علي أبو الريش
تحاصرنا الأسئلة، وحولنا تدور علامات الاستفهام العملاقة عندما نسمع عن رجل جاء من أقاصي مستنقعات التخلف، حاملاً بيده سكيناً ليطعن امرأة فكرت في الصباح أن تبتاع وردة بحجم قلبها النابض بالحب لطفلها الذي غادر البيت إلى مدرسته، ليعود ويسمع أن أمه ترقد في ثلاجة الموتى في أحد المستشفيات الأوروبية، أسئلة لا تجد إلا جواباً واحداً ألا وهو أن هذا الإرهابي الذي استقبلته هذه الدولة الأوروبية أو تلك وعلمته وأعاشته وأسكنته وأحاطته الرعاية والعناية يكره الجمال، وعلمته العقول الشيطانية كيف يكره الجمال وكيف يلاحقه بسكين الحقد، وكيف يدمر ويرعب، ويشيع الذعر في نفوس الآمنين.
إنه ليس مرضاً نفسياً كما يشاع له بقدر ما هو إعاقة الفقدان، وعقد النقص، وعدم استيعاب شيء اسمه واقع الحرية والانفتاح على الآخر.
ما يفعله الإرهابي هو تنفيذ فكرة جاءت من شعاب وهضاب التخلف، وازدراء الآخر، والحط من شأنه، ولأن الإرهابي لا يملك من ملكات الإبداع فإنه انثنى مثل سلك حديدي صدئ باتجاه القتل وتلويث البيئة الإنسانية بأنفاس رئات ما تعودت على استنشاق الهواء النقي، فوجدت من الصعوبة ما يجعلها تكره أن تعيش وسط مجتمعات نظيفة
ما يفعله الإرهابي مثل ما تفعله خنفساء الروث التي لا تستطيع العيش من دون الأوساخ والقاذورات والمخلفات، فهو تكبر ذاته بكبر حجم ما يرتكبه من جرائم يندى لها الجبين، وهو يتضخم عندما يعد نفسه بصكوك خرافية خيالية سوداوية قديمة قدم الأحافير واللقى الضائعة في تلافيف النسيان، عندما تذهب إلى أحد البلدان الأوروبية تكتشف مدى الخسارة التي تتكبدها الإنسانية كلما أقدم مجرم على فعل مشين، ترتعد له الفرائص، ويقشعر له البدن، وتلوم هذه البلدان كيف استطاعت أن تخدع نفسها بحجة الديمقراطية وتستقبل هذه الميكروبات الملوثة للوجدان الإنساني والمؤذية للحضارة.
وبقدر ما تحترم هذه البلدان وتحب أهلها، فإنك تعتب على من صرح لنفسه ليؤلم شعبه ويخرب بلده بأيدي الماهرين في التخريب والتدمير.
وتخيل لو أن هذه الدول منعت كل ذي سوابق أو مشوه أو ملوث أو من يعاني من إعاقات فكرية وثقافية كيف يصبح العالم مثل بحيرة العشاق في فرنسا على ضفافه لا يجتمع إلا عشاق الجمال ومن في قلوبهم نبض الحياة ودفق الدماء الزكية.. تخيل ذلك وتأسف لما يحصل في هذا العالم من خراب على أيدي كهنة القبح والسماجة.
الاتحاد