء بأبسط الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
وأكد جباري أن المسؤوليات القانونية والأخلاقية الواقعة على المجتمع الدولي تجاه اليمن وشعبه تفرض التحرك العاجل لتحقيق سلام عادل ومستدام لا سلام ترقيعي يرحل الصراع إلى المستقبل. وأشار إلى أن الشعب قد أنهكته هذه الصراعات وبات ينشد السلام الدائم الذي لن يتأتى إلا من خلال تنفيذ القرار 2216 والالتزام بالمرجعيات الأخرى التي ارتضاها اليمنيون والمتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي نؤمن بأنها قد أسست لليمن الاتحادي الجديد والدولة المدنية القائمة على أسس الحرية والعدالة والمساواة.
وعبر عن شكره للأمين العام ومبعوثه الخاص على الاهتمام بالملف اليمني والحرص على تحقيق نتائج إيجابية في المشاورات، وتحقيق السلام في اليمن، كما عبر عن شكره للأشقاء في الكويت على رعاية مشاورات السلام، ومعهم الأشقاء في باقي دول مجلس التعاون الخليجي وكافة الدول الداعمة للسلام في اليمن.
في المقابل، صعد الرئيس المخلوع من موقفه في وقت سابق، وقال وفق ما نقل عنه الموقع الإلكتروني لحزبه «المؤتمر الشعبي العام» «إن الحوار المستمر في الكويت بين وفدي الحكومة الشرعية والحوثيين مضيعة للوقت»، وإنه «يرى أن الحل يكمن في خريطة طريق للمؤتمر الشعبي تم تقديمها إلى الوفد في الكويت ليقدمها للأمم المتحدة ولروسيا وسلطنة عمان والولايات المتحدة. ودافع عن «الحوثيين»، وقال «نحن وأنصار الله في خندق واحد»، زاعما أنه لا شرعية للرئيس هادي، ومنتقدا دور المبعوث الأممي».
وقالت مصادر دبلوماسية لـ»العربية» ان المشاورات اليمنية في الكويت قد تمدد شهرين إضافيين بهدف ردم فجوة الخلافات. وتحدثت عن ضغوط دولية لتصحيح مسار التفاوض، بعد رفض وفد المليشيات خريطة الطريق الأممية للحل.
الاتحاد