استعرضت جمعية الإمارات لحقوق الإنسان ابرز الأسباب التي تؤدي إلى تعرض الأطفال للعنف والجريمة، ومنها إهمال الأسرة، وانشغالها في أمور أخرى غير التربية، مؤكدة على أهمية تخصيص وزارة التريبة والتعليم حصة أسبوعية واحدة على أقل تقدير لتوعية الطلبة ببعض النقاط المهمة التي تجنبهم التعرض للاعتداء أو التحرش، وكيفية التصرف بشأن ذلك، كما شددوا على أهمية تعزيز ثقافة الحوار بين افراد الأسرة وتحديدا بين الأطفال وأولياء الأمور، زيادة على توفير خط ساخن في المدارس للإبلاغ عن أية حالة عنف قد يتعرضون لها اثناء تواجدهم فيها، سواء كانت لفظية أو جسدية أو جنسية.
وشددت على ضرورة التأكد من الحالة الجنائية للقادمين إلى الدولة، سواء بغرض الاستقرار والعمل، أو بنية السياحة، مطالبة الجهات المختصة بإصدار قانون أو تشريع اتحادي يحقق هذا المطلب الذي يسهم في تقليل فرص دخول أصحاب السوابق الإجرامية إلى الدولة، وارتكاب مخالفات وجرائم ربما تكون مميتة، «كجريمة الطفل عبيدة التي أثبتت التحقيقات أن المتهم فيها له سوابق ليست سوية في بلده».
وأوصت في جلسة مفتوحة لأعضائها، عقدتها في مقرها مساء الأربعاء تحت عنوان «الجرائم التي تقع على الأطفال»، بنقل العائلات التي تسكن في مناطق صناعية، إلى أخرى مخصصة للسكن، في خطوة تهدف إلى توفير الحماية والسكينة لأفراد تلك العائلات، وحمايتهم من المضايقات أو الاعتداءات التي ربما تلحق بهم أو بأطفالهم من قبل بعض الفئات العاملة.
وحذرت الجمعية خلال الجلسة التي حضرها خالد الحوسني أمين السر، وجميلة الهاملي المدير العام، وعبيد الشامسي عضو مجلس الإدارة، وعبدالرحمن غانم مدير إدارة التمكين الاجتماعي، وسالم المعمري رئيس قسم العمل والعمال، وعدد من الأعضاء والمهتمين ووسائل الإعلام من أن بعض الدول تصدر بعض أفراد الفئات المساندة إلى بلدان أخرى، خلال فترة قضاء العقوبات الصادرة بحقهم ومنها الإبعاد.
من جانبه قال الحوسني في كلمته الافتتاحية للجلسة: «شهد المجتمع الإماراتي في الفترة الأخيرة زيادة في عدد الجرائم والانتهاكات بحق الأطفال، سواء كان من قبل الأهل، أو الفئات المساندة داخل منازل أسرهم، أو اشخاص من خارج محيط منازلهم، وللأسف الشديد فإن هذا الاعتداء أو العنف وصل حد القتل، والتحرش الجنسي، والاعتداء الوحشي على البراءة والطفولة، وهو تطور خطير يتطلب منا اشعال الأضواء الحمر، وتعليق جرس الإنذار لوضع حد لمثل هذه التجاوزات التي نعدها دخيلة على مجتمع الإمارات بما فيها من عادات وقيم وأخلاق أصيلة تنبذ مثل هذه الجرائم والتجاوزات.
وأضاف: لو بحثنا عن طرف الخيط لأسباب هذه الجرائم والاعتداءات لوجدناه لدى الأسرة التي غابت عنها لغة الحوار والتفاهم والصراحة مع الأبناء، بل إن ثمة أسراً تعاني انعزالية وجفافا وتفككاً بين افرادها الذين انشغلوا بأمور واهتمامات فردية ومادية، وابتعدوا عن فقه التربية والمتابعة للأبناء، وتلبية احتياجاتهم العاطفية قبل المادية.
بدورها، أكدت جميلة الهاملي أن دولة الإمارات سباقة في سن القوانين والتشريعات الحافظة لحقول الطفل، ومنها قانون حماية الطفل (وديمة) بكل ما جاء فيه من تفاصيل ومواد ركزت في مجملها على توفير الحماية للطفل وضمان عيشه في بيئة آمنة من الجرائم والاعتداءات حتى لو كان مصدرها الأهل الذين باتوا في دائرة المساءلة والعقوبة إذا ثبت تورطهم في الإهمال والمضايقات.
وأضافت: وفرت الدولة مراكز عديدة لحماية وإيواء الأطفال، لا سيما مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، وأبواب هذه المراكز والمؤسسات تفتح ابوابها لجميع القاطنين على ارض هذه الدولة بمن فيها المقيمون، ولكن وللأسف فإنه بالرغم من كل هذا الاهتمام بالطفل من حيث ايجاد القوانين والمؤسسات الذي تضمن له ذلك، إلا أننا ما زلنا نشهد جرائم وسلوكيات عنف وتحرش وإهمال تجاهه، وهي آخذة بالتزايد.
من جهته، ذكر المحامي سالم المعمري أن التفكك الأسري وخصوصا الناتج عن طلاق الأبوين، يأتي في مقدمة الأسباب التي تعرض الأطفال للعنف والأذى بشتى انواعه، خصوصا إذا تعمد الآباء والأمهات المنفصلون الانتقام من بعضهم البعض باستخدام سلاح.
وقال إن اعتداء الخادمات على الأطفال بات يشكل ظاهرة في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام ودولة الإمارات بشكل خاص، الأمر الذي يوجب توخي الحذر قبل استقدامهن للعمل في المنازل، والتأكد من أنهم خادمات أو مربيات.
بدوره تطرق المستشار القانوني مشعل التميمي إلى ظاهرة التحرش الجنسي ضد الأطفال في أوروبا، والتي نجم عنها البدء بتثقيف الطفل منذ 50 سنة، ضمن حملة واسعة في المدارس وجميع فئات المجتمع، خاصة في الدول الاسكندنافية، بهدف تعزيز لغة المحاورة، وأكد أن الأسرة هي المسؤول الأول والأخير عن حماية الطفل وتوعيته وتثقيفه بطرق الدفاع عن نفسه من المخاطر الخارجية، وكذا توفير البيئة الآمنة لمعيشته وتربيته.
لفت عبدالرحمن غانم إلى أن إهمال الوالدين للأطفال وانشغالهم عنهم بأمور مادية، منها العمل والسهر والتسوق والسفر، بجانب الاستخدام الخطأ والمفرط لوسائل التكنولوجيا بشكل سليم، وضعف الوازع الديني، والابتعاد عن بعض القيم والعادات، وغياب لغة الحوار بين الطفل وأولياء أمورهم، كلها أسباب وأفعال أسهمت في إذكاء مشكلة العنف الذي يتعرض له الأطفال.
البيان