عائشة سلطان
في الصورة التي يظهر فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ونجله ولي عهد دبي سمو الشيخ حمدان بن محمد، وهما يستقلان مترو أنفاق لندن، بدت الصورة في شكلها المجرد غاية في البساطة والعمق، كما أرسلت مجموعة رسائل مباشرة لجميع من يتابعون تحرك رجل سياسة واقتصاد في حجم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وولي عهد شاب بمثل شعبية وجماهيرية سمو الشيخ حمدان، الذي لا يترك مجالاً يهم الناس أو يستقطب الشباب إلا وكان في مقدمة المشاركين والموجودين بعيداً عن التصنع والدعاية.
ولأننا نعيش في الإمارات وننتمي لهذا البلد الطيب، فإننا أكثر من نعرفه ونعرف قيم أهله لأننا جزء من هذه القيم، كما نعرف طباعهم وأخلاقهم والتوجهات التي يتحركون بها والطموحات التي تراود خيالهم، نعرف أنهم بسطاء جداً لا يعرفون التكلف ولا الكبر ولا النظر للآخرين بفوقية أو تعالٍ أياً كان هؤلاء الآخرون، ومهما اختلفوا معهم في المبادئ أو الجزئيات، سواء كانوا مخالفين لهم في الدين أو المذهب أو العرق والانتماء الثقافي والمستوى المادي أو الطبقي، هذا لا يعني أنه لا وجود لطبقات أو لتمظهرات مادية وفوارق ثقافية، لكن نقصد أنه لا وجود لانحيازات وتفضيلات في التعامل أمام القانون أو في تفاصيل التعاملات الحياتية، لا نتحدث عن مدينة ملائكة، لكننا نتحدث عن مجتمع لا يزال يحتفظ بنقاء قيمه الإنسانية بشكل لا تشكيك فيه، إن الذين يصرون على التشكيك لا يريدون أن يروا الشمس في منتصف النهار فلنتركهم في شكوكهم!
إن التواضع واحد من القيم الاجتماعية التي يمارسها الإماراتيون بجميع أطيافهم وشرائحهم العمرية وبتلقائية كاملة، لا تكلف، لا صناعة في السلوك، ولا رغبة في إظهار ذلك أمام الآخرين في «السوشيال ميديا»، صحيح هناك من يتظاهر و«يتفشر» أو يتفاخر بطريقة طفولية على هذه المواقع بما لديهم وبما يملكون، لكننا نتحدث عن التواضع وليس التفاخر، ففي ظني الخاص تبدو ظاهرة استعراض الممتلكات سلوكاً ساذجاً يمكن تفسيره ببساطة ويسيطر على معظم رواد مواقع التواصل المرتكزة في جوهرها على الصورة مثل «إنستغرام» و«السناب شات»، لكن التواضع لا يدخل في هذا التصنيف أبداً!
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وقبله الوالد الكبير الشيخ زايد بن سلطان، غفر الله له، يمثلان في حركتهما الدؤوبة في المحيط المحلي أو الخارجي، نموذجاً حقيقياً للإنسان الإماراتي المتواضع وذي البعد الإنساني الواسع برؤيته للآخر، وتقييمه لدوره في مسيرة الآخرين، وتأثيره الإيجابي في سيرورة البشرية أياً كان نطاقها «المساعدات والمشاريع الإنسانية الممتدة حول العالم»، وعليه فإن تكريس قيمة التواضع هنا ينقل سلوكاً مباشراً بطريق القدوة للشباب من جيل اليوم من أبناء الإمارات.
التواضع قيمة إنسانية كبيرة واجتماعية مهمة، لا يمكن أن تقوم المجتمعات دون الحفاظ عليها وتطبيقها عملياً وبشكل تلقائي ومباشر وجميل.
البيان