قالت تركيا أمس، إن الانتحاريين الثلاثة المشتبه بانتمائهم لـ «داعش» هم روسي وأوزبكي وقرغيزي. وأوقفت الشرطة 13 مشتبها به، بينهم ثلاثة أجانب، غداة التفجيرات الانتحارية الثلاثة في مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، والتي بدأت تتضح بعض خيوطها أمس.
وأعلنت السلطات أمس، ارتفاع حصيلة الاعتداء إلى 44 قتيلا بينهم 19 أجنبيا بوفاة أحد الجرحى الـ 260 نتيجة التفجيرات التي قام بها الثلاثاء ثلاثة انتحاريين تقول أنقرة، إنهم يدورون على الأرجح في فلك تنظيم «داعش»، وقد أطلقوا النار بغزارة في قاعة المسافرين، ثم عمدوا إلى تفجير أنفسهم الواحد تلو الآخر.
واعتقلت الشرطة التركية أمس 13 شخصا بينهم ثلاثة أجانب، بعد عمليات دهم متزامنة في 16 موقعا في إسطنبول، كما ذكرت وكالة أنباء الأناضول.
وأعلن مسؤول تركي أن الانتحاريين الثلاثة هم روسي وأوزبكي وقرغيزي. وقال المسؤول الذي طلب التكتم على هويته «نستطيع أن نؤكد أن مهاجمي مطار إسطنبول هم من روسيا وأوزبكستان وقرغيزستان».
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاعتداء، لكن الحكومة تقول إن المؤشرات تشير إلى «داعش».
وبدأت تتضح ملامح العملية الدامية في جناح الرحلات الدولية في مطار أتاتورك الكبير، والحديث جدا، والذي يعد المطار الثالث في أوروبا.
وأوضح رئيس الوزراء بن علي يلديريم في وقت متأخر أمس الأول، أن «الارهابيين، الذين أرادوا أولا اجتياز (أولى) عمليات المراقبة الأمنية» على مدخل المطار، غيروا آرائهم و«عادوا مع بنادق رشاشة أخرجوها من حقائبهم قبل أن يجتازوا الرقابة وبدؤوا إطلاق النار على الناس دون تمييز».
وأضاف أن «واحدا منهم فجر نفسه في الخارج» وأن «الاثنين الآخرين استفادا من الذعر والهلع ودخلا المطار حيث فجرا نفسيهما».
وقدم مسؤول تركي كبير قريب من الرئاسة، طلب عدم الكشف عن هويته، رواية مختلفة. وقال إن انفجارا أول وقع عندما دخل أحد الانتحاريين قاعة الوصول وفجر نفسه قبل أجهزة التدقيق الإلكتروني وأشعة إكس.
وقد استفاد انتحاري ثان من الذعر الناجم عن الانفجار وسط المسافرين وموظفي المطار، ودخل قاعة الوصول فوق قاعة المغادرة وفجر نفسه هو أيضا. أما الانتحاري الثالث فانتظر خارج المطار وكان آخر من فجر نفسه.
وأعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) جون برينان أمس الأول في واشنطن أن اعتداء إسطنبول يحمل بصمات «داعش»، معربا عن «قلقه الشديد للحيوية الكبيرة اليوم أيضا للآلة الإرهابية التي أوجدها داعش».
وهذا الاعتداء الجديد في إسطنبول، وهو الرابع والأكثر دموية خلال سنة في أكبر مدن البلاد، صدم تركيا، وأدانه عدد كبير من العواصم الأجنبية. وأوضح رئيس الوزراء التركي أن «وجود الموظفين المدربين سيتزايد» في مطارات البلاد. وقتلت القوات التركية السبت الماضي على الحدود السورية شخصين يسود الاعتقاد انهما ينتميان إلى «داعش»، وكان أحدهما يخطط لاعتداء انتحاري في تركيا.
وهاجمت صحيفة «جمهورييت» المعارضة الحكومة أمس وتساءلت «هل سيستقيل أحد؟» وذكرت بأن وزراء قدموا استقالاتهم بعد الاعتداءات في المطار والمترو في مارس.
وتساءل محمد يلمظ كاتب الافتتاحية في صحيفة «حرييت» «إذا لم تكن هناك ثغرات أمنية (كما أكد رئيس الوزراء) فلماذا سقط قتلى؟».
وتذكر طريقة الاعتداء في مطار أتاتورك بالاعتداءات التي استهدفت باريس في نوفمبر 2015 (130 قتيلا) وبروكسل (32 قتيلا).
وأظهرت صور وأشرطة فيديو صادمة بثتها شبكات التواصل الاجتماعي كتلة نار كبيرة على مدخل قاعة الرحلات الدولية ومسافرين غارقين بالدماء.
وشهدت إسطنبول وأنقرة العام الماضي مجموعة من الاعتداءات التي أسفرت عن 260 قتيلا وأوجدت أجواء من الخوف وعدم الأمان. واستهدفت قوات الأمن التركية والأماكن الرمزية، وأدت إلى تراجع السياحة، ونسبت إما إلى «داعش» وإما إلى المتمردين الأكراد.
وقالت صحيفة يني شفق الموالية للحكومة إن المهاجم الروسي من داغستان المجاورة للشيشان التي خاضت فيها موسكو حربين ضد انفصاليين ومتشددين بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في 1991.وقالت صحيفة حرييت إن المهاجم الروسي يدعى عثمان فادينوف وإنه جاء إلى تركيا من الرقة معقل «داعش» في سوريا.
وقال متحدث باسم جهاز مباحث أمن الدولة في قرغيزستان إنه جار التحقق من المعلومات الواردة ولم تدل المصادر الأمنية في أوزبكستان بتعليق على الفور. وفي السنوات الماضية عبر الحدود التركية آلاف المقاتلين الأجانب من عشرات الدول للانضمام إلى «داعش» في سوريا والعراق.
وشددت تركيا إجراءات الأمن على حدودها مع سوريا لكنها منذ وقت طويل تقول إنها تحتاج إلى مزيد من المعلومات من أجهزة المخابرات الأجنبية لاعتراض المقاتلين.
على صعيد آخر، رفضت تركيا أمس ضغوط الاتحاد الأوروبي لتعديل قوانين مكافحة الإرهاب قائلة إن التفجير الانتحاري في مطار إسطنبول يبرر موقفها المتشدد. لكن المسؤولين الأتراك الموجودين في بروكسل لإجراء المزيد من المحادثات حول مسعى أنقرة المستمر منذ عشرات السنين للانضمام للاتحاد قالوا إن التكتل يحتاج إلى تركيا بوزنها الاقتصادي والجغرافي السياسي أكثر من أي وقت مضى بعد خروج بريطانيا.
وكرر الاتحاد الأوروبي الطلب أن تعدل تركيا قوانينها لمكافحة الإرهاب قائلا إنها تحد من حرية التعبير وتسمح بالاعتقال العشوائي للنشطاء. لكن أنقرة لم تبد أي استعداد للاستجابة لذلك.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في مؤتمر صحفي مشترك مع كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء «تركيا اليوم تقاتل ضد الإرهاب».
وأضاف «المطالب الجديدة الموجهة إلى تركيا ستشجع الإرهابيين. ليس بإمكاننا إجراء أي تغييرات في قوانين مكافحة الإرهاب».

الاتحاد