محمد الحمادي

مَن يعرف التعليم في الإمارات، يدرك أن أساسه التربية والأخلاق، ومَن يقرأ عن تاريخ التعليم وبداياته في هذه المنطقة، يعرف أن «الكتاتيب» التي هي بمثابة المدارس في وقتنا الحالي، و«المطوع»، أي المعلم فيها، يركز على تعليم طلابه الأخلاق، ويعمل على تقويم أخلاقهم، ومن ثم يقدم لهم العلم المتاح في ذلك الوقت، لذا رأينا أجيالاً من أبناء الإمارات تميزت ونجحت، ليس في تعليمها فقط، وإنما أيضاً في أخلاقها وعملها وتصرفاتها التي أثارت انتباه الجميع، وكانت نماذج رائعة في العلم والعمل، وفي العطاء والتضحية.

اليوم، وفي هذا الوقت المهم والحساس جداً بكل تفاصيله الاجتماعية والثقافية، بل والسياسية، يبدو أن وجود مادة للتربية الأخلاقية بات أمراً في غاية الأهمية، خصوصاً في زمن الانفتاح الذي يتطلب من المجتمعات العمل على المحافظة على قيمها الأصيلة حتى لا تضيع في العالم الافتراضي أو العالم الواقعي المفتوح على مصراعيه.
نحن بحاجة في الإمارات لأن نحافظ على القيم التي تربينا عليها، وقد يكون دور الأسرة مهماً، لكنه لا يكفي، فدور المدرسة لا يقل أهمية، لأن تأثير الأبناء والأصدقاء على بعضهم بعضاً كبير جداً، كما أن ساعات بقائهم الطويلة في المدرسة، يجب الاستفادة منها بشكل أكبر.

لقد تربى أفراد مجتمع الإمارات على التعاون، وتعودوا على العطاء، وتميزوا بالتواضع، ويشهد الجميع لهذا المجتمع بالتسامح، وهذه قيم أساسية يجب عدم التفريط فيها في ظل الظروف التي نعيشها، وفي ظل انشغال الأجيال الصغيرة بثورة التكنولوجيا والتواصل، ومخاطبة الأجهزة الصماء طوال الوقت.

كما أن الشعور بالانتماء، والحرص على المحافظة على الممتلكات العامة، والاهتمام بالنظافة، والالتزام بالنظام، كل هذه القيم المادية والمعنوية، مهمة جداً لأي دولة، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في «تغريدته» بمناسبة إطلاق مبادرة التربية الأخلاقية: «القيم الفاضلة أساس راسخ في بناء الأمم ونهضتها ورقي الشعوب وتطورها».

لقد اهتمت قيادة دولة الإمارات ببناء الدولة، ولم تنسَ في الوقت نفسه بناء الإنسان، واليوم أصبح الإنسان بحاجة إلى اهتمام أكبر بعد أن ثبتت أركان الدولة، وبعد أن أصبحت التحديات التي تواجه الإنسان هي الأكثر والأهم، لذا كان من المهم إعطاء العنصر البشري اهتماماً مضاعفاً، وتجلى ذلك في برنامج «الخدمة الوطنية» الذي أطلق قبل عامين، ويستهدف فئة الشباب، واليوم يتجلى في «التربية الأخلاقية» التي تستهدف طلاب المدارس من الفئات العمرية الأصغر.

ومن المهم قبل أن نبدأ بتعليم طلابنا موضوعات «التربية الأخلاقية»، أن يدرك المعلمون والهيئات الإدارية والتدريسية كافة في مدارسنا، أهمية هذه المادة، وأن يتصرفوا مع بعضهم ومع طلابهم بما يتناسب وموضوعات هذه المادة، لا بما يناقضها.

الاتحاد