محمد يوسف
لم أنس ألعاب القوى، فهي «أم الألعاب» كما يسمونها، وهي فعلاً كذلك، مشاهدتها متعة في الأولمبياد، وبلا شك فإن ممارستها أكثر متعة بالنسبة للهواة من الشباب، ولا أتحدث عن الذين »فاتهم قطار العمر« وما عادت أجسامهم تقوى على أداء أدنى المطلوب منها، كل كلامنا وكل أحاديثنا وكل مطالباتنا من أجل الشباب، فهم يستحقون الرعاية والاهتمام.
وكما يحصلون العلم، ويرفعون الرؤوس فخراً واعتزازاً، فإن لبدنهم حقاً عليهم، والإنسان بطبعه محب للرياضة، ابتكر ومنذ الأزل ألعاباً، ودخل في منافسات، وحصد الجوائز على شكل ألقاب وطنية وعطايا وإكراميات، حتى أصبحت ميداليات وكؤوساً وشيكات، وشيدت الساحات والملاعب في الإمبراطوريات السابقة للميلاد، حتى هذا الأولمبياد نعرف جميعاً أنه استعاره من الإغريق.
ولهذا لا تزال الشعلة تقاد وتنطلق من اليونان، ولم تكن كرة القدم أو السلة موجودة في ذلك الزمان، ولكن الرمح كان موجوداً، والفروسية كانت لها مسابقات عدة، والسهم أيضاً، أما الجري فلم يغب أبداً، والعضلات كان لها دور، من رفع أحمال إلى جر عربات إلى تصارع مع منافسين وحيوانات مفترسة، فالقوة كانت مطلوبة، ولها مكانة، منذ أن بدأت المجتمعات تتكون حتى قامت الدول والأمم.
نحن اختصرنا المسافات، وتخلصنا من »صدعة الرأس«، وجعلنا من كرة القدم الرياضة الأولى والوحيدة التي تستحق الاهتمام والرعاية والدعم والتنافس والصراع والحشد الجماهيري، وما مشاركاتنا الحالية سوى تنفيذ لسياسة »نحن هنا«!
واختفت أغلب الرياضات، وأقصد هنا الرياضات الشعبية، وليس الرياضات الترفيهية، رياضات البطولات، وليس رياضات المفاخرة، أقصد رياضة الجري بكل أشكاله، وكان لنا فيها أسماء بارزة، وأقصد »رمي الجلة« والرمح والسهم، وأقصد السباحة بأنواعها، وأيضاً القفز العالي والعريض وبالزانة، وكانت متوافرة في المدارس قبل 30 سنة، وكان لها هواتها، كل هذه الألعاب كان لها هواة يمارسونها، وبعضهم احترفها، فمن أين نأتي بمحترفين بعد أن غيبنا كل الرياضات لصالح كرة القدم؟!
البيان