تجدد التوتر في العلاقات التركية الألمانية، بعد أن نشرت شبكة الإذاعة والتلفزيون الألمانية «إيه.آر.دي» هذا الأسبوع جزءا من تقرير سري للحكومة الألمانية قالت فيه إن تركيا أصبحت «منصة لمجموعات إسلامية في الشرقين الأدنى والأوسط»، وهو ما انتقدته أنقرة، وقالت إن ما ذكرته الحكومة الألمانية بأن تركيا تحولت إلى مركز للجماعات المتشددة يعكس «عقلية مشوهة» تحاول استهداف الرئيس رجب طيب إردوغان.
ونشرت شبكة (إيه.آر.دي) جزءاً من تقرير سري للحكومة الألمانية قالت، إنه أول تقييم رسمي يربط إردوغان والحكومة التركية بدعم جماعات متشددة وإرهابية.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان، «المزاعم دلالة جديدة على عقلية مشوهة تحاول منذ فترة الإضرار ببلادنا عن طريق استهداف رئيسنا وحكومتنا».
وطالبت أنقرة، برلين بتفسيرات، في حين أقرت السلطات الألمانية بارتكاب خطأ. وكانت قناة «ايه آر دي» الألمانية العامة بثت أمس الأول مقاطع من رد صنف «سريا» على سؤال طرحه نواب.
ووصفت الداخلية الألمانية في الرد تركيا بأنها «منصة لمجموعات متشددة في الشرقين الأدنى والأوسط» بسبب دعمها «للإخوان في مصر وحركة حماس ومجموعات مسلحة في سوريا» من دون كشف أسمائها.
ونددت الخارجية التركية في بيانها بسياسة تعتمد «الكيل بمكيالين مصدرها بعض الأوساط السياسية» في ألمانيا.
ونأى المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية يوهانس ديمروث في مؤتمره الصحفي الدوري أمس بنفسه عن موضوع الوثيقة، مؤكدا أن وزارته «لا معلومات» لديها عن الموضوع، وأن الرد تم صوغه «بطريق الخطأ» دون مشاركة وزارة الخارجية. وقال «نحن مقتنعون بشدة بأن تركيا.. هي الشريك الأهم فيما يتصل بمكافحة ما يسمى داعش».
من جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية سوسن شبلي، إن الخارجية «لا توافق» على ما بثته القناة التلفزيونية. وسبق أن اتهمت تركيا بإقامة علاقات ملتبسة مع «داعش»، وبأنها أبدت تضامناً مع حركات متشددة بهدف إسقاط النظام السوري واحتواء طموحات الأكراد.
والعلاقات الألمانية التركية متوترة أصلاً بسبب تبني البرلمان الألماني قرارا اعترف فيه بإبادة الأرمن وتوعد تركيا بوقف تنفيذ اتفاق الحد من تدفق المهاجرين الى أوروبا.
في غضون ذلك، أصدرت تركيا مرسومين بمقتضى حالة الطوارئ يقضيان بفصل أكثر من 2000 من ضباط الشرطة ومئات من أفراد الجيش والعاملين بهيئة تكنولوجيا الاتصالات، رداً على محاولة الانقلاب الفاشلة.
وجاء في المرسومين، أن المفصولين لهم صلات بالداعية فتح الله جولن المقيم بالولايات المتحدة، والذي تتهمه تركيا بأنه مدبر محاولة الانقلاب، وهو ما ينفيه جولن. ونشر المرسومان في الجريدة الرسمية، ويتضمنان أيضا قراراً بإغلاق هيئة تكنولوجيا الاتصالات، وقراراً آخر يعين بمقتضاه رئيس الدولة قائد القوات المسلحة.
وأقالت تركيا بالفعل وفقاً لمراسيم سابقة صدرت بمقتضى حالة الطوارئ آلافاً من قوات الأمن، وأمرت بإغلاق آلاف من المدارس الخاصة والجمعيات الخيرية والمؤسسات الأخرى التي يشتبه بصلتها بجولن.
وشمل قرار الإقالة الأخير 2360 ضابطا بالشرطة وأكثر من 100 من أفراد الجيش و196 من العاملين بهيئة تكنولوجيا الاتصالات. وصدر المرسومان بموجب حالة الطوارئ التي بدأ سريانها في 21 يوليو.
وبدأت تركيا أمس بالإفراج عن 38 ألف شخص غير ضالعين في محاولة الانقلاب لتخفف الضغط عن سجونها المكتظة مع حملة التطهير الواسعة النطاق المستمرة منذ شهر.
وأعلن وزير العدل بكر بوزداغ أمس، أن نحو 38 ألف سجين محكومون بجرائم وقعت قبل الأول من يوليو، أي قبل الانقلاب الفاشل في 15 يوليو، سيشملهم تدبير الإفراج السابق لأوانه تحت المراقبة القضائية.
وأضاف الوزير أن هذا التدبير «ليس عفواً»، بل «يتعلق بالجرائم المرتكبة قبل الأول من يوليو 2016» باستثناء أعمال الإرهاب، وتلك التي تمس بأمن الدولة وتنتهك أسرار الدولة وعمليات القتل وتهريب المخدرات، لكن هذا التدبير يستثني أي شخص سجن لضلوعه في محاولة الانقلاب التي قام بها فصيل من الجيش في 15 يوليو. وحملة التطهير الصارمة المستمرة منذ شهر لاستئصال أنصار جولن في المؤسسات وقطاعات المجتمع أدت إلى سجن نحو35 ألفا أُفرج عن ثلثهم فقط. وقال وزير العدل بعد نشر المرسوم «نتيجة هذا التدبير سيفرج عن نحو 38 ألف شخص من السجن في مرحلة أولى».
ثم لمح في مقابلة تلفزيونية أن 99 ألف شخص في الإجمال يمكن أن يستفيدوا من الإفراج قبل انقضاء مدة محكوميتهم، من أصل 214 ألف سجين. إلى ذلك، قالت صحيفة أوزجور جونديم المؤيدة للأكراد في تركيا، إن الشرطة اعتقلت 24 صحفياً يعملون بها منذ حظرها هذا الأسبوع للاشتباه في دعمها للمقاتلين الأكراد.
وقال اتحاد الصحفيين الأوروبيين، إن الاعتقالات الأخيرة رفعت عدد المعتقلين من العاملين في وسائل الإعلام التركية إلى 99، وهو ما يجعل تركيا أكثر دول العالم سجناً للصحفيين.
ونفى مسؤول حكومي أن تكون الإجراءات التي اتخذت ضد صحيفة أوزجور جونديم مرتبطة بحالة الطوارئ، لكن منظمة دولية تراقب حرية الإعلام قالت إنها جزء من حملة التطهير الواسعة التي يشنها إردوغان عقب محاولة الانقلاب.
الاتحاد