أولت دولة الإمارات الوعي الوطني أهمية خاصة للحفاظ على الوطن وأمن أبنائه، وصون المكتسبات والمنجزات، وذلك من خلال تثقيف النشء واستدامة الوعي لدى أبنائها باعتباره سياجاً وحصناً منيعاً ضد أشكال التطرف كافة، وفي وجه الأفكار الدخيلة على المجتمع. وجسّدت توجيهات القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، القدوة في الحرص على التمسك بالهوية والتقاليد والقيم الأصيلة، والحفاظ على شباب الوطن من الأفكار الهدامة.
وأكد تربويون وإعلاميون وبرلمانيون وعلماء دين أن الروح الوطنية العالية التي يتحلى بها أبناء دولة الإمارات اليوم، انعكاس لحالة الوعي الوطني المتنامي، مشيرين إلى أن المبادرات المتلاحقة التي تطلقها الإمارات والخطط الطموحة التي تنتهجها الحكومة وأدت إلى تشكيل ما يمكن أن يطلق عليه «استراتيجية للوعي الوطني»، أتاحت للمواطنين الاستفادة من «العولمة» من دون التأثر بتداعياتها التي تهدد الحضارات والهويات والأوطان.
واعتبروا أن «رؤية الإمارات 2021» آتت أكلها مبكراً في بناء شعب طموح واثق متماسك قوي مثقف متمسك بهويته منفتح على الآخر.
وتحدثوا عن مقومات «الوعي الوطني في الإمارات» بما تمثله من نموذج فريد للتسامح والتعايش والتنوع الثقافي والفكري بين أشخاص من جنسيات مختلفة.
وأشار الدكتور علي راشد النعيمي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات إلى أهمية الوعي في حياة الشعوب وخاصة الشباب كونهم يمثلون جانب القوة في الوطن ووجهه المشرق وحجر الزاوية في بناء النهضة والمحافظة على المكتسبات والإنجازات فهم قادة الغد والمستقبل.
وأوضح أنه كلما ارتفع منسوب هذا الوعي في وجدان أفراد المجتمع رجحت مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية.
ولفت إلى أن أهم مقومات الوعي الوطني الحضاري تكمن في عدة نقاط هي: عمق الإحساس بروح الانتماء للوطن والمناخ الذي يصنع فيه هذا الوعي وترسيخ مبادئ المجتمع في الحقوق والواجبات، إضافة إلى تفعيل دور المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية.
ونوه النعيمي بعمق انتماء الإماراتيين لوطنهم وقيادتهم وأجواء التسامح والتعايش التي تعيشها الدولة إضافة إلى مبدأ سيادة القانون المتأصل والثقة المتبادلة بين المواطن وقيادة الدولة ومؤسساتها المختلفة.
من جانبه تحدث الدكتور علي بن تميم رئيس تحرير «موقع 24» الإخباري عن دور الإعلام في تشكيل الوعي الوطني، معتبراً أن القطاع لا يستطيع أن يشكل وعياً وطنياً بمعزل عن تجليات الواقع الحقيقية.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الوجدان الإماراتي مليء بالقيم والتقاليد التي حصنته من أي تداعيات تمليها العولمة أو غيرها، منفتحاً في الوقت نفسه على قيم العصر وأخلاقيات الحاضر متطلعاً إلى المستقبل.
وشدد على أهمية أن يستمر الإعلام في تعزير منظومة الوعي الوطني يحدوه في ذلك الالتزام لا الإلزام فهو مرآة لا تصنع واقعاً ولا تزيفه بل تعكسه بموضوعية وهذا ما جسده الإعلام طيلة السنوات القليلة الماضية.
ودعا الإعلام بشقيه العام والخاص إلى مواصلة مبادراته المنفتحة على التحولات المجتمعية الخلاقة فيدعم هذا الواقع ويعززه بالثقافة الوطنية وخاصة أن الوعي متجدد ولا يقف عند حدود.
وشدد على أهمية الوعي ودوره في الاستقرار وتعزيز التنوع وقبول الآخر ووضع بذور المستقبل، مضيفاً أنه «لا أدل على ذلك إلا إشارة سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي في أبوظبي إلى أن الوعي يحدد المستقبل».
واعتبر أن موضوعية الإعلام في طرح العديد من القضايا الملحة تصدر عن استراتيجية تكرس مصداقيته، مضيفاً أن الوعي الاستراتيجي من شأنه أن يخلق منظومة أمن ذاتية للمجتمع.
وبشأن تداعيات العولمة ودور الإعلام في تلافيها وأخذ الذي يتناسب مع قيم وتقاليد وثوابت المجتمع.. أوضح ابن تميم «أن الهوية الإماراتية تطورت تطوراً إيجابياً لا إفراط فيه أو تفريط».
وأضاف أن الإعلام الوطني نجح بجعل الهوية طاقة إيجابية تقبل التعددية وتتسامح مع الآخر من دون أن تفقد خصوصيتها الذاتية.
نوه الدكتور علي راشد النعيمي بأن «الوعي الوطني» هو نتاج لرؤية «الإمارات 2021» التي تقوم على بناء «شعـب طموح واثـق متمسـك بتراثه» و«إماراتي واثق مسؤول» في «أسرة متماسكة مزدهرة» و«صلات اجتماعية قوية وحيوية» و«ثقافة غنية ونابضة» وهو ما تعمل القيادة الرشيدة على تعزيزه وترسيخه في الإمارات.
أكد ضرار بالهول الفلاسي مدير عام مؤسسة وطني الإمارات أهمية الوعي الوطني عند الشباب والناشئة في الإمارات، مشيراً إلى أن الدولة نجحت بأن تكون أكثر قرباً منهم مجتمعياً ومؤسسياً وسلحتهم بالأدوات اللازمة لمواجهة التحديات.
واعتبر أن الأهم في ذلك كله نجاح الإمارات في بث الثقة بنفوس أبنائها ودعم الإبداع والابتكار الأمر الذي جعلهم الأقدر على التنمية.
وقال ضرار بالهول إن نشر ثقافة القراءة والاطلاع كان داعماً قوياً للوعي الوطني لأن الكتاب يأخذ الشباب والناشئة في رحلة وطنية ثقافية تعرفهم بوطنهم ومكانته وإنجازاته.
وفي هذا الصدد أشار إلى أن «وطني الإمارات» أصدرت ثمانية إصدارات ومنها، كتاب الهوية الوطنية والمواطنة الصالحة باللغتين العربية والإنجليزية وفن صناعة الكراهية للتحذير من مخاطر الأفكار الظلامية بجانب كتاب التمكين والمشاركة السياسية إضافة لإصدار إيجابيتي وكتاب العمق التاريخي للفكر الاتحادي وسيرة الشيخ سعيد آل مكتوم.
ولفت إلى مسوح ديموغرافية أجرتها المؤسسة للتعرف إلى اتجاهات وآراء الشباب من الجنسين في الفئة العمرية من 18 – 35 عاماً.
وأضاف: كما نفذت مسحاً ديموغرافياً آخر للناشئة الإماراتية من الجنسين للصحة النفسية للفئة العمرية من 13 – 17 فيما عقدت 30 جلسة حوارية تفاعلية تكاملية قيمية تحت مسمى «وطني الإمارات يسمع» وحضرها ألف و135 طالباً وطالبةً من المرحلتين الإعدادية والثانوية.
وأفاد بأن المؤسسة وزعت 122 ألفاً و850 نسخة من الدستور الإماراتي ورؤية 2021 ووثيقة قيم وسلوكيات المواطن الإماراتي وركزت على العمل الميداني والورش التفاعلية في مدارس عدة بمختلف مناطق الدولة.
من جانبه، قال الدكتور أحمد الحداد مدير إدارة الفتوى في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي: الوعي الوطني في الإمارات وخاصة لدى الشباب في تزايد، وعزا ذلك إلى أسباب عدة أهمها: إدراكهم للمخاطر التي تحيط بالبلدان العربية والإسلامية والتي أدت إلى تدمير دول وشعوب.
وأضاف: «إن بلادنا أعز ما نملك ويضحى من أجلها بالنفس والنفيس حتى تبقى شامخة العلم رمزاً للعزة والكرامة ولا سيما قد رأى الشباب ولمسوا ما حاق بالدول الأخرى التي ضحى بها أبناؤها نتيجة عدم إدراك المخاطر المتوقعة أو المحاكة لها فسولت لهم أنفسهم الخروج على ولاة الأمر وسول لهم الشيطان الوصول إلى الحكم ولو كان في ذلك إراقة للدماء أو تدمير البلدان».
وأكد الحداد «أن الشعب الإماراتي لا يؤمن بمثل هذه المظاهر السلبية بسبب حبه العميق والمتبادل لولاة أمره»، واصفا الإماراتيين بأنهم شعب متماسك نسباً وصهراً وقبيلةً وقربىً فلا يمكن أن يعمد أحد إلى قطع صلة الرحم التي أمر الله تعالى بها أن توصل ولا أن يهدر حق أخيه المسلم أو القريب أو حتى المقيم والزائر الذي يعتبر ضيفاً عند جميع أبناء الوطن».
بدوره، اعتبر الشيخ أحمد الشحي مدير عام مؤسسة رأس الخيمة للقرآن الكريم وعلومه، تزايد الوعي الوطني بين المواطنين أمراً طبيعياً لأنه نابع عن قيم المجتمع الإماراتي الأصيل الذي ينهل من تعاليم الإسلام الحنيف الذي يدعو إلى رقي الإنسان ورفعة الوطن.
وقال: إن النصوص القرآنية والنبوية في هذا الباب كثيرة، مشيراً إلى أنها تشتمل على عدة مقومات للوعي الوطني منها الالتفاف حول القيادة والمسارعة إلى تلبية نداء الواجب بالدفاع عن الوطن وحماية حدوده وصيانة منجزاته والمحافظة على الوحدة والتكاتف إضافة إلى تحقيق التعاون والتآزر والاستزادة من التنمية المعرفية والإسهام الفاعل في البناء والعطاء، مؤكداً أنه متى ترسخت هذه المعاني في النفوس زاد وعيها وزادت إسهاماتها في البرامج الوطنية المتنوعة.
ولفت الشحي إلى أن الوعي الوطني مفتاح رقي الشعوب ونهضة الأوطان فالعقول الواعية هي التي تستطيع أن تبني وتبدع وتبتكر.
من جهته، رأى سعيد الرميثي عضو المجلس الوطني الاتحادي أن الوعي يتشكل من الطفولة وينمو ثم يتم تعضيده بالهوية ومكوناتها.
وأضاف أن أحد أسباب الأزمات الكثيرة التي عصفت ببعض بلدان المنطقة هو قلة الوعي الذي ظهر بشكل جلي عند شرائح من هذه المجتمعات ولا سيما الفئات المنغلقة على نفسها.
حضّ الشيخ أحمد الشحي الشباب على أن يكونوا أيضاً فاعلين وسفراء لوطنهم يعطون عنها أفضل الانطباعات ويظهرون للعالم جمال قيمها الوطنية وإسهاماتها الحضارية وتعاليم إسلامها الحنيف.
وركز الشحي على أن الوعي ضرورة دينية وحاجة الإنسان له كحاجته للهواء والغذاء ولذلك جعل الإسلام العقل مناط التكليف واعتبر المحافظة على العقول من الضرورات الخمس الكبرى وحرم تحريماً صريحاً كل ما يضر أو يخل به وجاءت النصوص القرآنية تحث على التفكر والتدبر والتأمل وإعمال العقل والنظر ومدح أولي الألباب وهم أصحاب العقول الراجحة والاستزادة من العلم والنصوص في هذا الباب كثيرة جداً تؤكد كلها أن الوعي ضرورة لا يستغني عنه إنسان.
قال الدكتور علي راشد النعيمي إن خصوصية المجتمع الإماراتي وتطلعاته للمستقبل تطلبت في ظل ظروف العصر الذي نعيشه والتحولات التي يشهدها العالم من حولنا حالة كبيرة من هذا الوعي الوطني تعزز المكتسبات وتعمق الولاء ونبني عليها نجاحاتنا.
وأضاف: أن المبادرات التي انطلقت وتنطلق من الإمارات وضع لبناتها الآباء المؤسسون ونحن نسير على خطاهم ونهجهم وما نفعله اليوم هو مجرد صقل وتنمية لقدرات ومواهب أبنائنا الشباب ومحاولة للحفاظ على فكرهم ووعيهم المنسجم مع المنطق السليم والمتشبث بالهوية والتقاليد الإماراتية رغم انفتاحه على كل الثقافات في عالم يشهد الكثير من المتغيرات المتسارعة في ظل ثورة إلكترونية هائلة.
وأشار النعيمي إلى ثقة القيادة بالشباب الإماراتيين الواعين المدركين قضايا وطنهم والذين أثبتوا أنهم بمستوى التطور الذي تعيشه الدولة من خلال تضحياتهم ووعيهم وولائهم لوطنهم وقيادتهم الرشيدة حاثاً الشباب على دور أكبر في التنمية الوطنية وفق توجهات القيادة.
أشار الدكتور أحمد الحداد إلى أن الشعب الإماراتي متسلح بالإيمان بالله وشريعته السمحة التي حرمت الإفساد في الأرض وجعلت جزاءً أليماً لمن يعيث في الأرض فساداً ومع كل ذلك فهو يعيش في رفاهية وسعادة غامرة مما بذله ولاة الأمر حفظهم الله ووفقهم لخير الوطن والمواطن.
ولفت الحداد إلى «أن الإمارات مع حداثة نشأتها تعيش أوج الازدهار الحضاري والتقني والتكنولوجي والصناعي والعمراني وغير ذلك مما لا يوجد بعضه فضلاً عن كله في كثير من البلاد العربية وغيرها»، مضيفاً: «إن الإماراتيين شيبة وشباناً على درجة عالية من الوعي بهذه النعم الكبيرة التي من الله تعالى بها عليهم فهم مدركون شاكرون لله تعالى ثم لولاة الأمر».
ونوه الحداد بمحبة شعب الإمارات لحكامهم فهم يقدمون بين أيديهم مهجتهم بجانب تمكين مصالحهم وحضورهم في السياسة والشورى والحكم ومفاصل الدولة كأعضاء فاعلين مؤثرين وهذه جميعها وبعض منها يكفي تجعل شعب الإمارات في وعي كامل وإدراك تام لحاضره ومستقبله وذلك من فضل الله عليه زاده الله فضلاً ومنةً ورخاءً.
البيان